بعد أقل من أسبوعين من نشر برلماني حول تجاوزاته المالية، نشر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد تسجيلا ثانيا كشف فيه حقيقة الصراع الداخلي في زمن رئاسته حول الملف النووي وأسباب فرض العقوبات على طهران متهما رئيس البرلمان علي لاريجاني بالتمرد على أوامره والتسبب في فرض العقوبات الدولية على إيران، كما اتهم نائبا برلمانيا بإجراء لقاءات سرية مع ضابط للمخابرات البريطانية قبيل اقتحام السفارة البريطانية وذلك بهدف عرقلة حكومته.
وقال أحمدي نجاد في تسجيل جديد نشر أول من أمس على موقعه الإعلامي إنه خلال المفاوضات النووية في العام الأول من رئاسته في 2005 طلب من لاريجاني «عدم التجاوب مع بعض الاستفسارات المطروحة من الوكالة الدولية ورد على البعض الآخر» موضحا أنه طلب من لاريجاني عدم الرد على «ادعاءات أميركية» لكن لاريجاني قطع وعودا للأميركيين حينذاك بحسب أحمدي نجاد.
وكان أحمدي نجاد قد كشف في تسجيل سابق الأسبوع الماضي، أنه ينوي القيام بنشر تسجيلات للرد على التهم الموجهة إليه عبر موقع «بهار نيوز» الناطق باسمه. وقال إن الإدارة الأميركية فرضت عقوبات على إيران بسبب تلك الادعاءات متهما لاريجاني بمعارضة قراراته.
وتعتقد أطراف داخلية أن بحوزة أحمدي نجاد معلومات عالية السرية عن النظام والملف النووي والانتخابات الرئاسية في 2009 تحول دون اتخاذ قرارات من المرشد الإيراني علي خامنئي تؤدي إلى محاكمته وإقصائه من المشهد السياسي.
وكان لاريجاني أمينا عاما لمجلس الأمن القومي قبل أن يصبح رئيسا للبرلمان عندما فاز أحمدي نجاد بأول انتخابات رئاسية في 2005.
وبدأ أحمدي نجاد فترة رئاسته الأولى في حين كانت طهران تشهد حينذاك صراعا محتدما على الملف النووي بين مجلس الأمن القومي الإيراني برئاسة علي لاريجاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان يحاول بدوره السيطرة على الملف النووي.
وكشف الرئيس السابق أبعادا جديدة من الخلافات السياسية في الداخل الإيراني في حين كان يحظى بدعم المرشد الإيراني علي خامنئي خلال السنوات الأولى من رئاسته. وذكر أنه أخبر كبار المسؤولين الإيرانيين بجدية العقوبات على المركزي الإيراني والنفط مشددا على أهمية الوحدة الداخلية ضد تلك الإجراءات. واتهم أحمدي نجاد البرلمان الإيراني بتضعيف حكومته في العام الأول من رئاسته وعرقلة خطواتها على صعيد الملف النووي «بعدما كانت في موقف القوة» وقال: «عملوا على تضعيف الحكومة في الداخل ونحن أصبحنا في موقف أضعف. ذهبوا وأبرموا اتفاقا واتضح لاحقا ماذا كانت الخطط ولماذا حدث ذلك».
واعتبر أحمدي نجاد أن الغموض المتعلق بالأنشطة الإيرانية النووية على الصعيد العسكري وآلية التفتيش سبب فرض العقوبات وليس الخطوات التي اتخذتها حكومته على صعيد تخصيب اليورانيوم وتسريع أنشطة إيران النووية.
وكانت إيران أحرزت تقدما مع الثلاثي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) قبل وصول أحمدي نجاد للرئاسة في 2003 عندما كان الرئيس الحالي حسن روحاني أمينا عاما لمجلس الأمن القومي قبل أن يأخذ علي لاريجاني محله. واستمرت المفاوضات الإيرانية مع روسيا وأميركا وفرنسا حول تخصيب اليورانيوم قبل نهاية فترة أحمدي نجاد الأولى في 2009 لكن طهران تخلت عن اتفاق مبدئي بنقل ذخائر اليورانيوم إلى الخارج.
في هذا الصدد، اتهم أحمدي نجاد أطرافا داخلية بعرقلة حكومته في التوصل إلى اتفاق مع الوكالة الدولية وأميركا وروسيا وفرنسا بشأن نقل اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 من إيران وتسليمها وقود بنسبة 20 في المائة.
وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات مشددة على طهران بعدما وصلت مفاوضات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طريق مسدود مع طهران.
من جهة ثانية، اتهم أحمدي نجاد نائبا في البرلمان بالتخابر لصالح المخابرات البريطانية في العام الأخير من رئاسته بين عامي 2012.
وزعم أحمدي نجاد أن اقتحام السفارة البريطانية في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 جاء بعد أسبوع من إخفاق بريطاني بتمرير مشروع عقوبات ضد بلاده في الاتحاد الأوروبي مضيفا على أن اقتحام السفارة «قلب الطاولة لصالح أميركا وبريطانيا».
وأوضح أحمدي نجاد أن المسؤولين البريطانيين «كانوا على علم بمخطط الهجوم على السفارة البريطانية» مضيفا أن الهدف كان «الحصول على تأييد أوروبي لتمرير العقوبات ضد طهران». وتابع أن «ضابط المخابرات البريطاني قال لنائب البرلمان أمامكم 18 شهرا لتجاوز الحكومة، يجب أن تسارعوا».
وقال أحمدي نجاد إن أحد نواب البرلمان الإيراني التقى ضابطا من المخابرات البريطانية «سرا» في ميونيخ من دون علم السفير وخبراء وزارة الخارجية، مضيفا أن القضاء «على علم بالقضية لكنه لم يتخذ أي قرار».
ولم يذكر الرئيس الإيراني السابق اسم النائب الذي يتهمه بالتخابر مع بريطانيا.
وفي نوفمبر 2011 هاجم أعضاء في منظمة الباسيج الطلابي السفارة البريطانية في طهران بعد يوم من تصويت البرلمان الإيراني على خفض العلاقات مع بريطانيا إثر عقوبات بريطانية على البنك المركزي الإيراني وأدى الهجوم إلى طرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية من لندن وقطع العلاقات مع طهران.
وكان السفير البريطاني السابق دومينيك تشيلكوت، في تصريحات سابقة لقناة «بي بي سي» قد اتهم السلطات في طهران بالوقوف وراء اقتحام السفارة البريطانية وقال إن الشرطة كانت تقف موقف المتفرج. وأشار آنذاك إلى تورط مسؤولين في الهجوم من أجل مصالح شخصية، وذكر اسم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي من بين المسؤولين الذين تسببوا في أزمة دبلوماسية للتغطية على ملف فساد اقتصادي كبير في إيران.
وعادت العلاقات بين طهران ولندن بعد أربعة أعوام في سبتمبر (أيلول) 2015 بعد زيارة وزير الخارجية البريطاني السابق فيليب هاموند وذلك بعد شهرين من إعلان التوصل إلى الاتفاق فيينا حول الملف النووي الإيراني.
وتأتي الاتهامات لنواب البرلمان ورئيسه علي لاريجاني بعد نحو شهر على اتهام ابنة رئيس القضاء صادق لاريجاني بالتخابر لأجهزة مخابرات غربية. ورد طهران رسميا على نفي وثائق سربها موقع «آمد نيوز» المعارض.
نهاية الشهر الماضي، قال رئيس لجنة التخطيط والميزانية غلام رضا تاجغرون إن اللجنة تنوي مناقشة تقرير يثبت تجاوزات مالية قدرها 4 آلاف و600 مليار تومان إيراني حصل عليها أحمدي نجاد من مبيعات النفط، تهميدا لإحالته إلى القضاء.
وبعد أسبوع طالب المتحدث باسم كتلة المحافظين في البرلمان الإيراني، غلام علي جعفر زاده، أمس، بطرد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من مجلس تشخيص مصلحة النظام، بعد «التأكد من تجاوزاته».
وكان المرشد الإيراني علي خامنئي اختار أحمدي نجاد ضمن التشكيلة الجديدة لمجلس تشخيص مصلحة النظام وذلك بعدما توقعت أوساط إيرانية نهاية حياته السياسية عقب تقديم أوراق الترشح للانتخابات الرئاسية على خلاف توصية خامنئي.
أحمدي نجاد يكشف تفاصيل الصراع الداخلي في عهده
اتهم برلمانيين بالتخابر مع بريطانيا وإحباط حكومته للتوصل إلى الاتفاق النووي
أحمدي نجاد يكشف تفاصيل الصراع الداخلي في عهده
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة