حكومة الثني تلاحق المتعاونين مع السراج... وبرلمان طبرق يؤجل اجتماعه الحاسم

غوتيريش يعبر عن صدمته إزاء تقارير تظهر بيع مهاجرين أفارقة في ليبيا

TT

حكومة الثني تلاحق المتعاونين مع السراج... وبرلمان طبرق يؤجل اجتماعه الحاسم

سعى مجلس النواب الليبي أمس إلى احتواء أزمة منع طائرة تابعة للأمم المتحدة، كانت تقل أعضاء في المجلس قادمين من العاصمة طرابلس لحضور جلسة حاسمة للمجلس، من الهبوط في مطار مدينة طبرق، التي يتخذها البرلمان المعترف به دوليا مقرا له، وأمر عقيلة صالح رئيس البرلمان، الذي استنكر منع الطائرة من الهبوط، بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عنها، كما أمر باستدعاء رئيس هيئة المواصلات والطيران المدني.
وكان مقررا أن يعقد المجلس أمس بحضور أعضائه القادمين من طرابلس، جلسة حاسمة للتصويت على مقترحات تقضي بتعديل الاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين، وفقا لخطة طرحتها الأمم المتحدة.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس إنه تم تأجيل الجلسة إلى الغد (اليوم الثلاثاء) لتمكين النواب من الحضور لمدينة طبرق.
ومنعت إدارة مطار طبرق الدولي مساء أول من أمس هبوط طائرة تحمل شعار الأمم المتحدة وتابعة لها، كان على متنها 30 نائبا، دون أسباب معلنة، لكن أعضاء في البرلمان كانوا بين الركاب قالوا إن «أوامر عليا» (على حسب وصفهم) حالت دون هبوط الطائرة، قبل جلسة فاصلة للبرلمان، يتوقع أن تشهد تصويتا على مقترحات لتعديل اتفاق الصخيرات، فيما قال أحد النواب «لقد تم منعنا لأسباب أمنية لم توضحها إدارة المطار، وقد صدرت أوامر عليا فعادت الطائرة مجددا إلى طرابلس».
وعقب شكوى تقدم بها النواب الثلاثون إلى رئيس البرلمان أمر رئيسه عقيلة صالح، بالسماح للطائرة بالهبوط، والتحقيق ومعاقبة المسؤولين عن منعها.
وقال المستشار الإعلامي لصالح إنه «أمر بعودة الطائرة بعد أن اضطر طاقمها للعودة إلى مطار معيتيقة في طرابلس، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد كل مخالف لذلك».
إلى ذلك، أعلنت الحكومة المؤقتة الموالية للبرلمان، التي يرأسها عبد الله الثني، أنها شرعت في إعداد قوائم للمتعاونين مع حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في طرابلس وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وعقدت لجنة كلفها الثني مؤخرا بمحاسبة المتعاونين مع حكومة السراج المنافسة، اجتماعا أمس بهذا الخصوص داخل مقر الحكومة في مدينة البيضاء، وقال الناطق باسم حكومة الثني إن اللجنة مخولة باتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المتعاونين مع حكومة السراج، سواء بالإيقاف عن العمل، أو الإحالة للنيابة العامة، مشيرا إلى أن اللجنة بدأت بالفعل في إعداد قوائم بأسماء المستهدفين بالتحقيق، من خلال التنسيق مع الجهات الأمنية والجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وأمر الثني حكومته باعتقال المسؤولين المحليين، الذين يثبت تعاملهم مع حكومة غريمه السراج، بعدما زار عدد من رؤساء البلديات في المناطق الشرقية، الخاضعة لسيطرة حكومة الثني، العاصمة طرابلس للقاء السراج.
إلى ذلك، سعى أمس اللواء نجمي الناكوع، آمر الحرس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق الوطني، إلى التدخل لإطلاق سراح أربعة أجانب، من بينهم 3 أتراك، اختطفوا الأسبوع الماضي بينما كانوا في طريقهم لمحطة كهرباء يعملون بها في بلدية أوباري جنوبي العاصمة طرابلس.
وزار الناكوع أمس رفقة رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء مدينة غات لبحث قضية المختطفين الأجانب. وبحسب ما أعلنه عضو بمجلس غات البلدي، لم يتم حتى الآن الإفصاح عن مكان المختطفين أو هوية الخاطفين، مشيرا إلى أن أربعة مسلحين تم اعتقالهم مؤخرا على خلفية الواقعة، لكن لم يقدموا للسلطات المحلية أي معلومات مفيدة.
وغادر جميع العمال الأجانب العاملين بمحطة أوباري للكهرباء جنوب ليبيا، التابعين لشركة «إنكا تكنيك» التركية، بعدما فشلت حكومة السراج في إقناعهم بالبقاء والاستمرار في أعمالهم، عقب مرور أكثر من أسبوعين، على واقعة اختطاف الأجانب الأربعة.
من جهة ثانية، نفى مجلس تاورغاء البلدي ما تردد عن استعداد سكانه تقديم اللجوء الإنساني إلى النرويج وألمانيا، وقال في بيان له إن «ما يتداول عبر وسائل الإعلام حول استعداد عدد من أهالي تاورغاء المتواجدين في تونس للرحيل إلى النرويج وألمانيا بهدف تقديم اللجوء الإنساني، غير صحيح على الإطلاق».
في غضون ذلك، من المنتظر أن تكون فرنسا أول دولة تستقبل المهاجرين الأفارقة الذين أجلتهم المفوضية العليا للاجئين التابعة الأمم المتحدة من ليبيا إلى النيجر، بحسب ما أعلن مسؤولون فرنسيون. وقالت «الداخلية» الفرنسية إن اللاجئين البالغ عددهم 25. بينهم 15 امرأة وأربعة أطفال، سيصلون إلى فرنسا «مطلع العام المقبل على أبعد تقدير».
وفي سياق متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن صدمته إزاء التقارير الإخبارية ومقاطع الفيديو التي تظهر ما يبدو أنه بيع لمهاجرين أفارقة في ليبيا.
ودعا غوتيريش في مؤتمر صحافي مقتضب بمقر الأمم المتحدة أمس «جميع السلطات القادرة على التحقيق في هذه الأنشطة من دون تأخير وتقديم مرتكبيها إلى العدالة»، مضيفا أنه «لا يوجد مكان للعبودية في عالمنا، وهذه الأعمال من بين أكثر انتهاكات حقوق الإنسان فظاعة، وقد تصل إلى درجة الجرائم ضد الإنسانية»، داعيا كل الدول إلى اعتماد وتطبيق معاهدة الأمم المتحدة المناهضة للجريمة المنظمة العابرة للدول والبروتوكول الملحق بها المتعلق بالاتجار بالبشر، والاتحاد في محاربة هذه الآفة.
وأضاف غوتيريش أن هذا الوضع يعد تنبيها بالحاجة لمعالجة تدفقات الهجرة بشكل شامل وإنساني، عبر التعاون التنموي الذي يهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، وزيادة فرص الهجرة القانونية وتعزيز التعاون الدولي للتصدي للمهربين والمتاجرين بالبشر، وحماية حقوق الضحايا.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.