الصومال: غارات أميركية جديدة تضرب «الشباب»

تحذيرات من فراغ أمني في حال انسحاب «أميصوم»

TT

الصومال: غارات أميركية جديدة تضرب «الشباب»

أعلنت الولايات المتحدة أنها شنت ضربة جوية جديدة استهدفت المتمردين في حركة الشباب المتشددة في الصومال، ما أسفر عن مقتل «عدد كبير منهم».
وقالت القيادة العسكرية الأميركية العاملة في أفريقيا (أفريكوم) في بيان لها مساء أول من أمس، إن العملية تمت على بعد نحو 160 كيلومتراً غرب العاصمة الصومالية مقديشو، بالتنسيق مع الحكومة الصومالية، مضيفة أنه «بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية للصومال، شنت القوات الأميركية غارة جوية ضد حركة الشباب في منطقة ثور، ما أدى إلى مقتل عدد من المسلحين»، لكنها لم تحدد عددهم.
وهذه هي الغارة الجوية الثانية من نوعها هذا الشهر، الذي تستهدف فيه طائرات عسكرية أميركية مواقع تابعة لحركة الشباب المتطرفة.
واتهمت «أفريكوم» حركة الشباب بـ«الولاء لتنظيم القاعدة»، معتبرة أنها «مكرسة لتوفير ملاذ آمن للهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم»، كما قالت إن الحركة «ملتزمة علناً بتخطيط وتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة».
وتعهدت القوات الأميركية بأنها ستواصل «استخدام كل الإجراءات المأذون بها والملائمة لحماية الأميركيين وتعطيل التهديدات الإرهابية، بما في ذلك إقامة شراكات مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، وقوات الأمن الوطني الصومالية، واستهداف الإرهابيين ومعسكرات تدريبهم في جميع أنحاء الصومال والمنطقة وحول العالم».
وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت واشنطن أنها وجهت ضربة إلى عناصر في تنظيم داعش للمرة الأولى في الصومال، بعدما أجاز الرئيس دونالد ترمب في شهر مارس (آذار) الماضي، لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، تنفيذ عمليات جوية أو برية «ضد الإرهابيين» دعماً للحكومة الصومالية، التي يدعمها المجتمع الدولي، حيث يحاول المتمردون في حركة الشباب الإطاحة بها منذ عام 2007.
وكانت القوات الأميركية نفذت خلال العام الماضي، 15 غارة بطائرات من دون طيار ضد الحركة، ما أدى إلى مصرع نحو 311 شخصاً، معظمهم من حركة الشباب، وفقاً لإحصاءات مكتب صحافة الاستقصاء، وهو منظمة غير حكومية بريطانية تحصي غارات الطائرات الأميركية دون طيار. إلى ذلك، حذرت تقارير أمس، من حدوث فراغ أمني في الصومال، مع بدء قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) في الانسحاب من الصومال بشكل تدريجي وتسليم المسؤولية الأمنية للجيش الصومالي.
ورأت وكالة «بانا بريس» الأفريقية أن ما وصفته بـ«منسوب الاطمئنان» لدى السلطات الصومالية في قدرتها على تعويض الغياب الأفريقي، يرجع بالأساس إلى التدخل العسكري الأميركي، بالإضافة إلى افتتاح تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها خارج أراضيها أخيراً في الصومال.
وطبقاً لما أعلنه ممثل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بالصومال فرانسيسكو ماديرا، فإن 1500 جندي على الأقل ضمن أول كتيبة من قوات الاتحاد الأفريقي ستنسحب من الصومال قبل نهاية العام الحالي.
وشهدت مناطق الجنوب الصومالي أخيراً تحركات عسكرية إثيوبية، وصفت بأنها تأتي في إطار الاستعدادات الحالية لبدء عملية انسحابها من البلاد، بالتزامن مع إعلان «أميصوم» قيامها بسلسلة تحركات عسكرية، تستهدف «إعادة اصطفاف وتمركز الوحدات في مختلف قواعد العمليات الأمامية في جميع أنحاء الصومال».
ويأتي الانسحاب الأفريقي بعد أسابيع قليلة فقط على أسوأ التفجيرات الدموية التي شهدها الصومال، حيث أودت عملية إرهابية بالعاصمة الصومالية منتصف الشهر الماضي إلى مقتل 358 شخصاً، وجرح المئات.
لكن الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو بدا متفائلاً في المقابل بقدرة قواته العسكرية على تحقيق الهدف المنشود بالقضاء على المتطرفين، وخصوصاً في صفوف حركة الشباب، بينما تزحف قوات الجيش الصومالي في عدة مناطق بجنوب البلاد، باتجاه القرى القليلة التي لا تزال تسيطر عليها الحركة بإقليمي شبيلي السفلى والوسطى.
وكشف تقرير للأمم المتحدة النقاب عن تزايد أتباع جماعة متشددة موالية لتنظيم داعش في شمال الصومال، بينما أعلن الجيش الصومالي أول من أمس، مصرع 3 عناصر من حركة الشباب في عملية عسكرية نفذها بضاحية منطقة بصرة التابعة لإقليم شبيلي الوسطى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.