«السوق القديمة» في شرم الشيخ... حكاية مركز تجاري لم يهزمه الإرهاب

العاملون توقعوا انفراجة ورصدوا تحسناً تدريجياً في أعداد السّياح

محل في السوق القديمة بشرم الشيخ في جنوب سيناء
محل في السوق القديمة بشرم الشيخ في جنوب سيناء
TT

«السوق القديمة» في شرم الشيخ... حكاية مركز تجاري لم يهزمه الإرهاب

محل في السوق القديمة بشرم الشيخ في جنوب سيناء
محل في السوق القديمة بشرم الشيخ في جنوب سيناء

12 سنة مرت، لكنّها لم تمح آثار ندبة جرح أصاب اليد اليسرى للشاب المصري الثلاثيني، محمد الخواجة، نتيجة تفجير استهدف في يوليو (تموز) 2005، منطقة «السوق القديمة» في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، ضمن عمليات «إرهابية» متزامنة، ضربت عدة مواقع في المدينة الساحلية البارزة.
يدير الخواجة، وثلاثة من أصدقائه «بازارا» سياحيا لبيع الهدايا ذات الطابع الفرعوني في نفس المكان الذي شهد إصابته قبل سنوات، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، بينما كان يجلس داخل مقر عمله، إنّه يتذكر جيداً تفاصيل تلك التجربة «لكن أهم ما فيها أنّنا في اليوم التالي لها، مارسنا عملنا بصورة طبيعية واستقبلنا السّياح الزائرين لشرم الشيخ، وبدا أنّ شيئا لم يتغير».
وتعد منطقة «السوق القديمة» في شرم الشيخ، مركزاً تجارياً حيوياً كبيراً يضم عشرات المحال متنوعة الأنشطة بين المطاعم والمقاهي وبيع الهدايا والملابس والزجاج المزخرف وغيرها، ويعتبرها العاملون في كافة فنادق المدينة السياحية مصدر تجارة السلع المختلفة وهي مقصد للسّياح، وصغار التجار على حد سواء.
بخبرة تستند إلى 20 سنة تقريباً من العمل في «السوق القديمة»، يضيف الخواجة أنّ «العمل لم يتأثر بالعملية التي وقعت في عام 2005، إذ كان وارداً أن تحدث في أي مكان بالعالم، فضلاً عن أنّه لم يعقبها قرارات من الدول المختلفة بحظر السفر إلى مصر».
ويتابع بنبرة لا تخلو من الأسى: «لا يمكن مقارنة آثار التفجير، بما كابده العاملون من آثار الركود الذي يضغط على أعصاب الجميع منذ عامين، في أعقاب سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، الذي تبعه وقف العديد من الرحلات والبرامج السياحية التي كانت شرم الشيخ وجهتها».
وأسفر حادث سقوط الطائرة الروسية، عن مصرع 224 شخصاً هم جميع ركابها، وبعد نحو 4 أشهر على الحادث الذي حققت فيه القاهرة وموسكو، أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنّ الطائرة أُسقطت بفعل فاعل «كان يستهدف ضرب العلاقات المصرية الروسية».
ويشير الخواجة بتأثر إلى الشارع الفسيح المواجه لمحل عمله قائلاً: «لم يكن هذا الشارع يخلو من الزبائن فيما سبق»، ويستطرد: «على الرغم من كل هذه المعاناة منذ عامين، لكنّ الأحوال تتجه نحو الأفضل، هكذا أشعر بحكم تعاملي مع العدد المحدود من الزائرين الذين يقصدون متجرنا بين الحين والآخر». ويدلّل الخواجة على صحة حدسه، بالقول إنه اضطر للعودة إلى حيث تسكن عائلته في محافظة الغربية (دلتا مصر)، لمدة عام ونصف العام، وذلك بعد أن ضاقت السبل به وبغيره بفعل حالة الركود، ويؤكد أنّ كثيرين مثله قرّروا العودة إلى محافظاتهم، لكن بعضهم قرّر استئناف نشاطه بعد أن ظهرت مؤشرات انفراجة مقبلة.
وبين الحين والآخر، يُصدر مسؤولون مصريون تصريحات مطمئنة بشأن استئناف الرحلات الروسية لمصر، ويؤكد نظراؤهم الروس أنّ هذه الإشكالية ستحل قريباً، غير أنه لم يُجرِ إقرار موعد دقيق خلال عامين، هي عمر الأزمة.
تكررت عمليات العنف والتخريب لمنطقة «السوق القديمة»، حيث هاجم مسلحون ملثمون مكتباً لتغيير العملات، في عام 2012، بغرض سرقته، وأطلقوا الرصاص على المتواجدين، ما أسفر عن مقتل سائح فرنسي وآخر ألماني، غير أن أجهزة الأمن ألقت القبض عليهم سريعاً، واستأنف العاملون نشاطهم.
مدير لمتجر آخر في السوق القديمة هو عمرو المليجي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، وقال إنه يعمل في المنطقة منذ عام 2008 وبدأ مسيرته بالعمل لدى الآخرين، قبل أن يقرر في عام 2012، الدخول في شراكة مع أشقائه لبدء نشاطهم التجاري المرتبط ببيع أوراق البردي والتوابل، والعطور، ومنتجات الأحجار.
وبعد 5 سنوات من انطلاق التجارة، انتهى الأمر بتصفية الأشقاء لنشاطهم والعودة إلى القاهرة، لبدء عمل جديد بعد أن ضاق الحال في السوق السياحية، فيما قرّر المليجي أن يكمل في مهنته.
يلفت المليجي إلى أنّه على الرغم من تراجع حركة البيع والشراء، إلّا أنّ قيمة الإيجارات للمحلات لم تتأثر، ويقول: «أصبح مطلوباً ممن يملك محلاً، أن يدفع المستحقات عليه بالزيادة التي يقررها المالك، بينما لم يحصل هو في المقابل على انتعاشة مشابهة في رواج السياحة».
صعوبة الأوضاع بالنسبة للمليجي وأقرانه ممن يعملون في السوق القديمة، لم تمنع الرجل من التفاؤل أو ربما الطمأنة، فيشير إلى أنّه «لاحظ خلال حديثه مع الزبائن القادمين من دول أوروبا الشرقية، أنّ هناك زيادة في أسعار برامج السياحة والطيران إلى مصر خلال الفترة الحالية، ما يعني أنّ الشركات تتوقع استئناف الرحلات وترفع من قيمة ما تقدمه حتى تحصل على أكبر استفادة».
ويتوقع المليجي أن يستغرق الأمر نحو 7 أشهر أخرى مقبلة، حتى تعود الأمور إلى التحسن التدريجي، بالتزامن مع توالي مواسم الاحتفالات والإجازات في دول أوروبا.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.