أزمة لبنان مفتوحة على المواجهة الحتمية

استقالة الحريري أسقطت «التسوية» ووضعت سلاح «حزب الله» على الطاولتين المحلية والدولية

أزمة لبنان مفتوحة على المواجهة الحتمية
TT

أزمة لبنان مفتوحة على المواجهة الحتمية

أزمة لبنان مفتوحة على المواجهة الحتمية

لا تشبه الأزمة التي يعيشها لبنان اليوم، الناتجة عن استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، أي أزمة في تاريخه. لقد كان خطاب الاستقالة واضحاً في الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار، رغم كل محاولات التأويل والتحليل التي تحيط بها. فـ«حزب الله»، ومن خلفه إيران، هما السبب المباشر في وصول الأمور إلى هذه المرحلة، بعد عام على «التسوية» التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة... ولكن يبقى السؤال مطروحاً، بانتظار إجابات شافية عن مدى تجاوب هذا المحور أو عدمه مع متطلبات الموقف بعد تكريس الاستقالة، وما قد يترتّب على أي قرار بهذا الشأن.
في ظل محاولة «حزب الله» وحلفائه في لبنان وخارجه تجاوز الأسباب الرئيسية التي أدت إلى استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، يرى خصوم الحزب أن الأمور وصلت إلى «نقطة اللاعودة». ومن ثم، بات نزع سلاحه هو المطلب الأساسي في هذه المرحلة، نتيجة قرار دولي في موازاة بدء الحديث عن «سيناريوهات» عدة للخروج من الأزمة، أبرزها تشكيل حكومة حيادية من المرجح أن يرفضها الحزب، والذهاب إلى حكومة لا تمثيل لحزب الله فيها، أو حكومة يرفض تيار «المستقبل» المشاركة. ومع الحالتين الأخيرتين - أي تغييب «حزب الله» أو عزوف «المستقبل» - سيجد لبنان نفسه أمام أزمة مضاعفة قد تصل إلى المواجهة المفتوحة. وفي المقابل، يتمسك فريق لبناني آخر بالحكومة السياسية، معتبراً أنه لا يمكن عزل أي فريق، وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه، أو قبول «حزب الله» به في ظل الوضع القائم.

الرد بتغييب الأسباب
في رد أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، على استقالة الحريري، حاول نصر الله - وكذلك عبّر مسؤولون في حزبه - عدم التوقف عند الأسباب التي أوردها رئيس الحكومة في خطاب استقالته، والتركيز على الشكل، رامياً كرة إيجاد الحل في ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون، ومحملاً المملكة العربية السعودية المسؤولية، بل إن نصر الله اعتبر أن الحكومة «حققت إنجازات... وكانت قد أنجزت المزيد، لو استمرت في عملها»، مع ادعاء «حرص الحزب على الاستقرار في لبنان»، ودعا إلى «عدم القلق، وإلى الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي في منطقة متفجرة تعاني الأزمات السياسية»، حسب تعبيره.
هذا الكلام وصفه النائب في «تيار المستقبل»، الوزير السابق أحمد فتفت، بأنه «إعلان حرب» و«دس للسم في العسل»، في حين نعى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة «التسوية»، التي اعتبر أن الحزب والتيار الوطني الحر (التيار العوني) تعاملا معها وكأنها ضعف أو استضعاف، لتحقيق المزيد من المكاسب على حساب الوطن. وفي حين قال السنيورة إن «قرار الاستقالة جاء بعد شهور من محاولات الحريري تجنيب لبنان الانسياق إلى مشكلات، نتيجة تدخل (حزب الله) الذي يتصرف وفقاً لتعليمات إيرانية بشؤون الدول العربية»، أكد أن «الحل يكون بالعودة إلى اتفاق الطائف والدستور، وإعادة الاعتبار للدولة اللبنانية التي يجب أن تكون صاحبة السلطة».
من جهته، كان ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، واضحاً في إعلانه أن السعودية «سوف تُعامَل الحكومة اللبنانية كأنها حكومة إعلان حرب على المملكة»، محملاً في الوقت عينه حكومة الحريري مسؤولية الفشل في التحرك ضد «حزب الله» خلال عام لها في السلطة، وقال: «هناك من سوف يردعه (أي حزب الله)، ويجعله يعود إلى كهوفه الموجود فيها في جنوب لبنان»، داعياً اللبنانيين جميعاً لأن «يعوا هذه المخاطر، وأن يعملوا على تدارك الأمور قبل أن تصل إلى نقطة لا رجعة فيها».
وبدوره ألقى عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، باللوم على «حزب الله» في استقالة الحريري «الذي وصل إلى مرحلة قال فيها: كفى، ونحن ندعمه بالكامل في هذا القرار»، وتابع: «كان من الواضح أن (حزب الله) يقوّضه على كل منحنى، ويؤدّي المراهنات الإيرانية».

موقف عون
هذا، ورغم تسليم معظم القوى السياسية في لبنان بسقوط التسوية الأخيرة، تعتبر مصادر رئاسة الجمهورية أنه من المبكر الحديث عن هذا الأمر، علماً بأن مصادر سعودية كانت قد أشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحريري كان قد طلب مباركة انتخاب ميشال عون رئيساً مقابل تفاهمات بين المكونات السياسية، بينها أن «حزب الله» لن يكون له وجود في سوريا أو أعمال عدائية في الخليج واليمن، وسيعمل عون والحريري على ذلك. وهكذا، تم اختيار عون والحريري. ولكن بعد ذلك، تدريجياً، «حدث العكس، وأصبح هناك انجراف وتسليم كامل لإيران». ولفتت المصادر السعودية إلى أنه «تم الحديث عن مهلة سنة لتصحيح الوضع»، لكن على العكس من ذلك «في هذه السنة، ابتعد لبنان عن سياسة النأي بالنفس، ثم زار وزراء سوريا، وجرى تطبيع مع النظام، ومشاركة (حزب الله) في إحداث قلاقل أمنية في الكويت، وإطلاق صواريخ باليستية من اليمن بأيادٍ لبنانية».
ثم أشارت إلى أن الحريري «أبلغ الرياض قبل بضعة أشهر بأن أجهزة اتصال حرسه الخاص انقطع عنها الإرسال أثناء مرورها بأماكن متفرقة مرتين». وجدير بالذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، كُلف الحريري برئاسة الحكومة، بموجب تسوية سياسية أتت بحليف «حزب الله» الأبرز ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.

سلاح الحزب
الحريري قال في خطاب الاستقالة إن إيران «تطاولت على سلطة الدولة، وأنشأت دولة داخل الدولة (...) وأصبح لها الكلمة العليا»، وأشار إلى فرض «حزب الله»، المشارك في الحكومة، الأمر الواقع «بقوة سلاحه»، بينما ردت وزارة الخارجية الإيرانية باعتبارها الاستقالة بمثابة «سيناريو جديد لإثارة التوتر في لبنان والمنطقة». ومعلومٌ أن «حزب الله» يتلقى دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً من إيران، والجانبان يساندان النظام السوري في الحرب في سوريا. وكان الحريري قد رفض على الدوام مشاركة الحزب عسكرياً في النزاع في سوريا.
وأمام كل المستجدات الحاصلة، يجمع كل من شارل جبور مسؤول الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية»، والدكتور سامي نادر مدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية» في العاصمة اللبنانية بيروت، على أن قضية «حزب الله» وسلاحه باتت هي المحوَر والمشكلة الأساسية التي تقف أمام أي حل للأزمة في لبنان، في وقت يربط فيه نائب رئيس الحكومة السابق إيلي الفرزلي، المؤيد لـ«حزب الله»، قضية سلاحه بقضية إسرائيل، داعياً المجتمع الدولي إلى «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، قبل المطالبة بنزع سلاح (حزب الله)».
وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال الفرزلي إن «إعادة وضع الأمور في نصابها يحتاج إلى الواقعية»، متسائلاً: «كيف يمكن المطالبة بضرب الحزب الذي لم تستطع إسرائيل مواجهته، أو الطلب من اللبنانيين الذهاب إلى اقتتال داخلي لا يمكن معرفة نهايته، في حين لا يعمل المجتمع الدولي على إسقاط مبررات هذا السلاح المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي؟».
وتابع الفرزلي: «كذلك سلاح (حزب الله) ليس وليد اليوم... بل هو من عشرات السنين، والمطلوب اليوم بدل التصويب عليه إعادة تقوية منطق الدولة، وفقاً للدستور واتفاق الطائف، ما سيخلق أجواء مطمئنة تخفف منطق السلاح. وبالتالي، بعد تحقيق هذين المطلبين، يمكن عندها البحث في سلاح الحزب».
ودعا من ثم - حسب تعبيره - إلى «إنقاذ اتفاق الطائف، عبر إعادة تكليف الحريري لرئاسة حكومة تنجز الانتخابات النيابية المفترضة في مايو (أيار) المقبل، والبحث على نار هادئة للوصول إلى تسوية تجنب ذهاب البلاد إلى المجهول»، واستطرد: «كان يفترض أن تقرأ علاقة عون - الحريري السياسية على أنها سدّ منيع أمام نتائج الصراعات الإقليمية على لبنان، وأتمنى أن يتم إنقاذ الوضع قبل فوات الأوان».

قضية تمثيل السنة
ومع تريث رئيس الجمهورية ميشال عون في الدعوة إلى استشارات نيابية لتسمية رئيس للحكومة، بات لدى الجميع قناعة بأن هناك صعوبة في إيجاد الشخصية السنية التي قد تبدي استعدادها لتولي هذه المهمة بعد الحريري. ولقد أعلن رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، صراحةً رفضه أي رئيس حكومة «يتحدى المكون السني»، في حين رأى رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، أن «أفضل تسوية لاستقرار لبنان هي حكومة الوحدة الوطنية الحالية»، وهو ما يتوافق مع توجه رئيس الجمهورية، التي أكدت مصادره رداً على إمكانية تغيير سياسة رئاسة الجمهورية تجاه «حزب الله»، أو التوجه إلى تشكيل حكومة لا يتمثل فيها الحزب، بالقول: «هذه الأمور من المبكر التطرق إليها اليوم، وهاجس الرئيس عون الأول والأخير هو المحافظة على الوحدة الوطنية، وهذا الأمر لا يتحقق بعزل فريق أو آخر».

«الحكومة الحيادية»
في المقابل، يعتبر جبور أن هناك استحالة لتشكيل حكومة، أياً كان شكلها في هذا الوضع، في حين يرى نادر أن الحل قد يكون بـ«حكومة حيادية» تكون مهمتها إنجاز الانتخابات، مضيفاً: «أما إذا أصر الحزب الذي خسر غطاء أساسياً له على المشاركة في الحكومة... فعندها يكون الذهاب إلى المواجهة السياسية المفتوحة على كل الاحتمالات».
وقال جبور لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه: «الاستحالة تكمن في عدم إمكانية المساكنة مع الحزب مجدداً في أي حكومة، بعدما بات هذا الأمر خطاً أحمر، إقليمياً ودولياً، كما أنه لن يقبل بإنتاج حكومة من دونه أو تشكيل (حكومة حيادية)، لاعتباره أن هذا الأمر سيخرجه من الحكم، وهو قد يواجه ذلك بأساليب عدة، منها السلاح الذي يمتلكه. من هنا، يبدو أن لبنان متجه إلى أزمة مفتوحة يتطلب تخطيها حلولاً غير كلاسيكية، أو على غرار (اتفاق الدوحة) الأخير، بل قيام دولة قوية ممسكة بقرارها الاستراتيجي، من دون أن ينفي أن المعطيات والنتائج التي أسفرت عن حراك رئيس الجمهورية لا تعكس أي انفراج في الأفق».
ويرى جبور أن المشكلة الأساسية لدى «حزب الله» وحلفائه «تكمن في حصر الاستقالة في الشق التقني المتعلق بتشكيل الحكومة أو غيرها من الأمور، بعيداً عن جوهرها المرتبط بشكل أساسي بسلاح (حزب الله)، الذي لا يبدو أنه في وارد تسليم سلاحه»، وأردف: «الخيارات لخروج لبنان من هذه الأزمة محدودة، في ظل رفض (حزب الله) تسليم سلاحه، وضربه عرض الحائط بكل مساعي التسوية. ولا يبدو أنه اليوم في وارد تغيير موقفه، ومن خلفه إيران... ما يضع لبنان أمام أزمة مفتوحة، خصوصاً بعدما تجاوزت قضية الشأن الداخلي نتيجة تورطه بصراعات عربية».
وفي حين يقول شارل جبور «لا بد من التذكير بأن اغتيال الوزير السابق محمد شطح في ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، كان بسبب مطالبته بأن يكون اختبار نجاح الاتفاق النووي الإيراني تسليم سلاح (حزب الله)»، يشير إلى أن الأنظار اليوم «تتجه إلى إيران، وكيفية تعاطيها مع هذه المستجدات بعد وضعها، كما سلاح (حزب الله)، على الطاولة الدولية والإقليمية». وهنا، نشير إلى أن الدكتور هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت قد أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب): «الحكومة حُلت، وبالتالي (حزب الله) لم يعد ممثلاً فيها، ما يعني أن أي تدخل ضد (حزب الله) لن يكون ضربة ضد الدولة». كذلك نذكر أن الوزير السبهان كان قد دعا الشهر الماضي إلى تشكيل «تحالف دولي» ضد «حزب الله» الذي تصنفه الرياض «إرهابياً»، وعدم الاكتفاء بالعقوبات التي تفرضها واشنطن عليه.
أما الدكتور سامي نادر، فيعتقد أن الوضع المستجد «يتطلب أكثر من تسوية»، موضحاً: «المطلوب اليوم ملاقاة الحريري على الطريق نفسها، بعدما أعلن أن الفريق الآخر خرج عن التسوية، وزجّ بلبنان في المحور الإيراني، فارضاً التطبيع مع النظام السوري كأمر واقع. وهو يفاوض تنظيم داعش على حساب الدولة، ليعود بعدها مستشار الرئيس الإيراني علي أكبر ولايتي ويعلن من مقر الحريري انتصار محور المقاومة، وصراحة سقوط التسوية التي شارك فيها (حزب الله) المصنف إرهابياً في الحكومة مُمسكاً بورقتها وبقراراتها».
من هنا، يرى نادر أن الأزمة اللبنانية، بعد سقوط هذه التسوية، باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، سياسياً واقتصادياً، من دون أن يستبعد في الوقت عينه قيام الحزب بخطوات تصعيدية أكبر، على غرار أحداث «السابع من أيار» (اجتياح ميليشيا (حزب الله) بيروت، ومحاولتها اقتحام الجبل عام 2008)، أو تشكيل حكومة من لون واحد، بخلاف الدستور والمنطق، ما سيضع لبنان الرسمي أمام عزلة تامة.

أزمات سياسية متلاحقة
ما يذكر أن لبنان شهد منذ عام 2005 أزمات سياسية حادة متلاحقة، خصوصاً بسبب الانقسام بين فريقي الحريري و«حزب الله». وغالباً ما تفجر الاحتقان على هيئة توترات أمنية عبر اغتيالات تارة، وعبر مواجهات مسلحة تارة أخرى.
وأمام التخبط الذي يعيشه لبنان ومسؤولوه، يرى البعض في استقالة سعد الحريري فرصة لإعادة نبض الشارع المعارض لـ«حزب الله» وسلاحه في لبنان، وتحديداً استنهاض «ثورة الأرز» و«فريق 14 آذار»، الذي تشكل نتيجة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005. وهذا ما كان قد أعلنه صراحة الدكتور وليد فارس، المستشار السابق - اللبناني الأصل - للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو ما يتوافق معه منسق الأمانة العامة لـ«قوى 14 آذار»، الدكتور فارس سُعَيد، بينما أعلنت الخارجية الأميركية أنها تدعم حكومة لبنان، لكنها تعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية.
ومن جهته، جدد الاتحاد الأوروبي مساندته لاستقرار لبنان ووحدته بعد الأزمة التي فجرتها استقالة الحريري، ودعا سفراء الاتحاد الأوروبي، في بيان، كل الأطراف إلى مواصلة الحوار البناء، والعمل على تعزيز المؤسسات اللبنانية، والإعداد للانتخابات البرلمانية في بداية 2018، التزاماً بالدستور.
الدكتور سعيد قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «لا بد، بدايةً، من التسليم بأن التسوية التي أعاقت تكوين المعارضة اللبنانية سقطت باستقالة الحريري»، وشدّد على أن ما حصل «لا يعني فقط الطائفة السنية، بل كل الشعب على اختلاف طوائفه». وفي حين لا ينفي سعيد أن أحزاب «قوى 14 آذار» التي تشكّلت عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري أصبحت من الماضي، فهو يؤكد على «ضرورة إعادة تكوين إرادة وطنية، ورفع الصوت بوجه الوصاية الإيرانية عن لبنان، وهو الأمر الذي بدأت تعمل عليه (المبادرة الوطنية)، التي تجمع إلى جانبه شخصيات معارضة للحزب وإيران، وسيتم إطلاقها قريباً بشكل رسمي».

هل المعارضة جاهزة
وعن قدرة المعارضة في لبنان على ملاقاة خطاب الحريري، ومواجهة سلاح «حزب الله»، قال سعيد: «في عام 2005، حين أخرج النظام السوري من لبنان كانت الجهوزية الوطنية أكبر من الجهوزية العربية والدولية، لكن الوضع اليوم معاكساً، ما يتطلب تكوين إرادة وطنية تلاقي حركة النهوض هذه». ومن ثم، يلفت إلى أن «المبادرة ستعمل بعد إطلاقها على التواصل مع كل المكونات اللبنانية التي تتلاقى معها في توجّهها آملاً في ملاقاة المرحلة الجديدة في لبنان والمنطقة».
أما وليد فارس، فكان قد ذكر في حديث تلفزيوني أنه «على المعارضة اللبنانية القيام بدورها، وألا تنتظر المجتمع الدولي»، ولمح في حديثه إلى «ضرورة تحرك سياسي للمعارضة في لبنان لملاقاة خطاب الحريري عبر وضع شروط على رئيس الجمهورية»، قبل أن يستطرد: «الكرة اليوم في ملعب المعارضة، التي يتماشى معها المجتمع الدولي، وتدعمها أميركا إذا تحركت، بعدما كانت قبل ذلك تخرج ضد تدخل إيران وسلاح الحزب، وتعود بعدها لتجلس مع الأخير على طاولة الحكومة». وفي حين استبعد فارس حرباً إسرائيلية أو أي عمل عسكري أميركي ضد لبنان، فإنه حمّل مسؤولية الفشل في مواجهة سلاح الحزب إلى قيادة المعارضة السياسية اللبنانية، مذكراً في الوقت عينه بما استطاع تحرك «ثورة الأرز» عام 2005 تحقيقه لجهة إخراج النظام والجيش السوري من لبنان.



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.