تفاهم بوتين ـ إردوغان على الحل السياسي في سوريا

أنقرة تشترط لحضور مؤتمر الحوار عدم دعوة «الاتحاد» الكردي

TT

تفاهم بوتين ـ إردوغان على الحل السياسي في سوريا

أعلنت تركيا موافقتها على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده في مدينة سوتشي شرط عدم دعوة «حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» السوري للمشاركة فيه.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عقب زيارة قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حيث ألقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، إن تركيا لا تعارض «من حيث المبدأ» عقد مؤتمرات لحل الأزمة السورية، لكنها لا توافق على دعوة ما سماه «أي مجموعة إرهابية» إليها.
وأكّد إردوغان في مؤتمر صحافي مع بوتين أول من أمس التوافق بين بلاده وروسيا بخصوص التركيز على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بعد أن دعا أثناء توجهه إلى مدينة سوتشي في وقت سابق من اليوم نفسه كلا من روسيا والولايات المتحدة إلى سحب قواتهما من سوريا بعد أن قالتا إنه لا حل عسكريا للأزمة السورية.
وكانت أنقرة أعلنت أنها لن تشارك في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي دعت موسكو وقالت إنها قد ترسل مراقبا.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين، في مقابلة تلفزيونية الأحد الماضي إن روسيا أبلغت الجانب التركي بتأجيل المؤتمر، الذي كان مقررا عقده في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وبأن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري لن يدعى للمشاركة فيه بعد اعتراض تركيا على إعلان سابق بمشاركته.
وأضاف: «روسيا أجلت انعقاد المؤتمر إلى تاريخ لاحق، عقب اعتراض أبدته أنقرة التي طالبت موسكو بمعلومات أكثر عن المؤتمر»، مشيرا إلى أن مبعوث الرئيس الروسي الخاص بشؤون التسوية في سوريا الكسندر لافرنتيف، أخبره قبل انعقاد الجولة السابعة من محادثات أستانة، أن مؤتمر سوتشي سيساهم في عملية الانتقال السياسي بسوريا. وتابع: «اكتشفنا أن المؤتمر أعلن عن انعقاده كأمر واقع فاعترضنا على الفور وبعد ذلك اتصلنا بالكرملين وقالوا إنهم أرجأوه. ليس من المؤكد بعد. لكن ما قالته روسيا هو أن الاجتماع تم تأجيله الآن وإن حزب الاتحاد الديمقراطي لن يدعى».
وكانت موسكو أعلنت الأسبوع قبل الماضي دعوة نحو 33 جماعة سوريا معارضة لحضور المؤتمر، بينهم حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره تركيا امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور.
وخلال الجولة الأخيرة من محادثات السلام السورية في العاصمة الكازاخستانية آستانة في أواخر الشهر الماضي وافقت الدول الضامنة الثلاث (روسيا وتركيا وإيران) على مناقشة مقترحات لعقد مؤتمر للحوار الوطني.
واعتبر كالين أن الإعلان السريع عن المؤتمر جاء لفرضه كأمر واقع، لافتا إلى أن تركيا اعترضت على هذا الإعلان المفاجئ.
واعتبر مراقبون أن تغيير أنقرة لموقفها وإعلان حضورها بشرط عدم حضور «الاتحاد الديمقراطي» جاء نتيجة للمباحثات بين إردوغان وبوتين أول من أمس.
وكانت الدعوة للمؤتمر تزامنت مع استمرار الجيش التركي في تحركاته لنشر نقاط المراقبة في داخل إدلب في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد في سوريا الذي تم التوصل إليه مع كل من روسيا وإيران خلال الجولة السادسة من اجتماعات آستانة حول الأزمة السورية.
وتخشى تركيا من قيام كيان كردي على حدودها الجنوبية في شمال سوريا، وتتهم «حزب الاتحاد الديمقراطي» بتجنيد الأطفال وتجهيزهم لشن هجمات إرهابية.
وواصلت أنقرة أمس انتقاداتها لموقف واشنطن من دعم «حزب الاتحاد الديمقراطي» وإمداد ذراعه العسكري (وحدات حماية الشعب الكردية) بالسلاح بزعم محاربة «داعش». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان التركي أمس إن استمرار دعم الولایات المتحدة سوف يتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها في العلاقات الأميركية التركية.
وأضاف يلدريم، الذي زار أميركا منذ أيام قليلة، أن «حزب الاتحاد الديمقراطي» يتلقى أحدث أنواع الأسلحة تطورا من الولایات المتحدة، وفي الوقت نفسه لا يجد غضاضة في نقل جزء من تلك الأسلحة لحزب العمل الكردستاني المحظور.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.