كارني يؤكد قوة اقتصاد بريطانيا رغم «بريكست»... و«اختبار الميزانية» ينتظره

TT

كارني يؤكد قوة اقتصاد بريطانيا رغم «بريكست»... و«اختبار الميزانية» ينتظره

في أعقاب عام شهدت فيه المملكة المتحدة تراجعا في معدلات نموها الاقتصادي لتتخلف عن مجموعة السبع الكبار، قال مارك كارني محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) إن الاقتصاد البريطاني أبلى بلاء حسنا على غير المتوقع بعد تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وأكد في مقابلة تلفزيونية صباح أمس في برنامج «جودمورنغ بريتين» أن توقعاته قبل التصويت والتي تضمنت إمكانية حدوث ركود جعلته الآن مناصرا لفريق الخروج البريطاني بعد أداء غير متوقع لمؤشرات الاقتصاد في بريطانيا.
واعترف كارني خلال اللقاء التلفزيوني بمخاوفه من خطر صدمة تضرب اقتصاد البلاد بعد الانفصال في مارس (آذار) 2019، وحذر رئيسة الوزراء تيريزا ماي من خروج صعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أنه سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الإسترليني وضربة للاستثمار التجاري مما يضغط على اقتصاد البلاد.
وأشار إلى أنه مؤيد لـ«صفقة انتقالية»، كونها ستتيح للشركات والأسر الوقت الكافي للتكيف مع خروج بريطانيا من الاتحاد، مؤكدا على أن البنك سيبذل كل ما بوسعه لدعم الاقتصاد خلال المرحلة الانتقالية، «مهما كان شكل الصفقة؛ سواء لم يكن هناك اتفاق أو صفقة شاملة» وفقا لكارني.
وهاجم العضو السابق في لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا، أندرو سينتانس، المحافظ الحالي، قائلا: «إنه لن يكون فخورا بأداء النمو السلبي في بريطانيا (مقارنة بأكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا) عندما يعرض ميزانيته الأسبوع المقبل».
وبالتزامن، ارتفع الإسترليني بنحو 0.2 في المائة مقابل الدولار عند 1.3129 دولار، و0.5 في المائة مقابل اليورو عند 1.1212 يورو في تعاملات صباح أمس.
بينما سجلت مبيعات التجزئة البريطانية أول تراجع على أساس سنوي منذ عام 2013 الشهر الماضي، على الرغم من النمو القوي في الأحجام مقارنة مع شهر سبتمبر (أيلول) في ظل معاناة الأسر من الأسعار التي تسجل نموا سريعا.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني إن الانخفاض الذي بلغ 0.3 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2013 وإنه يعكس أداء قويا جدا لتجار التجزئة في أكتوبر 2016.
وفي الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر، ارتفع نمو المبيعات إلى 0.9 في المائة، من 0.7 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر.
وبالمقارنة على أساس سنوي، ارتفع حجم المبيعات في الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر بنحو 1.1 في المائة فقط مقارنة معها قبل عام، وهو أقل معدل نمو منذ مايو (أيار) 2013. وجاءت المبيعات في أكتوبر أقوى من توقعات المحللين في استطلاع للرأي أجرته رويترز، وبلغ متوسط التوقعات فيه منخفضا بنسبة 0.6 في المائة في المبيعات على أساس سنوي، ونموا نسبته 0.1 في المائة على أساس شهري. وقال المكتب إن المبيعات الشهرية في الواقع ارتفعت 0.3 في المائة.
وكان تردد المستهلكين في إنفاق المال في أكتوبر واضحا في مبيعات الملابس، حيث تراجعت مبيعات الملابس بنحو 1.5 في المائة الشهر الماضي، ومع ذلك يعلق تجار التجزئة آمالهم على موسم الشتاء ومشتريات الأعياد خاصة مع دفء الطقس خلال الشهر الماضي.
وقال آرون سميث، المحلل الاقتصادي في «أي إن جي»، لـ«الشرق الأوسط»، معلقا على النتائج: «لعب دفء الطقس دورا كبيرا في انخفاض مبيعات الملابس، لكن هناك ضعف أوسع في الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام». وأوضح أنه «بإلقاء نظرة على بيانات فيزا واتحاد التجزئة البريطاني في الأشهر الأخيرة، فإن المستهلكين ما زالوا حذرين للغاية بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بالأمور غير الضرورية».
وقال سميث إن الإنفاق الأسري قد تجاوز أسوأ حالاته، متوقعا أن التضخم الأساسي سيتجه للانخفاض التدريجي، لكن نمو الأجور لا يزال تحت الضغط، بالتزامن مع نمو وظائف يظهر علامات مبكرة على الركود.. مشيرا إلى أن «الدخل قد لا يتسارع بوتيرة أسرع مما يأمل بنك إنجلترا في 2018، وهذا يعني أن المستهلكين على الأرجح سيتخذون نهجا حذرا في الإنفاق لما لا يقل عن ربعين آخرين».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»