النفط إلى أعلى سعر منذ يوليو 2015

بفضل قيادة السعودية وروسيا لخفض الإنتاج

مزيج برنت تجاوز أمس 62 دولارا للبرميل في أعلى سعر منذ يوليو 2015 (رويترز)
مزيج برنت تجاوز أمس 62 دولارا للبرميل في أعلى سعر منذ يوليو 2015 (رويترز)
TT

النفط إلى أعلى سعر منذ يوليو 2015

مزيج برنت تجاوز أمس 62 دولارا للبرميل في أعلى سعر منذ يوليو 2015 (رويترز)
مزيج برنت تجاوز أمس 62 دولارا للبرميل في أعلى سعر منذ يوليو 2015 (رويترز)

سجلت أسعار النفط أعلى مستوياتها منذ يوليو (تموز) 2015. وتجاوز برميل خام برنت ظهر أمس سعر 62 دولارا. وتواصل الأسعار ارتفاعها للشهر الخامس على التوالي، بصعود نسبته 35 في المائة من أقل مستوى سجلته في منتصف يونيو (حزيران) من العام 2017. واقترب سعر مزيج غرب تكساس من تسجيل أعلى مستوى له هذا العام وبلغ ظهر أمس 56 دولاراً للبرميل، مرتفعاً بواقع 27 في المائة عن الفترة ذاتها.
وقد استفاد المزيجان، لا سيما مزيج برنت، من العديد من مؤشرات الانتعاش خلال الأسابيع الأخيرة، مثل تراجع الإنتاج وتحسن الطلب العالمي واستمرار تراجع المخزون الذي يعد من أهم أهداف منظمة الدول المصدر للنفط (أوبك)، وأخيراً تباين إنتاج النفط الصخري وتصاعد المخاطر الجيوسياسية. وقال تقرير صادر عن قسم الأبحاث والدراسات في بنك الكويت الوطني إن «اتفاقية خفض الإنتاج بين الدول التابعة لمنظمة أوبك وبعض الدول من خارجها بقيادة روسيا، ساهمت في التخفيف من وفرة الإنتاج والمخزون في السوق. إذ تجاوز الالتزام نسبة 100 في المائة خلال معظم فترة العشرة أشهر التي استغرقتها الاتفاقية. وقد لعبت بعض الدول المنتجة مثل السعودية وروسيا دوراً مهماً في التأثير على الرأي العام، حيث قامت بربط التراجع الملحوظ في المخزون التجاري بالجهود التي تقوم بها».
وتراجعت بالفعل مخزونات النفط والمنتجات منذ أعلى مستوى سُجل في يوليو (تموز) 2016. ولكن بوتيرة بطيئة. حيث تراجع المخزون إلى 3.051 مليار برميل في أغسطس (آب) الماضي، أي بنسبة 2.9 في المائة (90 مليون برميل) من أعلى مستوى، والذي بلغ 3.104 مليار برميل قبل ثلاثة عشر شهراً. ويعد مستوى المخزون في أغسطس بعيداً عن متوسط الخمس سنوات البالغ 2.854 مليار برميل، وذلك بواقع 170 مليون برميل، إلا أن ذلك يعكس زيادة مستوى الهدف (الذي يعد متوسطا متحرّكا).
وقد صرّح أمين عام منظمة أوبك محمد باركندو أن تحقيق التوازن في السوق قد بات قريباً، وأن دول أوبك وخارجها تستحق إشادة بتحقيق هدفها من خلال نسبة التزام غير مسبوقة. فقد أعلنت أوبك في اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة أن الالتزام بالخفض قد بلغ نسبة تاريخية عند 120 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد بلغ إنتاج المنظمة في سبتمبر 32.75 مليون برميل يومياً، بزيادة بلغت 90 ألف برميل يومياً عن بيانات أغسطس، وذلك حسب مصادر ثانوية تابعة للمنظمة.

اطمئنان الأسواق

وطمأنت الدول التي وقعت على اتفاقية الخفض الأسواق بعد أن بيّنت رغبتها في تمديد مدة الخفض حتى نهاية العام 2018. وستعقد المجموعة اجتماعها في الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في فيينا لمناقشة التطورات وبحث مدى إمكانية تمديد فترة الخفض، بالإضافة إلى وضع استراتيجية مناسبة لإنهائها وتجنب عودة الإنتاج بكثرة بعد وقف الاتفاقية، ولكن ليس واضحاً ما إذا سيتم الإعلان عن ذلك قريباً بشكل رسمي. فقد تقرر أوبك الانتظار لحين اقتراب موعد انتهاء الاتفاقية في مارس (آذار) لإعلان ذلك، ومن جانب آخر سيستفيد وضع إنتاج النفط الصخري من استمرار الخفض، بسبب الحالة المطولة من عدم اليقين.
وأضاف التقرير أنه «على أي حال، فإن الانتعاش الذي دام أربعة أشهر يعكس بوضوح أن الأسواق قد بدأت بالتأقلم. وفي سوق العقود الآجلة، شكل المنحنى العكسي لأسعار برنت الآجلة - الذي يكون سعر التوصيل المتاح فيه أعلى من الأسعار الآجلة لصالح أوبك - دعماً للأسعار المتاحة، وساعد على التقليل من تخزين النفط الخام. ومع تراجع أسعار النفط، يقل دور التحوّط الذي استغلته شركات إنتاج النفط الصخري بشكل فعال للحفاظ على العوائد خلال فترة تدني أسعار النفط. ويجب على أوبك ألّا تتراجع عن التزامها، إذ أن أقل تغير في الالتزام قد يؤدي إلى وفرة بيع في السوق. وقد انتعشت عمليات المضاربة في صناديق التحوط بشكل كبير مع تضاعف مراكز الشراء والبيع. فقد تراكمت مراكز الشراء لمزيج برنت بقيمة لا تقل عن 34 مليار دولار، إذ يعد هذا المستوى تاريخياً، وقد يقل مع أي خطوة غير مناسبة من قبل أوبك».

نمو الطلب

وشهد نمو الطلب العالمي قوة غير متوقعة في العام 2017. وقد يتجاوز في نهاية العام مستوى الإنتاج بنسبة كبيرة. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب في 2017 بنحو 1.6 مليون برميل يومياً (أي بنسبة نحو 1.6 في المائة)، ما يعني أن هناك فارقا بينه وبين نمو الإنتاج العالمي المتوقع بواقع 1.3 مليون برميل، ذلك إذا ما تم الإنتاج عند مستوياته الحالية. وقد يتراجع المخزون بحلول نهاية العام بواقع 130 مليون برميل أو 0.4 مليون برميل يومياً.
وقد جاءت قوة الطلب نتيجة تحسن الاقتصاد العالمي، حسب ما أشار إليه صندوق النقد الدولي في تقريره عن الاقتصاد العالمي. وفيما يخص النفط، فقد ساهم رفع توقعات نمو الاقتصاد الصيني في دعم مراجعة نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، حيث تشكل الصين 12 في المائة من الطلب العالمي على النفط، مع تصدر كل من غاز البترول المسيّل والغازولين والديزل قائمة أكثر المنتجات المكررة تأثيراً على حركة الطلب.

توقعات 2018

ويتوقع التقرير أن تختلف الأوضاع في العام 2018. حيث من المحتمل أن يتجاوز الإنتاج نمو الطلب، ذلك إن صحّت تقديرات وكالة الطاقة الدولية. إذ تتوقع الوكالة أن يصل نمو الطلب إلى 1.4 مليون برميل يومياً وأن يصل نمو إنتاج الدول من خارج أوبك إلى 1.5 مليون برميل يومياً. ومن المتوقع أن تكون أميركا المساهم الأكبر في إنتاج الدول من خارج أوبك بنسبة 1.1 مليون برميل يومياً. ويأتي ذلك بعد الزيادة في العام 2017 التي تبلغ 0.47 مليون برميل يومياً. ويبدو أن إنتاج أميركا قد بدأ بالتعافي ليعود إلى مستويات ما قبل إعصار هارفي عند ما يقارب 9.5 مليون برميل يومياً.
ومن المحتمل أن يتراجع إنتاج النفط الصخري بداية 2018 مع تناقص عدد حفارات التنقيب منذ يونيو (حزيران) الماضي. إذ تراجع عددها في العشرة أسابيع الماضية. ويوجد في العادة تأخراً لفترة ستة أشهر لحين تأقلم الإنتاج مع التغير في بيانات الحفارات.
وإذا جاء نمو إنتاج النفط الصخري في العام 2018 كما تتوقعه وكالة الطاقة الدولية فمن المحتمل أن يتراكم المخزون بدلاً من أن يتراجع، وقد يؤدي ذلك مرة أخرى لتأخير تحقيق التوازن في السوق الذي لطالما استهدفته منظمة أوبك، الأمر الذي يفسر رغبة المجموعة بتمديد خفض الإنتاج حتى نهاية العام القادم.

المخاطر تنعش الأسعار

ويذكر أيضا أن الأسعار انتعشت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وبداية نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بفعل عودة المخاطر الجيوسياسية بعد أشهر من الهدوء النسبي. إذ أصبحت الأسواق قلقة بشأن تدفق النفط من بغداد كحل وسط في مواجهة حكومة إقليم كردستان، وذلك بعد أن قامت الأخيرة بالبدء بعملية الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، ما أغضب كل من إيران، وتركيا التي هددت بإغلاق خط الأنابيب الرئيسية لنقل النفط الكردي عبر تركيا للأسواق العالمية (والنفط الفيدرالي العراقي أيضاً من حقول نفط كركوك). وتشير التقارير إلى تراجع الصادرات من أنابيب النفط من حقول العراق الشمالية بواقع 60 في المائة خلال الشهر الماضي، من متوسط 600 ألف برميل يومياً إلى 240 ألف برميل يومياً.
وازدادت مخاوف الأسواق أيضاً بعد أن رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب المصادقة على الاتفاق النووي الإيراني المعروف أيضاً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، ومنح الكونغرس مهمة اتخاذ القرار في شأن رفض الاتفاق أو إعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران. إذ أن أمام الكونغرس نحو شهرين لاتخاذ القرار، وتعد التطورات الجيوسياسية والمخاطر التي تفرض على مستوى الإنتاج جزءاً لا يتجزأ من حركة أسواق النفط.



رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
TT

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما، إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي، لكنه يريد مراجعة الاتفاق لمعالجة الإنفاق الحكومي المسرف وتطوير قطاع الطاقة.

وأضاف ماهاما، الرئيس السابق الذي فاز في انتخابات 7 ديسمبر (كانون الأول) بفارق كبير، لـ«رويترز» في وقت متأخر من يوم الجمعة، أنه سيسعى أيضاً إلى معالجة التضخم وانخفاض قيمة العملة للتخفيف من أزمة تكاليف المعيشة في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وكان ماهاما قال في وقت سابق، إنه سيعيد التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه حكومة الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو في عام 2023.

وقال ماهاما: «عندما أتحدث عن إعادة التفاوض، لا أعني أننا نتخلى عن البرنامج. نحن ملزمون به؛ ولكن ما نقوله هو أنه ضمن البرنامج، يجب أن يكون من الممكن إجراء بعض التعديلات لتناسب الواقع». وأعلنت اللجنة الانتخابية في غانا فوز ماهاما، الذي تولى منصبه من 2012 إلى 2016، بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 56.55 في المائة من الأصوات.

وقد ورث الرئيس المنتخب لثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم، دولة خرجت من أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل، مع اضطرابات في صناعتي الكاكاو والذهب الحيويتين.

التركيز على الإنفاق والطاقة ساعد اتفاق صندوق النقد الدولي في خفض التضخم إلى النصف وإعادة الاقتصاد إلى النمو، لكن ماهاما قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.

وقال ماهاما، الذي فاز حزبه المؤتمر الوطني الديمقراطي بسهولة في تصويت برلماني عقد في 7 ديسمبر: «الوضع الاقتصادي مأساوي... وسأبذل قصارى جهدي وأبذل قصارى جهدي وأركز على تحسين حياة الغانيين».

وأوضح أن «تعدد الضرائب» المتفق عليها بوصفها جزءاً من برنامج صندوق النقد الدولي، جعل غانا «غير جاذبة للأعمال». وقال: «نعتقد أيضاً أن (صندوق النقد الدولي) لم يفرض ضغوطاً كافية على الحكومة لخفض الإنفاق المسرف»، مضيفاً أن المراجعة ستهدف إلى خفض الإنفاق، بما في ذلك من جانب مكتب الرئيس.

ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي وافق على إرسال بعثة مبكرة لإجراء مراجعة منتظمة، مضيفاً أن المناقشات ستركز على «كيفية تسهيل إعادة هيكلة الديون» التي وصلت الآن إلى مرحلتها الأخيرة. وقال إن الاتفاق المنقح مع صندوق النقد الدولي سيسعى أيضاً إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الطاقة، لتجنب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وقال ماهاما: «سنواجه موقفاً حرجاً للغاية بقطاع الطاقة. شركة الكهرباء في غانا هي الرجل المريض لسلسلة القيمة بأكملها ونحن بحاجة إلى إصلاحها بسرعة».