نجاح «ائتلاف جمايكا» يحدّد مستقبل ميركل السياسي

المحاولة الأخيرة لتشكيل حكومة وتجنب انتخابات مبكرة

ميركل لدى توجّهها إلى مفاوضات حزبية لتشكيل ائتلاف حكومي في برلين أمس (أ.ب)
ميركل لدى توجّهها إلى مفاوضات حزبية لتشكيل ائتلاف حكومي في برلين أمس (أ.ب)
TT

نجاح «ائتلاف جمايكا» يحدّد مستقبل ميركل السياسي

ميركل لدى توجّهها إلى مفاوضات حزبية لتشكيل ائتلاف حكومي في برلين أمس (أ.ب)
ميركل لدى توجّهها إلى مفاوضات حزبية لتشكيل ائتلاف حكومي في برلين أمس (أ.ب)

قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حتى وقت متأخر، أمس، بمحاولة أخيرة لتشكيل حكومة وتجنيب بلادها وأوروبا مرحلة اضطراب قد تعني نهاية حياتها السياسية أيضاً. وبدأت صباح أمس المفاوضات بين معسكرها المحافظ (الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي) والليبراليين من الحزب الديمقراطي الحرّ والخضر، سعياً للتوصّل إلى توافق كافٍ لتشكيل ائتلاف حكومي. ويُطلق على الائتلاف المحتمل اسم «ائتلاف جامايكا»، لتشابه ألوان تلك الأحزاب مع ألوان علم جامايكا.
وقال رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي، هورست سيهوفر، لدى وصوله إلى الاجتماع «اليوم (أمس) هو الأخير للمفاوضات، يجب أن نحسم»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. واعتبر أحد قادة حزب الخضر، جيم أوزديمير، «كنا لا نزال حتى الآن نمارس لعبة التمديد، أما الآن فنحن أمام الفرصة الأخيرة».
وكانت ميركل التي تنتمي إلى الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وتحكم ألمانيا منذ 12 عاماً، فازت في الانتخابات التشريعية الألمانية التي أجريت في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن نتيجة الاقتراع كانت الأسوأ التي يسجلها المحافظون منذ 1949، بسبب تقدم اليمين المتطرف الممثل بحزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يستفيد من استياء جزء من الرأي العام من وصول أكثر من مليون طالب لجوء إلى ألمانيا.
لهذا السبب، تواجه ميركل صعوبة في التوصل إلى أغلبية في مجلس النواب، بعدما قرر الاشتراكيون الديمقراطيون ألا يواصلوا الحكم معها بعد هزيمتهم في الانتخابات. وتجري ميركل منذ أكثر من شهر مفاوضات شاقة جداً بهدف تشكيل تحالف مع الحزب الليبرالي الديمقراطي ودعاة حماية البيئة (الخضر)، وهو تحالف لم يختبر في ألمانيا من قبل.
وكانت مهلة أولى انتهت مساء الخميس، من دون التوصل إلى أي نتيجة. والقضايا الخلافية كثيرة، وتشمل سياسة الهجرة والبيئة والأولويات الضريبية وأوروبا.
وفي حال لم يتم التوصل إلى نتيجة، يفترض أن تعود ألمانيا إلى صناديق الاقتراع مطلع 2018. وفي هذه الحالة، ستجري الانتخابات من دون أن تكون ميركل على رأس الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لذلك يبدو مصيرها مرتبطاً بنجاح المشاورات التي تجريها حالياً.
وقال الخبير السياسي في جامعة بون فرانك ديكير، لقناة البرلمان الألماني التلفزيونية «فينيكس»، إن «من مصلحة ميركل تشكيل حكومة، لأن أي فشل سيعني أيضا انتهاءها» سياسياً.
وضعفت ميركل إلى حد كبير داخل معسكرها المحافظ منذ أدائها السيئ في الانتخابات التشريعية الأخيرة. بموقفها الوسطي وقرارها فتح حدود البلاد في 2015 أمام مئات الآلاف من المهاجرين، ما زالت ميركل تثير جدلاً داخل حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحليفه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي يطالب بتحول إلى اليمين. وكتبت صحيفة «بيلد» الأوسع انتشاراً في ألمانيا أن «تحالف المستشارة على المحك في نهاية هذا الأسبوع»، مشيرة إلى أنه «في حال أخفقت، يمكن أن تدخل في مرحلة اضطراب بسرعة».
وكشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة «دي فيلت» نتائجه أمس أن 61.4 في المائة من الألمان يعتقدون أنها لا تستطيع أن تبقى في منصبها في حال أخفقت في مفاوضاتها لتشكيل ائتلاف حكومي. وتشكّل سياسة الهجرة في ألمانيا العقبة الرئيسية للمفاوضات، وتعتبر موضوعاً خلافياً رئيسياً منذ وصول عدد هائل من طالبي اللجوء إلى البلاد. ويريد المدافعون عن البيئة أن يتمكّن كل الأجانب الذين يتمتعون بـ«وضع اللاجئين»، من لمّ شمل العائلات. حالياً، لا يستفيد من ذلك إلا البعض. لكن الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الحرّ يرفضان ذلك بشدة.
وقال أحد قادة الاتحاد الاجتماعي المسيحي، ألكسندر دوبريندت، إن «القضية تتعلق بمعرفة ما إذا كنا نريد تشجيع صعود أكبر لليمين المتطرف في بلدنا». ويرى «الخضر» أن التمييز الحاصل «غير إنساني»، لأن اللاجئين السوريين الذين هربوا من الحرب الأهلية لا يمكنهم الاستفادة من ذلك.
وفي حال الفشل، ستبدأ مرحلة غموض سياسي كبير في ألمانيا وأوروبا، حيث ينتظر شركاء برلين لمعرفة من سيعمل معهم على مشاريع إنعاش الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، التي تناقش منذ أسابيع. وسأل أوزديمير أمس: «أوروبا لم تخرج من الأزمة، والسؤال الذي يطرح: هل سنسمح للرئيس (الفرنسي) إيمانويل ماكرون بتولي إطفاء الحرائق لوحده لأن ألمانيا ستكون مشلولة؟».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».