متورط «غير مصري» في هجوم «الواحات»

القاهرة تعلن تفاصيل جديدة حول الاعتداء... وتدمير 1200 عربة أعدت لتنفيذ عمليات

TT

متورط «غير مصري» في هجوم «الواحات»

أعلنت مصر عن تفاصيل جديدة في حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن البؤرة التي قامت بعملية الواحات، قائلاً: «تم تصفيتها بالكامل عدا واحد، وقبضنا عليه حيا وهو غير مصري، وسنعلن النتائج بعد انتهاء منتدى شباب العالم بشرم الشيخ أمام الإعلام... وسنعلن اعترافاته وجنسيته وهو الوحيد الباقي من الـ14 إرهابياً». وأضاف الرئيس أنه «خلال العام الماضي وقعت هجمات في هذه المنطقة (أي الواحات) وكان لا بد من تصفية أي وجود حتى لا يبنى عليه مزيد من البؤر الإرهابية».
في السياق نفسه، قال خبراء أمنيون واستراتيجيون، إن «مصر تؤمن حدودها الغربية على مدار الساعة بالتأمين الجوي وحرس الحدود والأقمار الصناعية وتكبد الإرهابيين خسائر كبيرة». مضيفين لـ«الشرق الأوسط» أن «حجم الأسلحة التي تم ضبطها مع الإرهابيين خلال الأحداث الأخيرة في الواحات يشير لحجم التمويل الكبير».
وقالت وزارة الداخلية المصرية في وقت سابق، إنها قتلت 14 إرهابياً بعد أسبوع من حادث الواحات خلال عمليات عدة نفذت قرب الحدود الغربية مع ليبيا ضد المجموعات المسلحة التي تنشط في الصحراء الغربية.
وأكد الرئيس السيسي، خلال لقاء على هامش منتدى «شباب العالم» مع ممثلي وسائل الإعلام المصرية والعربية والأجنبية، أن «الإرهاب أخطر آفة تهدد أمن واستقرار أي دولة»، قائلاً: «لا تعلمون حجم التكلفة المالية التي نتحملها لمواجهة الإرهاب، وتكلفتها تزيد على الحرب النظامية نتيجة الحاجة لتأمين المطارات والحدود البرية مع ليبيا وحدود سيناء والحدود البحرية».
وأعلن الرئيس: «دمرنا حتى الآن أكثر من 1200 عربة كانت متجهة للقيام بعمليات إرهابية، آخرها قبل يومين تم تدمير 10 عربات للإرهابيين محملة بالأسلحة والذخائر، وقبلها 10 آخرين، وقبلها بخمسة أيام 16 عربة، كلها متجهة لمصر للقيام بعمليات إرهابية».
وشكلت الصحراء الغربية خلال الأيام الماضية مصدر إزعاج للأمن المصري لكونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت لمسلحين ينتمون إلى جماعات إرهابية بالعبور إلى مصر واستخدام الصحراء في الإعداد لهجمات إرهابية.
وأكد السيسي أن «هناك جهداً كبيراً يبذل في المنطقة الغربية على امتداد 1200 كيلومتر من السلوم حتى السودان ويتم مراقبة المنطقة بالتعاون مع القوات الجوية، وفي سيناء الأمور أفضل، وكل يوم، وكل إجراء، وكل عملية من عملية حق الشهيد نحقق نجاحاً مع الحرص على أمن المواطن البريء».
مضيفاً: «لا نُقدم على أي إبادة، وإنما نتعامل فقط مع العناصر الإرهابية، وإذا ما كان هناك شك في وجود أبرياء فلا نُقدم على مهاجمة المكان، ونحرص على ألا يكون مهاجمة الإرهاب في سيناء على حساب السكان المدنيين، والأمر في تحسن يوما بعد يوم، وحققنا تقدما في منطقة الحدود مع غزة وحتى العريش».
من جانبه، قال اللواء الدكتور محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، إن «جنوب ليبيا مع مصر مؤهلة لأن تكون ملاذا لجميع الإرهابيين القادمين من (الشام وليبيا والصحراء)... ومصر أكبر دولة مهددة بذلك». مضيفاً أن «ما بين مصر وليبيا 1100 كيلومتر، الجزء المأهول بالسكان قليل في (سيوة والفرافرة والواحات)؛ لكن هناك منطقة بحر الرمال - بمحاذاة الحدود مع ليبيا - وهي الجزء الصعب»، لافتاً إلى أن لبيبا بالنسبة للإرهابيين هي المكان المرشح بامتياز لكل من يبحث عن ملاذ من الفارين من سوريا والعراق ليكمل مسيرة العمل الإرهابي، وأنسب مكان لهم بعد ذلك للقيام بعمليات إرهابية عقب الخروج من ليبيا، هي مصر وليس «تونس أو الجزائر أو السودان».
ويقع العبء الأكبر في تأمين الحدود بين مصر وليبيا على الجانب المصري، بسبب انشغال الجيش الليبي بمحاولة فرض الأمن والاستقرار وهزيمة الجماعات الإرهابية داخل عموم ليبيا.
وكانت جماعة مسلحة غير معروفة تدعى «أنصار الإسلام» قد أعلنت مسؤوليتها عن حادث الواحات قبل أيام، وقال الخبير عمرو عبد المنعم، المتخصص في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن جماعة «أنصار الإسلام» يطلق عليها أيضاً «المرابطون» وهي أحد تشكيلات تنظيم القاعدة في ليبيا، مشيراً إلى أن «أنصار الإسلام» نفذوا حادث الواحات لدرايتهم بجغرافية الصحراء الغربية، لافتاً إلى أن عددا كبيرا من العناصر الإرهابية التي كانت تقاتل في ليبيا حاولت الدخول لمصر عبر الحدود؛ لكن السلطات المصرية تتصدى لهم بنجاح.
في السياق نفسه، كشف اللواء قشقوش عن أن «الحدود الغربية تعاني من 3 روافد للإرهابيين، الأول القادمون من سوريا والعراق، والثاني الموجودون في سرت بليبيا، والثالث القادمون من مالي والنيجر... وهذه المنطقة سكة متميزة لبيع السلاح، والاتجار بالبشر، والتهريب والتدريب على استخدام الأسلحة وصنع المتفجرات».
كما حذر الرئيس المصري في سياق حديثه السابق، من وجود حرب من الجيل الرابع والخامس، تدار ضد مصر من قبل أجهزة تعمل ضد مصر، مشيراً إلى أن ما تم الإعلان عنه من عدد ضحايا الشرطة جراء حادث الواحات هو الرقم الحقيقي... ولم نعلن الرقم؛ إلا بعد أن توافرت معلومات دقيقة عن الوضع.
وكانت الداخلية المصرية قد أعلنت في بيان لها عقب حادث الواحات، مقتل 16 من قوات الشرطة خلال المواجهات مع الإرهابيين، بينهم «11 ضابطاً و4 مجندين ورقيب شرطة»، فضلاً عن إصابة 13 من القوات من بينهم «4 ضباط و9 مجندين»، وذلك عقب تداول أرقام غير حقيقية عن الضحايا في بعض وسائل الإعلام.
وعن اتجاه التنظيمات الإرهابية إلى الحدود الغربية بعيداً عن سيناء، قال قشقوش إن «هذه الجماعات الإرهابية تريد أن تجر مصر لمنطقة توتر جديدة في الصحراء الغربية، بعد أن هدأت سيناء خلال الأشهر الماضية، وتم تصفية كثير من العناصر المتشددة، وهدفها في ذلك تشتيت قوات الشرطة والجيش من شبة جزيرة سيناء حتى الحدود الغربية».
ويقول مراقبون إن «الجبهة الغربية باتت تشكل مسرحاً جديداً للإرهاب في البلاد، تضاف إلى البؤرة التقليدية في شمال شبه جزيرة سيناء».
وحول المطلوب للسيطرة على منطقة الحدود الغربية، أكد اللواء قشقوش، أن «مصر استطاعت خلال الفترة الماضية أن تؤمن شمالاً؛ لكن في الجنوب هناك بحر رمال ممتد، لذلك تلجأ الجماعات الإرهابية لاستخدام سيارات الدفع الرباعي للدخول لهذه المنطقة والقيام بعمليات إرهابية أو التخطيط لها». لكنه أشار إلى أن «مصر تؤمن حدودها على مدار الساعة بالتأمين الجوي وحرس الحدود وقصاصي الأثر والأقمار الصناعية، وتكبد الإرهابيين خسائر كبيرة حتى قبل الوصول للحدود المصرية».
اللواء قشقوش طالب في هذا الصدد، بضرورة وجود تعاون أمني بين «مصر وليبيا والجزائر وتشاد والسودان» للسيطرة على المنطقة وضبط الإرهابيين، وقد يكون هناك أيضاً تعاون دولي مع الاتحاد الأفريقي وأميركا وفرنسا.
ويسعى الجيش المصري جاهداً للسيطرة على حدوده مع ليبيا؛ وخلال الأشهر الماضية أحبطت قوات حرس الحدود عشرات العمليات لتهريب الأسلحة والمخدرات القادمة من ليبيا.
وأكد الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري، قبل أيام، اتخاذ الجيش مزيداً من التدابير المشددة لحماية حدود البلاد الغربية، وذلك بعد تزايد المخاطر الأمنية للمسلحين المتسللين عبر الأراضي الليبية.
من جهته، قال العميد خالد عكاشة، عضو المجلس القومي لمكافحة التطرف والإرهاب في مصر، إن «هناك دفعاً بكتائب إرهابية من الحدود الليبية لتنفيذ عمليات إرهابية في بمصر بهذه المنطقة»، موضحاً أن حجم الأسلحة التي تم ضبطها مع الإرهابيين خلال أحداث الواحات يؤكد حجم التمويل الكبير الذي تحصل عليه العناصر المتطرفة للقيام بعمليات استهداف للشرطة والجيش بمصر.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.