وزارة النفط اليمنية: البعثة الأممية منحازة للميليشيات

ازدحام في محطة وقود بصنعاء (رويترز)
ازدحام في محطة وقود بصنعاء (رويترز)
TT

وزارة النفط اليمنية: البعثة الأممية منحازة للميليشيات

ازدحام في محطة وقود بصنعاء (رويترز)
ازدحام في محطة وقود بصنعاء (رويترز)

استغربت وزارة النفط من التحذير الذي أصدره منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة باليمن عن نفاد مخزون الوقود، وذلك في إشارة إلى المحافظات التي ما زالت خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن مصدر مسؤول قوله، إن «هذه التصريحات تؤكد من جديد انحياز بعثة الأمم المتحدة العاملة في اليمن لميليشيا الانقلاب، واعتمادها على معلومات مضللة يقدمها الانقلابيون دون العودة إلى الحكومة الشرعية أو حتى الاعتماد على تقارير ميدانية أو فرق لتقصي الحقائق حول مختلف القضايا بما في ذلك أزمة المشتقات النفطية».
وأوضح المصدر أن أزمة المشتقات النفطية جاءت بعد إعلان الميليشيات الانقلابية قانون تعويم أسعار الوقود وحصر عملية استيرادها لصالح عدد من تجار السوق السوداء التابعين للميليشيا في المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم، ما أوصل سعر اللتر الواحد إلى أسعار قياسية وصلت إلى ألف ريال يمني، في أوقات كثيرة، بينما يباع اللتر في المناطق التي تمت استعادتها من الانقلابيين بـ175 ريالا يمنيا، مؤكدا أن المشكلة تقع فقط في المناطق التي تقع تحت سيطرة الانقلاب.
ودعا المصدر منسق الشؤون الإنسانية إلى النزول الميداني إلى خزانات النفط الحكومية في ميناءي الحديدة والصليف والعاصمة صنعاء، للاطلاع على ازدهار السوق السوداء والوقوف على الأسباب الحقيقية للأزمة.
وأشار إلى أنه بالإمكان شراء النفط بمشتقاته عبر الموانئ اليمنية الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية (عدن، والمكلا، والمخا) وترحيله إلى جميع المحافظات اليمنية بما في ذلك المحافظات التي ما زالت خاضعة لسيطرة الانقلابيين.
كما أكد المصدر أن الحكومة اليمنية سبق وأن وافقت على مقترح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ لتولي إدارة ميناء الحديدة من قبل الأمم المتحدة، كون هذه الآلية كفيلة بوقف الابتزاز الذي تمارسه الميليشيا على التجار وكسر احتكار عملية الاستيراد والتسويق وبيعه للمواطنين بأسعار خيالية، لجني المليارات من الريالات وتمويل حربها العبثية ضد الحكومة الشرعية والمواطنين وتهديد أمن الجيران وسلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
وفي سياق ذي صلة، بدأت شركة النفط بعدن عملية توزيع المشتقات النفطية في محطات الوقود التابعة للشركة والمحطات الخاصة وفق برنامج التموين اليومي في كل من عدن، ولحج، وأبين، والضالع.
وبعث مدير فرع شركة النفط بعدن ناصر بن حدور تطمينات عبر تصريح نقلته «سبأ»، بتوفر المشتقات النفطية الكافية في خزانات الشركة. ودعا المواطنين إلى عدم التدافع في طوابير أمام محطات الوقود والاكتفاء بأخذ احتياجهم الفعلي من الوقود والتزامهم بالنظام لتسير عملية التموين بسهولة ويسر.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت الثلاثاء الماضي عن وثائق رسمية تظهر تورط انقلابيي اليمن في خمس جرائم اقتصادية قادت في نهاية الأمر إلى افتعال أزمة مشتقات النفط خلال فترة لم تتجاوز أربعة أيام، وذلك بعد غلق جميع المنافذ اليمنية من قبل قوات تحالف دعم الشرعية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم