عودة الحريري إلى بيروت تطرح التعاطي مع أسباب استقالته

مصدر مقرب منه لـ «الشرق الأوسط»: الكرة في ملعب «حزب الله»

TT

عودة الحريري إلى بيروت تطرح التعاطي مع أسباب استقالته

يتحضر لبنان الرسمي للتعامل مع أسباب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري بعدما تم التركيز طوال الفترة الماضية على شكلها. فمع إعلانه من الإليزيه أنه سيشارك في احتفال ذكرى الاستقلال في بيروت، انتقل المسؤولون اللبنانيون للبحث في السيناريوهات المقبلة.
وكان الحريري، وفور وصوله أمس إلى العاصمة الفرنسية قادماً من الرياض، أجرى سلسلة اتصالات هاتفية بكل من الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. كما تلقى اتصالات من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وأعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية أن عون تلقى اتصالاً هاتفياً من الحريري بعد وصوله إلى باريس مع زوجته، موضحة أن الأخير أفاد بأنّه سيحضر إلى لبنان للمشاركة في الاحتفال بعيد الاستقلال، ولا سيما العرض العسكري الذي سيقام للمناسبة الأربعاء المقبل.
كذلك تلقى عون اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبيل وصول الحريري إلى قصر الإليزيه. وأشار بيان صادر عن قصر بعبدا إلى أن الرئيسين تداولا في التطورات الأخيرة، لافتاً إلى أن عون شكر نظيره الفرنسي على «الاهتمام الذي يبديه تجاه لبنان، ولا سيما الدور الذي لعبه في معالجة الوضع الذي نشأ بعد إعلان الرئيس الحريري استقالته وما رافق ذلك من ملابسات».
وقال مصدر مقرب من الحريري لـ«الشرق الأوسط» إنه «في حال تمت مراعاة شروط الاستقالة سيعود عنها، أما في حال العكس، فهو سيتمسك بها من منطلق أنّه غير مستعد لتعريض الأمن السياسي والاقتصادي والدولة اللبنانية لأي خطر»، موضحاً أن هذه الشروط مرتبطة بـ«تصرف حزب الله لجهة تقديم ما هو مطلوب منه وطنياً، وبالتحديد بموضوع الحياد الإيجابي. عندها فقط ينتفي سبب الاستقالة. أما إذا لم تكن هناك استجابة من الحزب للصدمة الإيجابية التي أطلقها الرئيس الحريري سيتوجه إلى بعبدا لتقديم الاستقالة خطياً لرئيس الجمهورية». وشدد المصدر على أن «الكرة الآن في ملعب حزب الله، أما أولويات الرئيس الحريري فواضحة ومعروفة، وأهمها الاستقرار الداخلي، وبحث كل الأمور في إطار الحفاظ على استقرار لبنان وسلمه الأهلي وعلاقاته الطيبة مع العرب والعالم».
من جهته، رجّح القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش أن يكون الرئيس الحريري ذاهباً بالاستقالة إلى النهاية، لافتاً إلى أن «كل المعطيات تدل أن لا الرئيس عون ولا باقي القوى السياسية فهمت الرسالة من هذه الاستقالة». وأوضح علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «لا يطلب شيئاً من حزب الله لأنه يعلم أن قراره في إيران، لذلك يتوجه إلى عون لحثه على حماية لبنان من أذى الحزب ومن الجو العاصف في المنطقة». وأضاف: «في حال عاد عون ليكون ضامناً حقيقياً للدستور وللسيادة اللبنانية فعندها تبقى التسوية التي أتت به رئيساً قائمة، ولا داعي لصياغة تسوية جديدة».
وشدد النائب عن «القوات اللبنانية» فادي كرم أمس على وجوب أن «ترتكز التسوية الجديدة بشكل أساسي على اتباع سياسة النأي بالنفس لإراحة الداخل والخارج، على أن يتم البحث بعد ذلك في الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله»، مؤكداً أن حزبه سيسمي الحريري مرة أخرى في أي استشارات ملزمة قد تحصل لاحقاً.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.