مبادرة شبابية لتحويل أنفاق الإسكندرية إلى لوحات غرافيتية مبهجة

شبان من الإسكندرية يرسمون غرافيتي على جدران أنفاق المشاة بالكورنيش
شبان من الإسكندرية يرسمون غرافيتي على جدران أنفاق المشاة بالكورنيش
TT

مبادرة شبابية لتحويل أنفاق الإسكندرية إلى لوحات غرافيتية مبهجة

شبان من الإسكندرية يرسمون غرافيتي على جدران أنفاق المشاة بالكورنيش
شبان من الإسكندرية يرسمون غرافيتي على جدران أنفاق المشاة بالكورنيش

بقدرات فنية مفعمة بالأمل والأحلام، استطاع بعض الشبان الموهوبين، تحويل جدران أنفاق المشاة في مدينة الإسكندرية (شمال القاهرة)، وبعض واجهات البيوت إلى لوحات فنية مبهجة، تسر المارة والزائرين. وعلى الرغم من قلة عددهم، وصغر سنهم، فإنهم قد حققوا الهدف المنشود الذي خططوا له قبل أسابيع قليلة، ورسموا أشكالاً غير تقليدية، وكتبوا عبارات تنموية وحماسية، تهدف للعمل والارتقاء بالنفس البشرية. وأطلق الشبان الموهوبون، على أنفسهم «فناني الشارع»، بعد استخدامهم دهانات بلاستيكية تستطيع تحمّل المطر، اشتروها من نفقتهم الخاصة، وحولوا الجداران المشوهة إلى لوحات فنية مليئة بالألوان والحياة.
قالت آلاء البنا، من أعضاء المبادرة الشبابية، وطالبة بكلية الحقوق، جامعة الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة رسم الغرافيتي على جدران أنفاق الإسكندرية بدأت من خلال تعارف فني، جمع عدداً قليلاً جداً من الشباب الموهوبين وليس المحترفين أو من خريجي كلية الفنون الجميلة. واستلهمنا فكرة تزيين جدران أنفاق الإسكندرية من فن الغرافيتي، الذي انتشر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، بصورة كبيرة جداً، لكن لاحظنا أن معظم الجدران العامة بالإسكندرية مشوهة بألفاظ خارجة وشتائم سياسية غير لائقة، ومن هنا قررنا تقديم شيء يفيد بلدنا».
وأضافت آلاء قائلة: «حاولنا الاستفادة من تنوع اهتماماتنا في الرسم أنا وزملائي الأساسيون في العمل، حيث يجيد زميلي محمد فضة رسم الغرافيتي، بينما أحب أنا الرسم بطريقة المندلة (نوع من الرسم دائري الشكل)، ثم انضم إلينا عضو ثالث في المبادرة، هو محمد عبد المحسن... الشهير بـ(محمد كآبة، ممثل شاب، ورسام)». وأوضحت: «اتفقنا على موعد محدد، لتزيين جدار نفق المشاة بمنطقة كامب شيزار المطل على شاطئ البحر المتوسط مباشرة، بعد شراء المواد الخام اللازمة لعملية الدهان على نفقتنا الخاصة، وحدّدنا نموذج رسم الجدار في البداية على ورقة صغيرة، قبل أن نرسمها على جدار النفق الموازي لمسار طريق الكورنيش والملاصق له، ويزيد ارتفاعه على مترين، بينما يبلغ طوله أكثر من 10 أمتار».
من جانبه، قال محمد فضة، أحد مؤسسي مبادرة تزيين جدران أنفاق الإسكندرية لـ«الشرق الأوسط»: «استغرق العمل في تلوين جدار نفق كامب شيزار، نحو يومين كاملين، وخلال فترة العمل، لم يتم مضايقتنا تماماً، بل كنا نلقى ترحيباً كبيراً من المارة وأصحاب المطاعم والكافتيريات المجاورة، كما لم يمنعنا مسؤولو الأحياء التنفيذيون من استكمال عملنا ورحبوا بنا بعد طمأنتهم بأن هدفنا هو رسم البهجة على وجوه المواطنين وتزيين الجدران فقط».
وأضاف فضة قائلاً: «بعد الانتهاء من نفق منطقة كامب شيزار، شرعنا في رسم جدار نفق منطقة الإبراهيمية، على شاطئ البحر المتوسط أيضاً، وانضم إلينا بعض الشبان والفتيات؛ بهدف مساعدتنا في إنجاز العمل التطوعي». ولفت إلى «أنهم قد نقلوا هذه التجربة من الكورنيش، إلى قلب مدينة الإسكندرية، بعد مطالبة أحد المواطنين لهم بضرورة التواجد في وسط المدينة؛ لأن هذه المدينة الساحلية، وثاني أكبر مدن مصر ليست الكورنيش فقط». وتابع: «استمعنا للنصيحة وتوجهنا إلى منطقة كوم الدكة، ورسمنا جداريات جميلة، كان الهدف منها رسم البهجة في نفوس الإسكندرانية»، موضحاً أنهم «يستخدمون خامات دهان بلاستيكية، لتحمّل ظروف طقس المدينة المطير في فصل الشتاء».
إلى ذلك، أكد محمد عبد المحسن، الشهير بـ«محمد كآبة»، أحد مؤسسي المبادرة «أن الأشكال التي يرسمونها على الجدران العامة، التي وصل عددها إلى 5 جداريات غرافيتية، يُتّفق عليها في البداية بين أعضاء الفريق». مضيفاً أن «بعض جداريات الأنفاق، تحولت إلى محط أنظار الكثير من المواطنين، الذين يفضلون التقاط الصور معها، وبخاصة لوحة رسومات الأحلام وراقصة البالية التي تطير بجناحين، وهي تحاكي أحلام الشباب المتنامية في الفترة الحالية». وتابع: «الغرافيتي المبهج الذي نرسمه حالياً في مختلف شوارع الإسكندرية، يمحو الصورة السلبية عن هذا الفن الراقي، الذي استخدم لفترة طويلة في الدعاية السياسية، هدفنا واضح، إدخال البهجة لنفوس المواطنين، وتزيين شوارعنا». ولفت قائلاً: «أثمرت المبادرة عن انضمام الكثير من طلاب المرحلة الجامعية والثانوية الفنية إلينا، بعدما راقت لهم الفكرة وأحبوها»، موضحاً أن مجموعته تتواصل مع شباب الإسكندرية من خلال عمل دعوات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».