تصاعد الاعتراضات على تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي

رفض أميركي وأممي للمشروع

TT

تصاعد الاعتراضات على تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي

تتصاعد وتيرة الأصوات الرافضة لمشروع التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية، حتى أنها تبدو هذه الأيام الأكثر ارتفاعاً مقارنة بأصوات المتقدمين بمشروع التعديل والمطالبين بالتصويت عليه، وهم شخصيات وكتل سياسية شيعية لها تمثيل في مجلس النواب.
ويواصل الرافضون لمشروع التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية رقم 88 الصادر عام 1959 احتجاجاتهم العلنية على المشروع، متهمين الأطراف الساعية إلى تمريره بمحاولة «تقسيم المجتمع العراقي على أسس طائفية»، خصوصاً أن بعض بنود التعديل المقترح تسمح لأتباع الطوائف بالعمل في عقود الزواج والطلاق والميراث، استناداً إلى المنظومة الفقهية لكل طائفة، كذلك يسمح أحد بنوده ضمناً بتزويج البنات في عمر التسع سنوات بعد موافقة ولي أمرها. وتشير إحدى فقرات التعديل الذي وافقت رئاسة مجلس النواب على قبول مناقشته مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى إلزام المواطنين في قضايا الأحوال الشخصية بـ«إتباع ما يصدر عن المجمع العلمي في ديوان الوقف الشيعي، والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني».
ويعتبر قانون رقم 88 الصادر عام 1959 من القوانين الرائدة في المنطقة العربية بخصوص التعاطي مع مسائل الأحوال الشخصية، لجهة المضامين الحديثة التي تبناها وعالج بها قضايا الزواج والطلاق والإرث وغيرها.
وانضمت جهات دولية إلى الأصوات الرافضة لموضوع التعديل الجديد، والمطالبة بفتح حوارات شاملة حوله، حيث دعا الممثل الخاص للأمين العام في العراق، يان كوبيش، مجلس النواب «لانتهاز فرصة عملية تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي انتقدته مراراً الهيئات التي تأسست بموجب معاهدات الأمم المتحدة». كما دعت البعثة الأممية لدعم العراق (يونامي)، أول من أمس، الأطراف العراقية إلى الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول تعديلات مسودة قانون الأحوال الشخصية العراقي بهدف ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة. وقالت البعثة في بيان: «استجابة لردة الفعل العامة حيال مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، فإن بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق (يونامي) ارتأت أنه من الضروري الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول مشروع التعديلات». ولفت بيان المنظمة الأممية إلى أن «النساء والفتيات في العراق عانين كثيراً من انتهاكات لحقوقهن الأساسية، وتعرضن لعنف في الصراعات المسلحة، ولا سيما في مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وهن يتطلعن إلى أن يصبح نيلهن لحقوقهن أولوية»، مشدداً على أن موضوع التعديلات القانونية على قانون الأحوال الشخصية «يتطلب فهماً شاملاً للإجراءات القانونية والقضائية التي تحول، في بعض الأحيان، دون تحقيق هذه المساواة».
بدورها، اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، أول من أمس، في تصريحات أن بلادها «تعارض على نحو قاطع فكرة تزويج الأطفال غير البالغين». وأثارت تصريحات المتحدثة الأميركية حفيظة نواب عن كتل شيعية تدعم مشروع التعديل الجديد، واعتبروها «تدخلاً في الشأن العراقي».
من جانبها، رأى ائتلاف «الوطنية»، برئاسة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، أن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية يمثل «إهانة كبيرة لإنسانية» المرأة العراقية، وقالت النائبة البارزة في الائتلاف صباح التميمي، في بيان، أمس، إن «قانون الأحوال الشخصية النافذ مستنبط من رحم الشريعة الإسلامية، ويرتكز على المذهب الجعفري والحنفي، وليس فيه أي مبدأ غربي أو مستورد». وبرأي التميمي، فإن «تفتيت» نصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ عبر نسخة معدلة «سيخلف انقسامات بين المذاهب والأديان ويؤسس للطائفية ويهدم وحدة الشعب العراقي بأكمله»، معتبرة أن مشروع التعديل الجديد «يمثل إهانة كبيرة لإنسانية المرأة العراقية، التي ستصبح سلعة بيد القانون الجديد».
ويلاحظ أن الانتقادات اللاذعة لمشروع القانون في اليومين الأخيرين، انطلقت في أغلبها من الكتل والشخصيات السياسية في مجلس النواب، بعد أن كانت تقتصر على أصوات فعاليات وشخصيات مدنية وثقافية وأكاديمية.
من جهته، اضطر عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب محمود الحسن، المتهم بدعم التعديل الجديد، إلى الإعلان عن رفضه القبول بمبدأ «تزويج القاصرات»، وأصدر مكتبه الإعلامي بياناً مقتضباً عبر صفحته في «فيسبوك» قال فيه: «نرفض وبشدة زواج القاصرات ولن نسمح به مهما كان الأمر، وما نسب لنا من أننا نؤيد زواج القاصرات كلام عارٍ عن الصحة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.