مقتل 11 من قادة الميليشيات في غارات قرب صنعاء

TT

مقتل 11 من قادة الميليشيات في غارات قرب صنعاء

كثّف طيران التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، غاراته على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في مناطق مختلفة؛ بما فيها العاصمة صنعاء.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»: إن الغارات استهدفت مبنى قوات الأمن الخاصة، وتجمعات في دار الرئاسة، ومحيط ميدان السبعين في العاصمة صنعاء. كما استهدفت مقاتلات التحالف تعزيزات ومواقع في خربة قطرة بمنطقة البطنة التابعة لمديرية نهم، شرق العاصمة صنعاء، التي تشهد مواجهات مستمرة منذ أيام في ظل تقدم قوات الجيش الوطني والسيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية التي كانت خاضعة لسيطرة الانقلابيين، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق.
بدوره، أفاد موقع «سبتمبر نت» التابع للجيش اليمن بأن 11 من قادة الميليشيات لقوا حتفهم خلال المعارك التي تدخل أسبوعها الثاني بنهم شرق صنعاء. وأورد الموقع أسماء قيادات الميليشيات الذين «تأكد مقتلهم»، مشيراً إلى أن بينهم خبراء في صناعة المتفجرات والصواريخ وزراعة الألغام، بينما «لا تزال جثث العشرات من عناصر الميليشيات متناثرة في جبهات القتال». ولم تستبعد تقارير إعلامية، أمس، أن يكون رئيس ما يسمى المجلس السياسي للانقلابيين، صالح الصماد، ضمن القتلى.
وكان المستشفى العسكري بصنعاء قد استقبل خلال الأيام الماضي أكثر من 80 جثة من عناصر الميليشيات الذين قتلوا في مديرية نهم، إضافة إلى عشرات الجرحى.
وذكر موقع «سبتمبر نت»، أن عدد قتلى وجرحى الميليشيات منذ الثلاثاء الماضي تجاوز المائتين.
وفي محافظة تعز، أكدت مصادر عسكرية، أمس، أن 21 مقاتلاً من ميليشيات صالح والحوثي الانقلابية لقوا حتفهم في جبهات القتال بمحافظة تعز خلال اليومين الماضيين.
وبينما تتواصل المعارك لليوم الثالث على التوالي في جبل حبشي، غرب تعز، تمكنت قوات الجيش من تحرير مواقع جديدة، في الوقت الذي تشهد فيه مناطق بجبهة الصلو، معارك متقطعة، مع اشتداد القصف على القرى السكنية من قبل الميليشيات من مواقع تمركزها في أطراف قرية الشرف.
وأكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر عسكري في محور تعز العسكري «مقتل 15 انقلابياً، وسقوط عدد من الجرحى في مواجهات جبل حبشي المحاذية لجبهة مقبنة التي تشهد منذ أيام معارك عنيفة، علاوة على أسر 3 انقلابيين؛ منهم قناصان، في محيط قرية القوز، وذلك بعد أقل من 24 ساعة سقط فيها 6 قتلى من الانقلابيين، وأصيب 11 آخرون في مواجهات شهدتها منطقة الشقب، شرق المدينة». وأضاف، أن قوات الجيش الوطني «تمكنت من استعادة عدد من المواقع في جبل حبشي، بما فيها جبل القوز الاستراتيجي، وطريق الأشروح قرب جبل النعمان، مع اشتداد المعارك العنيفة بجبل عقاب في مقبنة».
ولفت إلى أن ذلك التقدم جاء «بعدما شنّت قوات الجيش الوطني هجوماً معاكساً على مواقع الانقلابيين، وأمّنت لنفسها فتح خط إمداد إلى مواقع الجيش في حمير مقبنة».
وأشار إلى أن «قوات الجيش استولت على كثير من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والفرق الهندسية التابعة للجيش باشرت نزع الألغام التي زرعتها الميليشيات بعد تأمين المنطقة بشكل كامل، وضمنها الألغام في الطريق العام الرابط بين مديريتي مقبنة وجبل حبشي».
وفي محافظة البيضاء اليمنية، أفادت مصادر في المقاومة الشعبية بجبهة القريشية لـ«الشرق الأوسط» بأن المقاومة شنّت هجوماً مباغتاً على مواقع الانقلابيين بين جبال حميدة والثعالب بمديرية القريشية، وتمكنت من السيطرة على نقطة الطاغوت، مضيفاً أن الهجوم أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات. وأضافت المصادر، أن الميليشيات ردت على الهجوم بقصف عنيف استهدف مزارع وممتلكات تابعة للمواطنين في قرية لقاح بالمديرية ذاتها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.