بن سالم: مخطط توريث نجل الرئيس التونسي واقع ملموس

قيادي «النهضة» قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يفضل عدم ترشح قيادة من حزبه للانتخابات الرئاسية

محمد بن سالم
محمد بن سالم
TT

بن سالم: مخطط توريث نجل الرئيس التونسي واقع ملموس

محمد بن سالم
محمد بن سالم

أكد محمد بن سالم، القيادي في «حركة النهضة» التونسية وزير الفلاحة السابق، وجود نيات جدية للتوريث السياسي، وقال إن مخططا متكاملا قد وضع لهذا الهدف، انطلق من دعوة حاتم الفرجاني، النائب البرلماني الممثل للجالية التونسية في ألمانيا، إلى الالتحاق بالتركيبة الحكومية، بما يفسح المجال لوجود فراغ على مستوى تلك الدائرة الانتخابية، ومن ثم تقديم حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، للترشح في هذه الدائرة بانتظار دخوله البرلمان ورئاسة الكتلة البرلمانية، قبل الانتقال إلى تنفيذ برنامج للتوريث السياسي من خلال رئاسة البرلمان والطموح لدخول قصر قرطاج.
وتوقف بن سالم في مقابلة مع «الشرق الأوسط» عند جدية هذا المخطط، بالتشديد على أنه لا أحد في تونس يمكن أن يقنعه ببراءة هذا «التمشي»، وتساءل: «لماذا يتم تعويض من يغادر منصبه البرلماني من القائمة الانتخابية نفسها من قبل من احتل المرتبة الموالية في عدد الأصوات في مختلف الدوائر الانتخابية، ما عدا الدائرة الانتخابية الممثلة للتونسيين في ألمانيا»، التي تم فيها تفضيل مخطط الترشح والمنافسة على المقعد بين أكثر من مرشح من مختلف الأحزاب السياسية (27 مرشحا بصفة قانونية)، علما بأن الانتخابات ستكون في الفترة الممتدة بين 15 و17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وللتأكيد على كلامه؛ أضاف بن سالم أن اقتراح نجل الرئيس الحالي لتمثيل حزب «النداء» في دائرة ألمانيا الانتخابية، كان مبرمجا من قبل مجموعة من قيادات حزب «النداء»، التي كانت ستسوّق لحافظ قائد السبسي، وتدعم حظوظه بكل الطرق للفوز عن دائرة ألمانيا، مشيرا إلى وجود نيات مبيتة في هذا الصدد، وقال بهذا الخصوص إن «إزاحة ممثل التونسيين في دائرة ألمانيا من البرلمان، وإلحاقه بالحكومة كان مبرمجا، ولم يكن عملا بريئا».
وبخصوص المنافسة المحتملة بين الباجي قائد السبسي الرئيس الحالي، والشيخ راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»، على رئاسة تونس في انتخابات سنة 2019، قال بن سالم إنه يفضل عدم تقديم مرشح من «حركة النهضة» للرئاسة كي تبقى حكما بين المرشحين، وأن تسعى إلى دعم المرشح الذي يوحد التونسيين، عادّاً أن ترشح ممثل لـ«حركة النهضة» في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيكون عنصر تقسيم، و«هو ما قد ينعكس سلبا على الاستقرار السياسي، ويهدد الديمقراطية الناشئة في تونس»، لكنه أكد في المقابل أن هذا الموقف لا يعني أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تعني «حركة النهضة»، «بل إنها ستكون عنصرا فاعلا في تحديد المستقبل السياسي للبلاد»، حسب تعبيره.
وبخصوص موقفه في حال قرر الرئيس الحالي الترشح لانتخابات 2019، قال بن سالم إن الدستور لا يمنع أي تونسي من الترشح للرئاسة ما دامت تتوفر فيه الشروط القانونية، «لكن من الضروري مراعاة عامل السن والقدرة على خدمة المواطنين عند الترشح لمثل هذه المهام السياسية الكبرى». وأضاف مازحا: «قد تحقق تونس الرقم القياسي عالميا على مستوى سِنّ من يتولى رئاسة البلاد في حال اعتزام الباجي الترشح سنة 2019».
ونفى محمد بن سالم أي مسؤولية لحزبه في انسحاب الحزب الجمهوري من الائتلاف الحاكم، وقال إن ما قيل عن اعتباره الوضع السياسي في تونس «متعفناً» مجانب للصواب، «لأن التعفن يعني أن الشفاء مستحيل، وأن الحل الوحيد هو البتر، في حين أن الوضع في تونس ليس بالسوء الذي صورته قيادات الحزب الجمهوري إثر إعلانها عن خروجها من الائتلاف الحكومي»، حسب قوله.
وفي رده على الانتقادات الكثيرة التي تطال قطبي المشهد السياسي، حزبي «النداء» و«النهضة»، وفشلهما في تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي، أقر بن سالم بوجود أزمة مستفحلة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؛ «لكن الأوضاع الحالية ليس ميؤوسا منها، بل بالإمكان تجاوزها إذا تضافرت جهود كل الأطراف السياسية، وكل الفئات الاجتماعية، ووضعت هدف النجاح أمام أعينها».
وكشف بن سالم لـ«الشرق الأوسط»، عن عدم انسحاب الحزب الجمهوري من «وثيقة قرطاج»، حسب تصريح محمد الصالح العياري، عضو المكتب التنفيذي للحزب، خلال برنامج إذاعي حضراه معاً، وعدّ أن الحزب الجمهوري لن يعارض بصفة كلية قرارات حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد، وعد هذا الموقف من باب النضج السياسي، وتحمل المسؤولية فيما ستصل إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية خلال المرحلة المقبلة.
وبشأن خفايا الخلاف بين حافظ قائد السبسي نجل الرئيس الحالي، وعصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري، حول مسألة التوريث السياسي، قال بن سالم إن عدة أطراف سياسية أخرى عبرت عن عدم ارتياحها لترشح نجل الرئيس عن دائرة ألمانيا الانتخابية، وما سيتبعه من خطوات مقبلة، وإيحاءات تقول إن الرجل لن يكتفي بمجرد الترشح في الانتخابات البرلمانية الجزئية. وتوقع بن سالم أن تكون خسائر حافظ قائد السبسي أكثر مما هي عليه الآن بعد تراجعه عن الترشح، لأن المعارضة ومختلف الأطراف الحزبية كانت ستتكتل ضده وتفضح مخطط التوريث السياسي من الأب إلى الابن، وهو ما ستكون له تداعيات وخيمة على مستقبله السياسي. وأضاف بن سالم أن مخطط التوريث الذي أحبط في تونس «مقلق لمؤيدي التداول الديمقراطي على الحكم، وهو يعيد إلى الأذهان صفحات سوداء من تاريخ تونس السياسي» على حد تعبيره.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.