(1903) The Great Train Robbery إبداع سابق لغريفيث وايزنستاين
الصورة الشهيرة لهذا الفيلم هي للشريف مصوّباً مسدّسه إلى المشاهدين. هناك عزم في النظرات وخطر في فوهة المسدس. والصورة مأخوذة من ذلك المشهد الأخير الذي يرفع الشريف مسدّسه، مباشرة بعد انتهاء الأحداث، ناظراً إلى الكاميرا ثم يوجه مسدّسه ويطلق ست رصاصات ولا يرفع أصبعه عن الزناد على الرغم من نفاد رصاصاته.
هذا ما يجعله أول فيلم سينمائي أميركي طويل في التاريخ يستخدم ما يعرف بـ«الجدار الرابع» والثاني بعد الفيلم البريطاني القصير The Big Swallow الذي أخرجه جيمس ويلسون سنة 1901. ولو أنّ ذلك الفيلم القصير نُـفّـذ بمفهوم مختلف غير معني بالجمهور ذاته.
الجدار الرابع هو عرف يقصد به تصوير الممثل وهو يتوجه مباشرة إلى الكاميرا حتى ولو كان الفيلم روائياً كحال «سرقة القطار الكبرى. بمعنى أنّ المشهد مؤلف من أربع جوانب (شرق، غرب، شمال، جنوب). الكاميرا عليها أن تحتل أحد هذه الجوانب، ما يترك ثلاثة جوانب يستطيع الممثل النظر إليها أو صوبها وأن يتعامل معها. الجانب الرابع هو المكان الذي تحتلّـه الكاميرا، إذا ما نظر الممثل إلى هذا الجانب، فهو نظر إلى الكاميرا ومنها إلى المشاهدين، بذلك كسر مفهوم الجدار الرابع. هل هذا بمثابة فعل طليعي سابق لأوانه في ذلك الحين؟ بلا ريب.
كذلك فإن هذا الفيلم الوسترن المبكر هو أول فيلم روائي استخدم المونتاج المتوازي (قبل غريفيث وقبل أيزنستاين)، ليسرد حادثين في موقعين مختلفين. وهو أول وسترن بحكاية لها بداية ونهاية وتزيد عن ثلاث دقائق. ذلك أنّ كل الأفلام حينها كانت تسرد حدثاً واحداً من بدايته غير مقطوع بحدث آخر. وهذا النحو استمر لخمس سنوات لاحقة على الأقل.
تبدأ الحكاية بموظّـف محطّة قطار منكب في غرفته على الكتابة. يقتحم المكتب رجلان من عصابة نتعرف إلى كامل أعضائها لاحقاً، ويضربانه فيسقط أرضاً. يبحثان عن أوراق لا نعلم ما هي ثم يخرجان من الغرفة إلى رصيف المحطة بعد تقييد يدي وقدمي الموظّف ثم ينضمان إلى اثنين آخرين ويتسلل الجميع إلى داخل القطار. يقطع المخرج إلى خزنة في إحدى عربات القطار يقتحمها اللصوص ويقتلون رجلاً حاول الدفاع عن الخزنة.
يوظف المخرج سطح القطار لمعركة بالأيدي (الأول في هذا النطاق أيضاً) بضرب أحد الأشرار موظف القطار الذي حاول التصدي له ويرميه من فوق القطار (دمية) في مشهد غير مسبوق. بعد أن يجبر أفراد العصابة الركاب على مغادرة القطار وتسليمهم ما يحملونه من نفائس (هناك يتم قتل رجل ثالث في الفيلم) تنطلق العصابة في اتجاه الغابة.
خلال ذلك ينتقل الفيلم إلى حدث يقع في مكان آخر: حفلة راقصة (أقرب لأن تكون حفلة عرس) يحضرها شريف البلدة (ألفرد أبادي) حيث يصله نبأ السرقة. فيخرج من تلك الحفلة مع عدد من الرجال ويطاردون الأشرار.
ينتقل الفيلم بين الأشرار والأخيار في مطاردة لاحقاً ما باتت معهودة. ثم يصل رجال القانون إلى حيث كان رجال العصابة تركوا القطار المنهوب وأخذوا يتقاسمون الغنائم يفتح الشريف ورجاله النار على العصابة وتقع معركة تنتهي بسقوط الأشرار.
على كثرة ما شاهدت من أفلام صامتة من العام 1898 إلى تاريخ هذا الفيلم، لم يحفل أي عمل بمشاهد عنيفة (بمقياس ذلك الحين وبمفهوم العنف اليوم) كما ورد في هذا الفيلم.
المخرج هو إدوين س. بورتر الذي توفي سنة 1941 عن 71 سنة و444 فيلماً قصيراً ومتوسط الطول عندما كان التصوير والإخراج لا يأخذ أكثر من أسبوع أو أسبوعين على الأكثر.
بالنسبة لطريقة عمله هنا، شكّـلت كل لقطة مشهداً كاملاً، والكاميرا لم تتحرك إلا لمرّة واحد (حركة قصيرة من اليمين إلى اليسار حين يركب أفراد العصابة جيادهم) والمخرج تنبّـه إلى المونتاج وخلق به إيقاعاً تشويقياً مناسباً والفيلم عبر تقطيعه واختيار لحظات الانتقال من مشهد لآخر ينجز المهمّـة جيداً.
بالعودة إلى المشهد النهائي عندما وجّـه الممثل المسدس - البكرة إلى المشاهدين وأطلق رصاصاته صوبهم، فإن الوقع في الصالة كان يستحق فيلماً عنه: كثيرون خافوا واختبأوا وراء الكراسي خوفاً من أن تصيبهم الرصاصات الست.
سنوات السينما
سنوات السينما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة