«خلاف عائلي» وراء جريمة تكساس

ديفين كيلي مَثل أمام محكمة عسكرية في 2012

«خلاف عائلي» وراء جريمة تكساس
TT

«خلاف عائلي» وراء جريمة تكساس

«خلاف عائلي» وراء جريمة تكساس

فتح رجل النار داخل كنيسة في ولاية تكساس الأميركية، أول من أمس الأحد، ما أدّى إلى مقتل 26 شخصاً خلال القداس، في واحد من أسوأ حوادث إطلاق النار في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
وتأتي هذه المجزرة بعد خمسة أسابيع فقط من حادث إطلاق النار في لاس فيغاس الذي أدى إلى مقتل 58 شخصا، وحرّك الجدل حول تنظيم حيازة الأسلحة النارية. وكان حادث لاس فيغاس قد أوقع أكبر عدد من القتلى في تاريخ البلاد.
وأعلن المسؤول في قوات الأمن في تكساس، فريمان مارتن، أمس، أن مطلق النار ارتكب جريمته على الأرجح بسبب «خلاف عائلي». وقال فريمان: «كان هناك خلاف داخل هذه العائلة»، موضّحا أن حماة ديفين باتريك كيلي كانت تتردّد إلى هذه الكنيسة.
وكانت محكمة عسكرية قد أصدرت في 2012 حكما على العنصر السابق في القوات الجوية، لممارسته العنف بحق زوجته وطفله.
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، أن إطلاق النار لا يطرح مشكلة ضبط الأسلحة، بل مسألة الصحة العقلية لمنفذه. وقال ترمب في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، في طوكيو إن «الصحة العقلية هي المشكلة هنا (....) ليست قضية مرتبطة بالأسلحة».
وبدأ إطلاق النار في الكنيسة المعمدانية الأولى في ساذرلاند سبرينغز، البلدة الريفية التي تضم نحو 400 نسمة. وذكرت السلطات المحلية أن مطلق النار «شاب أبيض في العشرينات من العمر (....) يرتدي ملابس سوداء»، ومسلح ببندقية هجومية وسترة واقية من الرصاص.
وواصل منفذ الهجوم إطلاق النار في الكنيسة خلال القداس قبل أن يسيطر عليه أحد الحاضرين وينتزع منه البندقية. ونجح الشاب في الفرار، لكن عثر عليه ميتا في سيارته بعد ذلك من دون أن يعرف ما إذا انتحر أو قتله أحد، كما أورد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت السلطات إن الأمر يتعلّق بدفين باتريك كيلي، إلا أنها لم تتحدّث عن دوافعه حتى الآن. وذكر عدد من وسائل الإعلام الأميركية أنه عسكري سابق في السادسة والعشرين من العمر، طرد من سلاح الجو بعدما مثل أمام محكمة عسكرية في 2014، وكان يعيش في إحدى ضواحي سان أنطونيو، وهي واحدة من أكبر مدن تكساس تبعد نحو خمسين كيلومترا عن ساذرلاند سبرينغز.
وقال حاكم تكساس، غريغ أبوت: «حتى الآن، لدينا 26 قتيلا ولا نعرف ما إذا كانت هذه الحصيلة سترتفع أم لا»، مؤكدا أنّه «أسوأ إطلاق نار يستهدف جماعة في تاريخ» الولاية.
وجرح نحو عشرين شخصا. وتتراوح أعمار الضحايا بين خمسة أعوام و72 عاما.
وندّد الرئيس الأميركي الذي يقوم بجولة في آسيا بحادثة إطلاق النار «المروعة» في تكساس، ووصفها بأنها «عمل شيطاني».
ولم يدخل ترمب، المؤيد لحيازة السلاح الفردي، أمس، في الجدل حول هذه القضية، مكتفيا بوعد بتقديم «الدعم الكامل» لإدارته إلى «ولاية تكساس وكل السلطات المحلية التي تحقق في هذه الجريمة الرهيبة». وقال في طوكيو: «نحن حزينون. نحن نتحد ونحشد قوانا. عبر الدموع والحزن نقف أقوياء». وأضاف: «لا نجد الكلمات للتعبير عن الحزن والألم الذي نشعر به جميعا».
وكما حدث في حوادث إطلاق النار السابقة، انتهز الديمقراطيون الفرصة للدعوة مجددا إلى ضبط الأسلحة النارية، وهي قضية شائكة في بلد يعتبر حيازة السلاح حقّا مشروعا. وأدان الرئيس السابق باراك أوباما إطلاق النار، معتبرا أنه «عمل ينمّ عن كراهية». وقال: «ليمنحنا الله جميعا الحكمة لنتساءل عن الإجراءات الملموسة التي يمكننا اتخاذها لخفض العنف، والأسلحة بيننا».
أما السيناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن، فقالت: «لا أشعر بالحزن فقط، بل أنا غاضبة».
ومن خارج الولايات المتحدة، أدان جامع الأزهر ووزارة الخارجية المصرية في بيانين حادث إطلاق النار. وقال الأزهر في بيانه: «تلك الهجمات الإجرامية البغيضة التي تنتهك حرمات بيوت العبادة وتسفك أرواح الأبرياء الآمنين، تهدّد أمن واستقرار الشعوب».
من جهتها، أكدت الخارجية المصرية أن «المجتمع الدولي بات مطالبا بتكثيف الجهود والتكاتف من أجل اتخاذ خطوات جادة وفورية لمواجهة أيادي الشر التي ترتكب مثل تلك العمليات البشعة».
وفي الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، شهدت الولايات المتحدة أسوأ حادث إطلاق نار في تاريخها، أسفر عن مقتل 58 شخصا، وجرح نحو 550 آخرين من جمهور حفلة موسيقية في الهواء الطلق في لاس فيغاس بولاية نيفادا.

وهذه المجزرة ارتكبها ستيفن بادوك، المحاسب المتقاعد الثري البالغ من العمر 64 عاما. وقد قام بإطلاق النار على حشد يضم 22 ألف شخص من الطابق الثاني والثلاثين لفندق ماندلاي باي، حيث انتحر بعد ذلك. لكن المحققين لم يتمكنوا حتى الآن من كشف دوافعه، ولا إثبات علاقته المزعومة مع تنظيم داعش الذي تبنّى الاعتداء.
ومجزرة تكساس ليست الأولى التي تستهدف مكان عبادة. ففي يونيو (حزيران) 2015، قتل ديلان روف أحد أنصار نظرية تفوق البيض، تسعة مصلين في كنيسة في تشارلستن بولاية كارولاينا الجنوبية، التي هي رمز لنضال السود ضد العبودية. وحكم عليه بالإعدام في يناير (كانون الثاني).
وكل سنة، تسجّل نحو 33 ألف حالة وفاة مرتبطة بالأسلحة النارية في الولايات المتحدة، بينها 22 ألف حادثة انتحار، حسب دراسة صدرت مؤخراً. وفي كل حادث إطلاق نار كبير يعود الجدل حول ضبط الأسلحة. ومع ذلك، لم يتخذ سوى القليل من الإجراءات العملية لمحاولة تطويق هذه الظاهرة خصوصا بسبب «الجمعية الأميركية للأسلحة النارية»، لوبي الأسلحة الواسع النفوذ.


مقالات ذات صلة

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.