بناء الشخصية أساس تعليم المستقبل في الإمارات

التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
TT

بناء الشخصية أساس تعليم المستقبل في الإمارات

التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة

تشهد العملية التعليمية تحديات واسعة مع المعطيات والمتغيرات التي يمر بها العالم في الوقت الحالي، وهو ما يدفع لإعادة تفسيرها لتحديد ما ستضيفه المدرسة إلى أخلاقيات الطلبة الذين ينشأون في العائلة، وهل ستكون المؤسسة التعليمية بديلاً عن المؤسسة الاجتماعية؟!
في الإمارات ثمة مفهوم يُعمَل على تعزيزه، وهو أن تعزيز التكامل بين العائلة والمجتمع والمؤسسة التعليمية وسوق العمل أحد أهم محاور إعادة مفهوم التعليم بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وهو ما تم نقاشه في منتدى «قدوة» الذي عُقِد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بمدينة أبوظبي الإماراتية.
وقال محمد النعيمي مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي: «كان أحد الأهداف الرئيسية لمنتدى (قدوة) اكتساب القيم الأخلاقية، وهو عملية متواصلة تحتاج في كل مرحلة إلى أدوات مختلفة عن سابقاتها؛ العائلة لها أدواتها، والمؤسسة التعليمية لها أدوات مختلفة، فالعائلة الإماراتية تتسم بالانسجام والترابط والتمسك بالقيم والأخلاق الاجتماعية، وهذا الأمر انعكس على طبيعة المجتمع الإماراتي الذي يُشهد له بأنه نموذج للتسامح والتعايش بين الثقافات المختلفة».
وأضاف النعيمي: «تتطور الأخلاق بتقدم الزمن، وعلى هذا التطور أن يستجيب للتحديات التي تفرضها كل مرحلة، وتتمثل تحديات هذه المرحلة بالقدرة على بناء شخصية عصرية منفتحة وملتزمة بهويتها في آن، وبالقدرة على تعزيز القيم الإنسانية في مواجهة نزعات الكراهية والتطرف. إن تحقيق الرفاهية الاقتصادية والأمن والاستقرار الاجتماعي على مستوى العالم، يحتاج إلى بناء جيل يفهم أبعاد انتماءاته، ويعتز بانتمائه لأسرته ووطنه ومن ثم انتمائه للمجتمع الإنساني».
يعيش ويعمل في الإمارات نحو 200 جنسية، أي أن هناك نحو 200 جنسية يتعلم أبناؤها وتنمو شخصياتهم في مدارسها على أيدي معلمين من مختلف دول العالم، وتعد الزيادة السنوية في عدد الطلبة من الأسرع في العالم قياساً بعدد السكان، إذ تضاعف عدد الطلبة 19 مرة منذ تأسيس دولة الإمارات وحتى عام 2011؛ ففي عام 2013 بلغ عدد طلبة المدارس الحكومية والخاصة نحو 910 آلاف، ليرتفع في عام 2016 إلى مليون و37 ألفاً.
ولمواكبة هذه الزيادة في أعداد الطلبة والتنوع الكبير في جنسياتهم وجذورهم الثقافية، تنتهج الإمارات استراتيجية وطنية بأبعاد دولية تلبي حالة التنوع الفكري والثقافي بين صفوف الطلبة.
من جانبه، يرى حسين الحمادي وزير التربية والتعليم أن التعليم في دولة الإمارات يتسم بأهمية خاصة، إذ يتصف بتنوع منابت الطلبة وتعدد ثقافاتهم وأصولهم، وتعمل تحت مظلته مدارس كثيرة بمناهج دراسية مختلفة، فضلاً عن معلمين يتم استقطابهم من مختلف دول العالم، مشيراً إلى أنه رغم هذا التعدد، فإن المنظومة المجتمعية في الدولة تتسم بالتجانس والوفاق والتسامح، وذلك بفضل رؤية قيادة الإمارات وما ينبثق عنها من مبادرات وطنية تكرس لمفاهيم التعايش والمحبة والسلام وتقبل الآخر.
ويشير الحمادي إلى أن وزارة التربية تحرص على توظيف المنظومة التعليمية لتحقيق توجهات وتطلعات الدولة، وإرساء المضامين الأخلاقية وتوثيق صلة المجتمع المدرسي ببعضه، كون ذلك يرقى في المحصلة النهائية بالمخرج التعليمي، وهو الطالب الذي يتصف بانتمائه لوطنه، المعتز بهويته، الواثق بنفسه، المسؤول والقادر على التواصل مع الآخرين، ويمتلك مهارات العصر ويتسم بالإبداع والابتكار.
ويضيف وزير التربية والتعليم: «التربية الأخلاقية تتسم بمكانة خاصة، لا سيما لدى الجيل الجديد، فهو لا يتأثر بالإملاءات أو بالمناهج الجامدة بقدر تأثره بالقدوة الحسنة سواء في المجتمع أو المدرسة، كون هذا الجيل دائم البحث عن مثال يجسد القيم التي يحتاج إليها»، وأضاف: «نعمل على تعزيز قطاع التعليم بمدرسين مؤهلين وقادرين على التأثير إيجاباً في الطلبة من خلال ممارساتهم الشخصية وأفكارهم وسلوكهم وقدرتهم على عكس صورة إنسانية قوامها الأخلاق الحميدة التي تتجاوز الاختلافات الثقافية والمذهبية لتركيبة الطلبة في منظومة التعليم الإماراتي».
من جانبه، يقول الدكتور علي النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة وعضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي: «لا نحتاج إلى استعراض الدراسات التي أثبتت مدى تأثير الأخلاق في الواقع الاقتصادي والاجتماعي لكل دولة، فالدراسات كثيرة، والحقائق واضحة»، ويؤكد النعيمي على أن هناك علاقة شرطية بين الأخلاق والإنتاجية الفردية والجودة والشفافية ليس في القطاع الاقتصادي وحسب، بل في جميع قطاعات البلاد.
ويتابع النعيمي: «الأخلاق منظومة كاملة تشمل كل تفصيل في حياتنا اليومية، ويتوقف النجاح والتميز فيها على كفاءة هذه المنظومة وقدرتها على التأثير في مجمل ممارساتنا. إن الأخلاق محفِّز ومسرّع أساسي للنمو والتطور، وهي الدافع الرئيسي للتضحية بالوقت وتكثيف الجهد الشخصي في صالح الجميع. لا يمكن للأفراد أن يبدعوا ويتجاوزا حدود طاقاتهم إلا من خلال تنمية ورعاية أخلاقيات المهنة التي تترجم معاني الانتماء للوطن والإيثارية وحب الآخر والتضحية في سبيل الأهداف الكبرى، وهذه مسؤولية كل معلم ومعلمة في مؤسستنا التعليمية، وهدف جهودنا الرامية إلى تطوير قطاع التعليم في الدولة».
وزاد: «مع أن السمة الأساسية لهذا العصر هي الانفتاح وتلاشي الحدود بين الثقافات وسهولة التواصل بين الأعراق المختلفة، فإننا نشهد تنامياً في نزعات التفكيك والكراهية للآخر والانغلاق على الذات. كيف نستطيع تجاوز هذا التناقض بين الغايات من التطور التقني وما نشهده على الأرض من آثار سلبية؟ وكيف لنا أن نتعامل مع تأثير عولمة التواصل على خصوصية الثقافة والهوية في كل مجتمع؟!».
وبالعودة إلى محمد النعيمي مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي، قال: «أحدثت ثورة التواصل والاتصال وتقنياتها الحديثة تغييراً جذرياً في منظومة القيم والأخلاق والمفاهيم الفردية والاجتماعية، ولكن هذا التغيير يجب أن يكون إيجابياً لأن الجيل الجديد يحتاج إلى المساعدة في تطوير وعي نقدي قادر على فلترة ما يتدفق من معلومات وثقافات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إن الحداثة سلاح ذو حدين، والحداثة بلا أخلاق تؤدي إلى تفكك المؤسسة الاجتماعية وتعزيز الفردية والاستهلاك وتعويم الانتماء وذوبان القيم الأصيلة».
وأكد النعيمي أن الهدف من إدراج مادة التربية الأخلاقية في المدارس تحصين القيم الإنسانية الأصيلة التي تشكل أساس شخصية الفرد، فمن دون هذه القيم التي يجب أن تجمع بين الفرد والمجتمع في إطار من التعاون وتبادل المصالح واحترام الآخر، لن تتمكن الهوية الخاصة من مقاومة التدفق الهائل للأفكار المختلطة وغير المنظمة. على التربية الأخلاقية أن تكون دائماً مقياس صلاحية كل جديد؛ ما ينفع وما لا ينفع.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.