الداخلية المصرية تكشف عن تورط ليبي في حادث «الواحات» الإرهابي

قالت إنه خطط برفقة أعضاء الخلية {لإقامة معسكرات واستهداف كنائس}

الليبي المتورط بحادث الواحات («الشرق الأوسط»)
الليبي المتورط بحادث الواحات («الشرق الأوسط»)
TT

الداخلية المصرية تكشف عن تورط ليبي في حادث «الواحات» الإرهابي

الليبي المتورط بحادث الواحات («الشرق الأوسط»)
الليبي المتورط بحادث الواحات («الشرق الأوسط»)

كشفت وزارة الداخلية المصرية، أمس، عن معلومات جديدة عن حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقالت الداخلية إنه يدعى عبد الرحيم عبد الله، ليبي الجنسية، ومقيم في مدينة درنة الليبية... وخطط برفقة آخرين لـ«إقامة معسكرات للإرهابيين بالواحات واستهداف كنائس».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد صرح قبل عدة أيام على هامش «منتدى الشباب» بشرم الشيخ، بأن البؤرة التي قامت بعملية الواحات، «تمت تصفيتها بالكامل عدا واحد، وقبضنا عليه حياً وهو غير مصري... سنعلن اعترافاته وجنسيته في وقت لاحق».
وأضاف السيسي أنه «خلال العام الماضي وقعت هجمات في هذه المنطقة (أي الواحات) وكان لا بد من تصفية أي وجود حتى لا يُبنى عليه مزيد من البؤر الإرهابية».
وقالت الداخلية في بيان لها، أمس، إنه استكمالاً لجهود الوزارة والقوات المسلحة في مجال ملاحقة العناصر الإرهابية الهاربة المتورطة في المواجهات مع القوات الشرطية بالمنطقة الصحراوية المتاخمة لطريق أكتوبر - الواحات، وتوجيه ضربة قاصمة لأحد مواقع تمركزهم بالمنطقة الصحراوية المشار إليها، نهاية أكتوبر، أسفرت عن مقتل جميع تلك العناصر، وعددهم 15 عنصراً، وهروب آخر وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة «مدفع مضاد للطائرات، وسلاح متعدد خاص بالمدرعات، وقذائف (آر بي جي)، ورشاشات وبنادق آلية، وقنابل».
وتم تتبع خطوط سير العنصر الهارب باستخدام الأساليب التقنية الحديثة، حيث أمكن ضبطه، وتبين أنه ليبي. وأعلنت قوات الأمن المصرية في وقت سابق، أسر أحد العناصر الإرهابية، المتورطة في حادث الواحات، وتحرير النقيب محمد الحايس، بعد عملية عسكرية ناجحة، استهدفت عشرات الإرهابيين.
وتعود الواقعة، التي قتل فيها 16 شرطياً مصرياً، وأصيب 13 آخرون، واختطف آخر برتبة «نقيب»، إلى خروج مأموريتين للشرطة باتجاه موقع «الكيلو 135» بمنطقة الواحات البحرية (جنوب الجيزة)، بعد معلومات أشارت إلى اختفاء متشددين فيه، قالت الشرطة إنهم «يعدون لارتكاب مجموعة من العمليات داخل المحافظات».
وأكدت الداخلية، أمس، أن عمليات البحث والتحري كشفت عن الأبعاد التنظيمية لتحرك عناصر البؤرة المشار إليها، إذ بدأوا تكوينها بمدينة درنة الليبية بقيادة الإرهابي المصري عماد الدين أحمد (الذي لقي مصرعه في القصف الجوى للبؤرة) وتلقيهم تدريبات بمعسكرات داخل الأراضي الليبية على استخدام الأسلحة الثقيلة وتصنيع المتفجرات، وقيامهم بالتسلل للبلاد لتأسيس معسكر تدريبي بالمنطقة الصحراوية بالواحات نواةً لتنظيم إرهابي، تمهيداً لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية الوشيكة تجاه دور العبادة المسيحية وبعض المنشآت الحيوية في إطار مخططهم لزعزعة الاستقرار بالبلاد.
وشكَّلَت الصحراء الغربية خلال الأيام الماضية مصدر إزعاج للأمن المصري لكونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت لمسلحين ينتمون إلى جماعات إرهابية بالعبور إلى مصر واستخدام الصحراء في الإعداد لهجمات إرهابية.
وأكد السيسي في تصريحات سابقة، أن «هناك جهداً كبيراً يُبذَل في المنطقة الغربية على امتداد 1200 كيلومتر من السلوم حتى السودان، وتتم مراقبة المنطقة بالتعاون مع القوات الجوية».
وأعلن الرئيس المصري حينها تدمير أكثر من 1200 عربة كانت متجهة لمصر للقيام بعمليات إرهابية. وأكدت وزارة الداخلية أن «معلومات قطاع الأمن الوطني أشارت إلى اضطلاع عناصر هذه البؤرة باستقطاب 29 من العناصر التي تعتنق الأفكار التكفيرية بمحافظتي الجيزة والقليوبية تمهيداً لإلحاق بعضهم ضمن عناصر هذا التنظيم، وتولى البعض الآخر تدبير ونقل الدعم اللوجيستي لموقع تمركزهم بالمنطقة الصحراوية، حيث أمكن ضبطهم جميعاً عقب تتبع خطوط سيرهم وتحديد أوكار اختبائهم».
في غضون ذلك، استضاف، مساء أمس (الخميس)، الإعلامي عماد الدين أديب، خلال برنامج «انفراد» على فضائية «الحياة» الخاصة، الإرهابي الليبي... وتحدث عن أسرار التنظيمات الإرهابية.
إلى ذلك، أعلن العقيد تامر الرفاعي، المتحدث العسكري للقوات المسلحة، مقتل 3 عناصر تكفيرية شديدة الخطورة، وتوقيف 74 آخرين مشتبه بهم في دعم العناصر التكفيرية، موضحاً أنه «تم تدمير 5 عربة دفع رباعي، و4 مخازن لتصنيع العبوات الناسفة، كما تم ضبط عربة نقل مخبّأ بداخلها كمية من قطع غيار الدراجات النارية والمواد التي تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.