تزايد الاستيطان في الخليل ينذر بتصاعد المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية

نتنياهو اعتبره حقاً تاريخياً عريقاً... والسلطة: عقلية استعمارية مرفوضة

TT

تزايد الاستيطان في الخليل ينذر بتصاعد المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية

يتخذ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في الخليل، أحد أقدم مدن جنوب الضفة الغربية، أشكالاً قومية ودينية، وتاريخية أيضاً، وهو صراع يتصاعد يوماً بعد يوم، ويتخذ أشكالاً عديدة.
وتنفرد المدينة، التي تعد أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، عن غيرها من المدن بتقسيمات فريدة، ووجود استيطاني مغاير، ما يحول الصراع فيها إلى صراع بقاء أكثر منه صراعاً سياسياً. فالفلسطينيون من جهتهم يصرون على البقاء في المدينة لأنهم يعتبرونها مقدسة بسبب المسجد الإبراهيمي، فيما يصر الإسرائيليون على احتلالها بسبب الحرم، الذي يسمى عند اليهود «مغارة المكفيلا»، حيث مقام إبراهيم وأولاده المذكورين في جميع الأديان.
وعلى مدار الأعوام الماضية كانت المدينة مركز صراع كبير بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتصاعدت هذه المواجهة خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً بعد الدعم الكبير الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمستوطنين في مدينة الخليل، عندما قال إن «استيطانهم هناك مبني على حق تاريخي عريق».
وأضاف نتنياهو مشدداً على أن «الخليل مدينة الأجداد، والمدينة التي بدأت فيها الملكية اليهودية... والاستيطان اليهودي فيها مبني على حق تاريخي عريق، وعلى قرارات حكومية واتفاقيات دولية معاصرة»، مبرزاً أن «الشعب الإسرائيلي يدعم مواصلة الاستيطان في الخليل... وسنستمر في البناء».
وتقيم إسرائيل أحزمة استيطانية حول مدنية الخليل، بينها مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني، الذي تصر على أن يبقى ضمن حدود إسرائيل في المستقبل، فيما تتمسك بالبناء داخل البلدة القديمة باعتبارها أرض الآباء.
ويعيش في قلب الخليل نحو 500 مستوطن فقط، يقيمون داخل مستعمرات «بيت إبراهيم» و«بيت هداسا»، و«بيت رومانو» و«تل رميدا»، يحرسهم نحو ألف جندي من لواء «جفعاتي»، ويحتلون البلدة القديمة التي طالما كانت توصف بقلب ورئة «عاصمة الاقتصاد». لكنها تحولت اليوم إلى مدينة أشباح، بعد أن هجرها معظم أهلها الذين كان يصل عددهم إلى نحو 40 ألفاً، بينما يتعرض الآخرون إلى حرب مستمرة من أجل طردهم من المكان.
وتتحول هذه الحرب إلى شرسة ومميتة في كثير من الأوقات، خصوصاً مع اندلاع المواجهات.
فخلال الأعوام القليلة الماضية أعدم الجنود الإسرائيليون عدداً كبيراً من الشبان الفلسطينيين على الحواجز التي وجدت لحماية هؤلاء المستوطنين، فيما يطغى الوجود الاستيطاني هناك على أي محاولات فلسطينية لإحياء المنطقة.
وخلال السنوات الماضية حاولت السلطة دعم صمود الفلسطينيين في المنطقة، عبر إرسال آخرين للعيش هناك، لكن الحياة الصعبة والمعقدة الذي يفرضها واقع أكثر تعقيداً جعل مهمة السلطة معقدة للغاية، خصوصاً أنها ترفض أي وجود استيطاني في الخليل وتعده غير شرعي.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين قبل أيام تصريحات نتنياهو، التي تدعم الاستيطان والمستوطنين في الخليل، والتي تذرع فيها بمبررات وحجج واهية تعكس عقليته الاستعمارية، وذلك خلال لقاء جمعه بعدد من قادة المستوطنين في الخليل.
وأكدت الخارجية أن ما يقوم به الاحتلال من استيطان وتوسع على حساب الأرض الفلسطينية، يصب في إطار مخطط استعماري استيطاني شامل، يهدف إلى تهويد وضم المناطق المصنفة (ج)، التي تشكل غالبية أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما يؤدي إلى إغلاق الباب نهائياً أمام إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة.
وقالت الخارجية إن أقوال وأفعال نتنياهو وحكومته «دليل واضح على عجز المجتمع الدولي وتخليه عن تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه جرائم الاحتلال، وانتهاكاته الخطيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقات جنيف والاتفاقات الموقعة، كما يعكس هذا التصعيد الاستعماري التوسعي المتواصل، استهتاراً إسرائيلياً رسمياً بالجهود المبذولة لاستئناف عملية السلام، ويعكس أيضا شعوراً إسرائيلياً بأن الوقت الراهن ملائم لتنفيذ عشرات المخططات الاستيطانية بعيداً عن أي ردود فعل دولية رادعة أو ضاغطة».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.