تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتأهيل الشباب لقيادة البلاد وقال إن هناك «إرادة سياسية حقيقية للتواصل والتفاهم» معهم، داعياً في الوقت نفسه إلى وقف «المزايدات الدينية».
وأكد السيسي، خلال مشاركته، أمس، في الجلسات النقاشية لـ«منتدى شباب العالم» المنعقد بمدينة شرم الشيخ حتى (الخميس المقبل)، أن «مصلحة البلاد الحقيقية هي تأهيل الشباب، فما دام تم إعداده بشكل جيد أصبحت الدولة في أمان وسلام بشكل أكبر، وإذا اطمأن سيكون عاملا حاسما في بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة».
وأعرب الرئيس عن «ثقة كبيرة في الشباب (...) لأنهم قوة وقدرة وأمل وطموح، ومن لا يستطيع أن يحشد هذه القدرات لصالح المستقبل والبلد سيفقد الكثير»، موضحاً أن «الإجراءات التنفيذية والجهود التي بُذلت يمكن أن تزيد».
وأشار إلى أن إدارة البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب انتقت «مجموعة شباب مستواهم العلمي والخبرة لديهم أكثر من البرنامج الرئاسي الحالي وهم تقريبا مائتان. وفي خلال عام معظمهم سيكون له دراسات وتأهيل خارج مصر على أساس أنهم سيكونون هم النواة».
وأعاد السيسي التأكيد على تعهده بالإفراج عن بعض الشباب المحبوسين، وقال: «كانت هناك مطالب للشباب في وقت سابق بعمل مراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، وتم الاتفاق معهم على تشكيل لجنة للقيام بهذه المراجعة طبقا للدستور والقانون، ومن جانبي سأقوم بالتوقيع عليها طبقا للقانون ولصلاحياتي».
وتمثل شريحة الشباب المصريين تحت عمر 35 عاماً، نسبة 68.6 في المائة من إجمالي السكان البالغ تعداداهم 104 ملايين شخص، بحسب البيانات الرسمية.
وشهد اليوم الأول للجلسات النقاشية في «منتدى شباب العالم»، أمس، تنظيم عدد من اللقاءات بدأت بنقاش حول «اختلاف الحضارات والثقافات... صراع أم تكامل؟»، وشارك في هذا اللقاء السيسي، وقال في كلمته إن «التنوع والتعدد والاختلاف سنة كونية، والله خلق الوجود بتنوع شديد واختلاف في كل شيء»، مضيفاً أن «السنة الكونية لا تصطدم مع بعضها البعض، ولكن الصدام يقع عندما يكون هناك شكل من أشكال الاستعلاء بالنظرية أو بالجنسية أو الديانة أو المذهبية أو العرق».
وأوضح أن «الصدام بين الحضارات تقف خلفه أهداف لدول أخرى ترغب في تحقيق مصالحها، فتصطدم سياسيا وعسكريا، حيث تستطيع هذه الدول من خلال قدراتها تجنيد البرامج والأدوات المختلفة طبقا لمعاييرها ومصالحها»، معتبراً أن «حجم التطور في وسائل الاتصال سوف يحد من قدرة الدولة على تشكيل وعي الجمهور، وحجم التواصل الذي يتم بين العالم سينتج عنه نضج وتطور مما سيكون له تأثير إيجابي على تراجع فكرة الصدام».
وخاطب السيسي الحضور من الشباب بالقول: «اعتز بدينك ولكن لا تتصادم مع الآخرين، اعتز بجنسيتك وقوميتك ولكن لا تتكبر بدينك أو جنسيتك أو بعرقك لأن المشكلة الكبرى للتطرف والإرهاب في عالمنا تكمن في الاستعلاء بالدين (...) والفرد الذي لا يؤمن فهذا اختياره ونحن غير مسؤولين عن اختيارات الآخرين، ويجب عدم استخدام الدين كوسيلة لتدمير الأمم بالفهم الخاطئ والممارسة الخاطئة».
من جهته، أكد رئيس منتدى الفكر العربي، الأمير الأردني الحسن بن طلال، والذي كان متحدثاً رئيسياً في جلسة «اختلاف الحضارات» أهمية «الدمج وليس الاندماج، مع الاستقلال والحفاظ على الهوية القومية وحق التعبير أيا كان وأينما كان»، لافتاً إلى أن «65 مليونا من لاجئي العالم يقطنون في منطقتنا، وأن نحو 80 في المائة من لاجئي العالم مسلمون، وتشتعل نحو 41 حربا أهلية بين المسلمين».
وأعلن بن طلال مبادرة «إنشاء مؤسسة أو بنك للإعمار بعد الحروب أو صندوق عالمي للزكاة والتكافل، ليس مخصصاً للمسلمين فقط بل للإنسانية ككل».
وتحدث كذلك خلال الندوة، مدير مركز أنور السادات للسلام والتنمية بجامعة ميريلاند، شيبلي تلاهمي، وقال إن هناك «ضرورة لفهم الهوية السياسية والثقافية، وكيفية استغلال فكرة الصدام من قبل المتطرفين، بينما المجتمعات تتشكل من مكونات كثيرة فمصر مثلا عربية وأفريقية وإسلامية وقبطية، وإذا وضع كل مجتمع في تصوره أن هناك مكونا واحدا هو الذي يحدد الهوية فهذا أمر خاطئ».
وأشار إلى أن «الولايات المتحدة ينظر إليها الجميع كدولة قوية ولكنها في الحقيقية مقسمة بشكل كبير من نواح شتى، والقسمة داخل الولايات المتحدة أكبر من القسمة خارجها، وأغلب الأميركيين لا يعتقدون أن هناك صداما بين الحضارات والأغلبية الكبرى بين الشباب لا يقتنعون بصدام الحضارات».
وأفاد تلاهمي بأن «استطلاعات الرأي توضح أن الناس لا تعرف الإسلام بطريقة جيدة، ونستطيع فقط أن نتفهم أن الحديث عن الشخصية الإسلامية يجب أن يبرز القواسم المشتركة».
الشأن المحلي المصري كان حاضراً بدوره في جلسات المنتدى الذي تشارك فيه وفود من دول مختلفة، وقرر الرئيس المصري أن يعقد بصفة دورية كل عام.
وأوضح السيسي، أن مصر تواجه «تحديات كثيرة جدا، منها التشغيل (توفير فرص العمل)، في ظل وجود أكثر من 60 مليون شاب، والجامعة تخرج مئات الآلاف كل سنة بخلاف التعليم المتوسط (...) ونحن كدولة نبذل أقصى جهد من أجل توفير أقصى فرص عمل لملايين من الشباب، وهو أمر يحتاج للتعاون بين الدولة والمجتمع، والمشروعات القومية توفر ما بين اثنين إلى 3 ملايين فرصة عمل، والدولة سوف تستمر في هذه المشروعات».
وأكد السيسي أن «عمل ازدواج لحركة قناة السويس سيكون لصالح حركة التجارة الدولية وسيعود بالنفع على المنطقة الاقتصادية للقناة، بينما ستوفر مشروعات الطاقة من الكهرباء أو الغاز المزيد من فرص العمل وتغيير شكل مصر».
وشرح السيسي طريقة تعامل الحكومة مع مشكلة الإسكان وأوضح أن هناك عددا من العشوائيات، وقررت الدولة العمل على مسارين، الأول يتضمن توفير «إسكان لكل الطبقات»، وذلك وفق برنامج يتضمن مائتي ألف وحدة سكنية، ومن المقرر الانتهاء منه في يونيو (حزيران) من العام المقبل». واستكمل السيسي، أن المسار الثاني لحل مشكلة الإسكان استهدف «الإسكان الاجتماعي» والمتوسط وفوق المتوسط، بغرض عمل مجتمع متكامل يضم «المسجد والمدرسة والكنيسة». وأشاد السيسي بتجربة بنك المعرفة الذي ترعاه مؤسسة الرئاسة، وقال: «أرى أن بنك المعرفة الذي تم إطلاقه منذ قرابة العام لم يتم تسويقه للرأي العام بالشكل المناسب، وأرغب في توجيه كلمة للشباب حوله، فهذا البنك يتيح حجما هائلا من المعرفة العالمية لمراكز ذات شأن علمي هائل وما على الشاب إلا أن يفتح هاتفه ليحصل على ما يريده من معلومات».
السيسي يتعهد تأهيل الشباب للقيادة... ويدعو لوقف «المزايدات الدينية»
قال إن {التفاعل بين الحضارات يجنب العالم الصدام}
السيسي يتعهد تأهيل الشباب للقيادة... ويدعو لوقف «المزايدات الدينية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة