مخصصات كاتالونيا الإعلامية تفوق كل الأقاليم الإسبانية

غرفة أخبار القناة الثالثة في إقليم كاتالونيا بدأت إطلاق برامجها باللغة المحلية في 1983 (نيويورك تايمز)
غرفة أخبار القناة الثالثة في إقليم كاتالونيا بدأت إطلاق برامجها باللغة المحلية في 1983 (نيويورك تايمز)
TT

مخصصات كاتالونيا الإعلامية تفوق كل الأقاليم الإسبانية

غرفة أخبار القناة الثالثة في إقليم كاتالونيا بدأت إطلاق برامجها باللغة المحلية في 1983 (نيويورك تايمز)
غرفة أخبار القناة الثالثة في إقليم كاتالونيا بدأت إطلاق برامجها باللغة المحلية في 1983 (نيويورك تايمز)

بعد أن لعبت مجموعة قناة تلفزيون وراديو كاتالونيا، التي خضعت حتى الأسبوع الماضي لإدارة الحكومة المحلية للإقليم، دوراً بارزاً ونشطاً للغاية في متابعة أحداث كاتالونيا الأخيرة، وتغطيتها الشاملة لجلسات البرلمان المحلي، وما إن اتخذ الأخير قرار الانفصال عن إسبانيا، حتى ردت عليه الحكومة المركزية في مدريد، برئاسة ماريانو راخوي، بالإعلان عن تطبيق المادة 155 من الدستور الإسباني. وتم بموجب هذه المادة إقصاء الحكومة المحلية هناك، وتسلم الحكومة المركزية إدارة المؤسسات التي كانت تديرها الحكومة المحلية في كاتالونيا، ومن ضمنها وسائل الإعلام، وبذلك أصبحت مجموعة قناة تلفزيون وراديو كاتالونيا تحت إدارة الحكومة المركزية.
وكان تلفزيون كاتالونيا قد غطى بشكل مفصل آراء أعضاء الحكومة المحلية المطالبين بالاستقلال، وأخبار البرلمان المحلي وما دار فيه من مناقشات حول انفصال كاتالونيا عن إسبانيا، والمظاهرات التي عمت شوارع الإقليم، واستطاع أن يستقطب أعداداً هائلة من المتابعين، حتى أنه جاء على رأس قائمة عدد المشاهدين للقنوات المحلية الإسبانية.
تأسس تلفزيون إقليم كاتالونيا عام 1983، وتوسع بشكل كبير ومتسارع خلال السنوات الماضية، ولديه الآن 5 قنوات، كلها ناطقة باللغة الكاتالونية، وبلغت المخصصات التي يستلمها تلفزيون وراديو كاتالونيا من الحكومة 307 ملايين يورو، أي ما يشكل 31 في المائة من مخصصات جميع قنوات تلفزيونات الأقاليم الإسبانية الحكومية مجتمعة، علماً بأن نسبة سكان كاتالونيا تشكل 16 في المائة من سكان إسبانيا. ومقارنة مع مخصصات قنوات راديو وتلفزيون الأقاليم الإسبانية الأخرى، يلاحظ أن مخصصات إقليم أندلسيا (الأندلس - جنوب) لمحطتي راديو وتلفزيون الإقليم تبلغ 164 مليون يورو، وفي إقليم الباسك (شمال) 137 مليون يورو، وفي إقليم غاليسيا (شمال غرب) 105 ملايين يورو، وقناة راديو وتلفزيون العاصمة مدريد 68 مليون يورو.
كما أن تلفزيون وراديو كاتالونيا يتصدر كل القنوات المحلية في عدد العاملين، إذ يبلغ عددهم 2319، ويشكلون نسبة 31 من مجموع العاملين في جميع القنوات الحكومية في الأقاليم الإسبانية، البالغ عددهم 7376. ومقارنة مع القنوات المحلية الحكومية الأخرى، يلاحظ أن عدد العاملين في راديو وتلفزيون إقليم أندلسيا يبلغ 1467 عاملاً، وفي إقليم الباسك 1102، وفي إقليم غاليسيا 954، والعاصمة مدريد 452.
وتتصدر القناة الكاتالونية هذه قائمة عدد مشاهدي التلفزيون للقنوات المحلية، حيث بلغ معدل مشاهديها في شهر سبتمبر (أيلول) 138 ألف مشاهد، بينما وصل عدد مشاهدي قناة أندلسيا 110 ألف مشاهد، وإقليم غاليسيا 37 ألف، ومدريد 33 ألف.



كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».