واشنطن تنشر رسالة إلكترونية سعيا لدحض أقوال سنودن

المتعاقد السابق مع الاستخبارات أكد تقديمه شكوى داخلية احتجاجا على التنصت

سنودن أثناء حديث إلى شبكة  «إن بي سي» الثلاثاء الماضي (أ.ب)
سنودن أثناء حديث إلى شبكة «إن بي سي» الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

واشنطن تنشر رسالة إلكترونية سعيا لدحض أقوال سنودن

سنودن أثناء حديث إلى شبكة  «إن بي سي» الثلاثاء الماضي (أ.ب)
سنودن أثناء حديث إلى شبكة «إن بي سي» الثلاثاء الماضي (أ.ب)

نشرت الولايات المتحدة أول من أمس رسالة إلكترونية كتبها إدوارد سنودن، المتعاقد السابق في الاستخبارات الأميركية، في مسعى لدحض ما قاله عندما عبر عن مخاوفه حيال برامج تجسس واسعة قبل أن يهرب ويسرب وثائق سرية لوسائل الإعلام.
وسنودن الهارب إلى روسيا، قال في مقابلة مع شبكة «إن بي سي» الأربعاء، إنه شكك عبر القنوات الرسمية في شرعية عمليات المراقبة التي تقوم بها وكالة الأمن القومي. وذكر المتعاقد السابق رسالة إلكترونية بالتحديد كان قد كتبها إلى مكتب المستشار العام في وكالة الأمن، أعرب فيها عن مخاوفه. وردا على ذلك، نشرت الوكالة ما قالت إدارة الرئيس باراك أوباما إنها الرسالة الوحيدة التي وجدت في الأرشيف من سنودن حول الموضوع، ورأت أنها لا تثبت مزاعمه.
لكن سنودن قال فيما بعد لصحيفة «واشنطن بوست» إن ما نشرته وكالة الأمن «غير كامل»، مشيرا إلى رسالة أخرى أرسلها إلى إدارة اعتراض الإشارات. وقال سنودن إنه أعرب عن القلق حيال استخدام وكالة الأمني القومي معطيات من كبرى شركات الإنترنت الأميركية. وفي الرسالة الإلكترونية التي تعود إلى أبريل (نيسان) 2013 طلب سنودن من محامي وكالة الأمن القومي أن يوضحوا مسألة تتعلق بسلطة الأوامر التنفيذية التي يصدرها الرئيس والتشريعات القانونية. والرسائل المتبادلة لا تسجل على ما يبدو شكوى أو مخاوف حول برامج مراقبة الاتصالات الهاتفية الهائلة، التي كشفها سنودن فيما بعد في تسريبات لوسائل إعلام.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن «الرسالة الإلكترونية لا تذكر مزاعم أو مخاوف بشأن إساءة استخدام، بل أثارت مسألة قانونية رد عليها مكتب المستشار العام». وأضاف: «لم تسجل أي متابعة إضافية».
وقالت فاني فاينز المتحدثة باسم وكالة الأمني القومي في ذلك الوقت: «بعد تحقيقات مكثفة، شملت مقابلات مع مديريه السابقين في وكالة الأمن وزملائه، لم نجد أي دليل يدعم مزاعم السيد سنودن بأنه لفت انتباه أي شخص لتلك المسائل».
وردا على نشر الرسالة الإلكترونية الأخيرة، أعرب سنودن عن ثقته بأن «الحقيقة» ستتضح فورا. وقال سنودن لصحيفة «واشنطن بوست»: «إذا كان البيت الأبيض مهتما بالحقيقة كاملة وليس تسريب وكالة الأمن القومي، غير الكامل والمعد لخدمة غرض سياسي، يتعين على الوكالة أن تسأل زملائي السابقين والإدارة وفريق القيادة العليا، ما إذا كنت، في أي وقت من الأوقات، قد أثرت المخاوف بشأن نشاطات مراقبة غير ملائمة، وفي بعض الأحيان تتعارض مع الدستور». وأضاف: «الحصول على جواب لن يأخذ وقتا طويلا».
ويقول البيت الأبيض إن هناك سبلا كثيرة كان بإمكان سنودن اللجوء إليها للتعبير عن مخاوفه بشأن قانونية برامج وكالة الأمن القومي وأهدافها عوضا عن تسريب كميات هائلة من الوثائق السرية للصحافة. وقال كارني: «إن السلطات المختصة بحثت عن دلائل إضافية عن تواصل من السيد سنودن متعلق بتلك المسائل، ولم تجد حتى هذا التاريخ أي إثبات يتعلق بمزاعمه».
غير أن سنودن أصر في مقابلة مع «إن بي سي» على أنه سلك القنوات الرسمية. وقال: «وكالة الأمن القومي لديها سجلات، لديها نسخ عن رسائل إلكترونية إلى مكتب المستشار العام، إلى مسؤولي الإشراف والتطبيق، موجهة مني وأعرب فيها عن قلقي حيال تفسير وكالة الأمن القومي لسلطاتها القانونية». وأضاف: «كان الرد نوعا ما، باللغة البيروقراطية، عليك أن تكف عن طرح الأسئلة». وتابع سنودن أنه مستعد للبحث في مسألة الصفح أو العفو عنه ويرغب في العودة إلى الولايات المتحدة في وقت ما. ومن جهتها، تقول إدارة أوباما إن سنودن لا يمكنه العودة إلى الولايات المتحدة إلا للمثول أمام المحكمة لكشفه عن معلومات حساسة بالغة السرية، ساعدت أعداء الولايات المتحدة، بحسب الإدارة الأميركية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.