السيسي ينتقد إغفال دور المرأة... ويتعهد بمنحها فرصة أكبر

لمّح خلال منتدى شباب العالم بشرم الشيخ إلى اعتزامه الترشح لفترة رئاسية ثانية

الرئيس السيسي خلال إلقاء كلمته في ملتقى الشباب بشرم الشيخ أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي خلال إلقاء كلمته في ملتقى الشباب بشرم الشيخ أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي ينتقد إغفال دور المرأة... ويتعهد بمنحها فرصة أكبر

الرئيس السيسي خلال إلقاء كلمته في ملتقى الشباب بشرم الشيخ أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس السيسي خلال إلقاء كلمته في ملتقى الشباب بشرم الشيخ أمس («الشرق الأوسط»)

انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «إغفال دور المرأة في الأسرة وعدم تقديره بشكل مناسب»، قائلاً إنها «مشكلة تواجه بلادنا». وتعهد السيسي خلال مشاركته أمس في جلسة «دور المرأة في دوائر صناعة القرار» في اليوم الثالث لفعاليات منتدى شباب العالم بمدينة شرم الشيخ، دعم «كل إجراء يدفع بمكانة المرأة وتقدير دورها باحترام». وأكد الرئيس «أهمية تغيير ثقافة المجتمع تجاه دور المرأة»، موضحاً أن «تمكين النساء لا يعتمد على الإرادة السياسية فقط، بل على ثقافة المجتمع ككل، وإذا كانت ثقافة المجتمع حاجبة أو رافضة لدور المرأة، فإن الإرادة السياسية وحدها لا تستطيع تغيير ذلك».
ومدح السيسي المرأة بالقول إنها «عماد الأسرة التي صاغت شخصيات أبنائها، وقد لا نكون منصفين في تعاملنا مع المرأة في منطقتنا العربية والإسلامية ومصر، وإذا كنا منصفين فإننا لن نتغافل أو نطمس دور المرأة العظيم الذي أراده الله لها».
وأوضح السيسي، أنه «من الإنصاف، وليس من التفضل منح المرأة دوراً، واعتبار ذلك تفضلاً من الرجل كلام لا يليق»، وقال: إن «نزول المرأة المصرية لتفويضي لمحاربة الإرهاب جاء من أجل بلدها والإنسانية، وعلى الرجال والشباب الحفاظ على السيدات ورعايتهن، والانحناء أمامهن تقديراً لمجهوداتهن».
وأضاف السيسي «أنا معكم في كل إجراء ممكن أن يدفع بمكانة المرأة وتقدير دورها باحترام، وشخصياً أعامل السيدات والفتيات في عائلتي بكل احترام وتقدير، وهذا ليس تفضلاً مني، ولكنه شكل من أشكال المعالجة الدينية التي أمرنا بها النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهذا هو الحد الأدنى لفهمي الخاص للدين في معاملة المرأة».
وتمثل الإناث نسبة 48.4 في المائة من تعداد سكان مصر، البالغ عددهم 104 ملايين نسمة، بحسب أحدث تعداد رسمي أعلنت نتائجه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفي مطلع العام الحالي قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، اعتباره عاماً للمرأة المصرية.
ودعا الرئيس إلى «برامج متكاملة في الإعلام والمدارس لإعادة رسم الصورة الحقيقية للفتاة والمرأة في المجتمع لتأخذ مكانها الذي تستحقه»، معتبراً أن «التمكين هو الاحترام والتقدير الحقيقي للفتاة وللمرأة». كما تطرق السيسي إلى المشكلات المتعلقة بإغفال دور المرأة، وقال مستنكراً: إن «الرسول (عليه الصلاة والسلام) أوصانا بالرفق بالنساء... فكيف لا يتم توريث المرأة في بعض القرى؟... من الضروري أن يتغير هذا الواقع إذا كنا نخشى الله عز وجل».
ودفعت زيادة قضايا حرمان المرأة من ميراثها الشرعي، والمنتشرة في بعض المناطق، وبخاصة في صعيد مصر، الحكومة في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى الموافقة على مشروع قانون يقضي بأن «يُعاقب كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وينتظر أن يناقش البرلمان مشروع القانون في دورة الانعقاد الحالي.
ومازح السيسي حضور جلسة تمكين المرأة بعد أن سألت إحداهن عما إذا كانت هناك مشاركة مزيد من السيدات في المناصب القيادية والوزارات؟، فرد الرئيس قائلاً: «ما الأمر؟ هل تريدون رئيسة وزراء؟».
وفيما بدا تلميحاً بشأن حسمه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال السيسي، الذي لم يعلن صراحة نيته الترشح حتى الآن، إنه «يجب على الرجل حين يتحدث للمرأة أن يضع يده وراء ظهره، وأنا أعرف أن هذا الكلام سوف يغضب بعض الرجال مني، ونحن مقبلون على انتخابات».
من جهتها، قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري: «إن مصر لديها استراتيجية واضحة وصريحة حتى عام 2013 لتمكين النساء في مواقع اتخاذ القرار في مصر، تتضمن الدفع بقيادات نسائية في مجالات مختلفة، والمجلس القومي للمرأة وضع برامج تدريبية للمرأة كبرنامج (سيدات تقود المستقبل)»، مشددة على «ضرورة مساندة السيدات لبعضهن بعضاً لتولي مناصب قيادية أكثر في المستقبل».
بدورها، تحدثت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، في مداخلة خلال الجلسة ذاتها، وقالت: إن «قانون الاستثمار الجديد نص على مادة خاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الفرص الاستثمارية، كما أن التمكين الاقتصادي للمرأة يمثل إحدى الركائز الرئيسية للاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على زيادة خلق فرص متساوية بين الجنسين من خلال سنّ التشريعات التي من شأنها حماية المرأة، وأكدت «أن نسبة المرأة من برامج التمويل متناهي الصغر تصل إلى 80 في المائة».
من جهتها، أكدت ميوا كاتو، مديرة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، أن «منظمة الأمم المتحدة تدعم وتثمن أيضاً دور المرأة المصرية في مواجهة العنف والإرهاب، وعلى دراية بالدور الكبير الذي تقدمه المرأة والفتاة المصرية في الوقت الحالي».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».