ميركل تخوض محادثات صعبة لتشكيل حكومة ائتلافية

مخاوف من الدعوة لانتخابات مبكرة تعزز «البديل لألمانيا»

المستشارة الألمانية لدى وصولها إلى مقر البرلمان في برلين أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية لدى وصولها إلى مقر البرلمان في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

ميركل تخوض محادثات صعبة لتشكيل حكومة ائتلافية

المستشارة الألمانية لدى وصولها إلى مقر البرلمان في برلين أمس (إ.ب.أ)
المستشارة الألمانية لدى وصولها إلى مقر البرلمان في برلين أمس (إ.ب.أ)

حذّرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من وجود «خلافات جدية» بين الأحزاب التي تأمل في تشكيل الحكومة الألمانية المقبلة، لكنها أعربت عن الأمل في أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل ساعات على انتهاء مهلة المشاورات وتجنب الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وقالت ميركل للصحافيين: «لدينا مواقف مختلفة جدا» حيال بعض السياسات، لكنها تابعت: «أعتقد أننا يمكن أن نتجاوزها»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
وبعد أسابيع من مباحثات استكشافية لم تخل من خلافات، أجرى تكتل «المسيحيين الديمقراطيين»، و«الاتحاد المسيحي الاجتماعي»، والحزب الديمقراطي الحر، وحزب الخضر اليساري الميول، يوما آخر من المشاورات أمس قبل الإعلان عما إذا توصلوا إلى أرضية مشترك لبدء محادثات ائتلاف رسمية.
والتقت الأحزاب التي تختلف على كل شيء، بدءا من اللاجئين إلى حماية المناخ وإصلاح الاتحاد الأوروبي، بعد انتخابات سبتمبر (أيلول) غير الحاسمة التي أضعفت ميركل بدرجة كبيرة، فيما جذب حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف ملايين الناخبين.
والرهانات مرتفعة، خصوصا بالنسبة إلى ميركل الساعية إلى ولاية رابعة التي حددت أمس مهلة للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى تشكيل حكومة جديدة بحلول عيد الميلاد.
والائتلاف المحتمل الذي أطلق عليه «ائتلاف جامايكا» لتشابه ألوان تلك الأحزاب مع ألوان علم جامايكا، لم يتم اختباره بعد على المستوى الوطني، كما أن مدى استقرار حكومة كتلك غير معروف.
ويتوقع أن تستمر الجولة الأخيرة من مشاورات ما قبل الائتلاف حتى ساعة متأخرة، فيما يناقش مسؤولو الأحزاب مسائل معقّدة، منها الهجرة. وقالت صحيفة «بيلد»، الأكثر انتشارا في ألمانيا، إن ميركل تواجه «أكثر الليالي خطورة». وأضافت: «ليست الولاية الرابعة للمستشارة فقط هي التي تعتمد على نجاح (جامايكا)، بل مستقبلها السياسي برمته».
ولا تزال الهجرة من أكثر المواضيع الشائكة على جدول المناقشات، إذ يريد المحافظون تشديد سياسة اللجوء، إدراكا منهم للغضب إزاء تدفق المهاجرين في 2015 الذي ساعد في وصول حزب البديل لألمانيا المعادي للإسلام إلى البرلمان (البوندستاغ).
ويريد حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي في بافاريا، شريك حزب ميركل في التكتل، الذهاب أبعد من ذلك، ويطالب بتحديد سقف لعدد المهاجرين. لكن ذلك لا يرضي «الخضر» الذين يسعون لتخفيف القيود على جمع شمل عائلات طالبي اللجوء. وسيرفض «الخضر» تغيير موقفهم بعد أن خففوا من تعهدات رئيسية في الحملة، تتضمن إعادة فتح محادثات شائكة حول البيئة.
وتخلى زعيم «الخضر» جيم أوزديمير عن المطالب لتحديد عام 2030 موعدا نهائيا للمصانع العاملة بالفحم ولمحركات الاحتراق الداخلي. ودعا أحزابا أخرى إلى إظهار مرونة أيضا. وقال لصحيفة «بيلد»: «يمكن بناء جسور سويا، أو لا جسور على الإطلاق».
ولكن مقترحاته لجعل السيارات الملوثة بالديزل أقل جاذبية وإغلاق 20 منشأة فحم هي الأكثر تلويثا، قوبلت بمقاومة من المحافظين والديمقراطيين الأحرار الذين يخشون خسارة الوظائف وعرقلة قطاعي السيارات والطاقة الكبيرين.
وعشية المهلة المحددة للمشاورات، تواصل التشهير والانتقادات في وسائل الإعلام. واتهم مفاوض حزب المسيحيين الديمقراطيين الجريء، ألكسندر دوبرينت، حزب الخضر «بالتشبث بمطالب قديمة». ورد المدير السياسي لحزب الخضر، مايكل كيلنر، على التصرف «غير المسؤول» للمسيحيين الديمقراطيين. واشتكى كيلنر من أن «الاستنتاج الوحيد من إهانات دوبرينت اليومية، هو أنه يريد للمحادثات أن تفشل».
ورغم الخلافات الظاهرة، فإن الأحزاب تمكنت من التوصل إلى نوع من الاتفاقيات الواسعة في الأسابيع الأخيرة. ووسط امتلاء خزائن الدولة، التزمت هذه الأحزاب بالحفاظ على الموازنة.
كما اتفقت على تحديث البنية التحتية للإنترنت، وزيادة الاستثمار في التعليم ورفع مساعدات الأطفال.
وحقّقت هذه الأحزاب التي هي بشكل عام مؤيدة للاتحاد الأوروبي، تقدما حول المسائل المتعلقة بأوروبا بعد أن أسقط «الديمقراطيون الأحرار» مطلبهم المتعلق بخفض صفقات الإنقاذ لدول منطقة اليورو.
وفي حال الخروج بـ«حكومة جامايكية»، سيجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المستشارة ميركل شريكا مستعدا هو في أمس الحاجة إليه في مساعيه الطموحة لإصلاح الاتحاد الأوروبي رغم أن خططه لوضع موازنة للاتحاد الأوروبي ومطالبته بوزير للمالية ستبقى مثيرة للانقسامات في برلين.
ومع قرب انقضاء المهلة الحاسمة، يقول المعلقون إن جميع الأطراف تريد تجنب الدعوة لانتخابات مبكرة يمكن أن تؤدي إلى تعزيز حزب البديل لألمانيا. وتشير الاستطلاعات إلى رغبة قليلة في العودة إلى صناديق الاقتراع، ويقول ثلثا الناخبين إنهم يتوقعون نجاح محادثات الائتلاف.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».