قوات النظام وميليشيات إيران تتجه إلى غرب الفرات

بعد سيطرتها على مدينة البوكمال على الحدود السورية ـ العراقية

TT

قوات النظام وميليشيات إيران تتجه إلى غرب الفرات

بدأت قوات النظام السوري وحلفاؤها عملية عسكرية تستهدف المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش، غرب نهر الفرات، وذلك غداة تثبيت سيطرتهم الكاملة على مدينة البوكمال القريبة من الحدود السورية - العراقية، والواقعة على الضفاف الغربية للفرات.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات النظام «ثبتت سيطرتها النهائية على مدينة البوكمال، بدعم من (حزب الله) اللبناني و(الحرس الثوري) الإيراني و(لواء فاطميون) الأفغاني و(حركة النجباء) العراقية و(حزب الله) العراقي، ومسلحين من جنسيات فلسطينية وسورية»، مشيراً إلى أن «هذه القوات مهدت لدخول البوكمال، بتقدم أحرزته من جهة البادية بموازاة نهر الفرات والقرى المنتشرة على طول الضفة الغربية، بحيث قطعت أكثر من نصف المسافة التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش بين الميادين والبوكمال».
ومع انحسار القوة القتالية للتنظيم، من النظام وحلفائه، تمكنوا من التقدم بشكل سريع، حيث عملت القوات المهاجمة على طرد «داعش» من بلدتي الصالحية والكشمة، والمنطقة الممتدة بينهما التي تضم منطقة الدوير وحقل الورد النفطي، وقسمت المسافة هذه إلى قسمين: أحدهما محاصر، وهو المنطقة الممتدة من غرب الكشمة وصولاً إلى شرق محكان، التي تضم القورية والعشارة وصبيخان؛ والقسم الآخر الممتد من شرق الصالحية إلى منطقة العشاير في البوكمال، الذي يضم 5 بلدات، إضافة لتجمعات سكنية ومزارع ممتدة على طول الضفة الغربية لنهر الفرات في المنطقة نفسها.
كانت قوات النظام والميليشيات الموالية قد بدأت مساء الاثنين هجوماً واسعاً، بغية إنهاء وجود التنظيم بشكل كامل في غرب نهر الفرات، والضفاف الغربية للنهر، حيث لا تزال 8 بلدات تفصل قوات النظام عن فرض سيطرتها على كامل هذه المنطقة. وما يسرع من تقدم القوات المهاجمة الغطاء الجوي الذي وفرته الطائرات الحربية الروسية والسورية، والقصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ ومدافع الهاون.
وكشف «المرصد السوري» أن عمليات السيطرة على مدينة البوكمال، الواقعة في الريف الشرقي لدير الزور، كلفت 235 قتيلاً من قوات النظام والقوى المتحالفة معها والتنظيم خلال 5 أيام من أشرس المعارك التي شهدتها محافظة دير الزور وسوريا.
وقال المرصد إن قوات النظام والمسلحين الموالين لها منيت بخسائر بشرية كبيرة في الأرواح، قدرت بـ 109 قتلى على الأقل، بينهم 44 من الجنسية السورية، و15 من عناصر «حزب الله» اللبناني، أما باقي القتلى فهم من «الحشد الشعبي» العراقي و«الحرس الثوري» الإيراني و«حركة النجباء» و«لواء فاطميون» و«حزب الله» العراقي، من ضمنهم ضابط كبير في الحرس الثوري الإيراني.
ونقل المرصد معلومات وصفها بأنها «مؤكدة»، تحدثت عن «مقتل 30 عنصراً على الأقل من (الحشد الشعبي) العراقي خلال معارك في محيط مدينة البوكمال»، لافتاً إلى توفر معلومات تفيد بأن عناصر آخرين من «الحشد» قتلوا في الاشتباكات ذاتها، مشيراً إلى أن «ما لا يقل عن 95 عنصراً من تنظيم داعش قتلوا في معارك معركة مدينة البوكمال ومحيطها، من جنسيات سورية وغير سورية».
من جهة ثانية، دارت اشتباكات عنيفة أمس، عند أطراف قرية الجرذي الغربية، بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، حيث تحاول قوات «عاصفة الجزيرة» السيطرة على القرية، وتحقيق مزيد من التقدم على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.
واستعجل قائد فيلق القدس» في «الحرس الثوري الايراني» قاسم سليماني اعلان «الانتصار» على «داعش» في سوريا والعراق، قبل اعلان موسكو التي توفر الغطاء الجوي لميلشيات ايران وقوات النظام شرق سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.