«ترايبو ـ إلكترستي».. توليد الطاقة من الحركات

تسخر حركات السير والرقص وتساقط المطر والضرب على مفاتيح الكومبيوتر لحصاد الكهرباء

«ترايبو ـ إلكترستي».. توليد الطاقة من الحركات
TT

«ترايبو ـ إلكترستي».. توليد الطاقة من الحركات

«ترايبو ـ إلكترستي».. توليد الطاقة من الحركات

تتعدد أنواع المشاريع البيئية لتوليد الطاقة الكهربائية، ففي البحار يمكن للأمواج أن تؤمن الطاقة لآلاف المنازل، وفي المدن هناك مشاريع لتوليد الكهرباء للنوادي الليلية من ارتجاجات أرضيات المراقص فيها، فيما يمكن للمهرولين والعدائين في الأرياف استغلال طاقة سيقانهم لشحن هواتفهم الجوالة.
إنها طاقة جديدة جذابة يعول عليها، خالية من الجدل السياسي والجغرافي، فقد ذكر العلماء في الولايات المتحدة أخيرا أنها باتت في متناول اليد بفضل الأسلوب الذكي في توليد الطاقة الذي يسمى «ترايبو - إلكترستي» tribo - electricity (وهي الكهربائية الناتجة عن احتكاك جسمين. وعندما تتلاقى بعض المواد مع مواد أخرى فإنها تشحنها بعد تعرضها إلى الاحتكاك، مثل احتكاك الزجاج مع الفرو، أو المشط مع الشعر اللذان يؤديان إلى توليد الكهرباء).

* «حصاد الكهرباء»
وكان الباحثون في «معهد جورجيا للتقنيات» قد ذكروا أنهم شيدوا نموذجا أوليا بسيطا لجهاز يقوم بتحويل حركة التوقف والسير إلى طاقة.
الموج والسير على القدمين، والرقص، وحتى تساقط المطر، والضرب على مفاتيح الكومبيوتر، أو حركة السير في المدن، قد يجري تسخيرها في يوم من الأيام لتشغيل معدات الاستشعار، والأجهزة الجوالة، وحتى معامل الكهرباء كما يعتقدون.
ويصف زونغ لن وانغ أستاذ علم المواد وهندستها هذا الابتكار على أنه اختراق علمي، فقد ذكر أنه «يمكن استخدام تقنياتنا الحالية في جمع الكثير من الطاقة وحصادها، بحيث إن الكميات الكبيرة منها التي أهدرناها سابقا لقرون طويلة، قد تكون مفيدة». وأضاف أن «ترايبو - إلكترستي» هو تعبير عصري ترجع جذوره إلى القدم إلى كلمة إغريقية تعني الفرك والحك». فالكهرباء يجري إنتاجها من الاحتكاك الناجم عن مادتين، مما يتسبب في انتقال الإلكترونات من واحدة إلى الأخرى.
وهذا أمر شائع يحصل على سبيل المثال عندما تكون النعال البلاستكية للأحذية في تماس مباشر مع السجاد المصنوع من النايلون، مما يتسبب في فرقعة لدى انطلاق شرارة كامنة لدى لمس اليد مقبض الباب المعدني مثلا. ولكون مثل هذه الطاقة لا يمكن التنبؤ بها، فقد جرى إغفالها عموما كمصدر للطاقة، وبالتالي كان الأسلوب المعتمد هو الحث المغنطيسي - توربين يعمل إما بالطاقة النووية، أو بالوقود الحجري، أو بالبخار، أو المياه المتساقطة من أعلى.

* نماذج أولية
لكن فريق وانغ ذكر في دراسة جديدة نشرت في مجلة «نيتشر كومينيكيشنس» أنه تغلب على العقبات الكبيرة التي كانت تعترض تحويل الشحن الكهربائي العشوائي الذي كان يضيع جزافا إلى تيار فعلي.
ويشمل النموذج الأولي الذي صمموه على قرص مؤلف من عشرة سنتيمترات في العرض، مصمم لكي يكتشف إمكانيات مولد صغير محمول تحركه الطاقة المحيطة. ويوجد داخل هذا النموذج صفيحتان دائريتان من المواد، واحدة هي التي تؤمن الإلكترونات، والأخرى تقوم باستلامها، موصولتين عبر حركة رحوية دوارة. وإذا ما جرى فصل الصحيفتين عن بعضهما البعض، تقوم واحدة منهما باحتجاز الشحنة الكهربائية، وذلك عن طريق عزلها بالفجوة الحاصلة بينهما.
ويقع بين القرصين قرص ثالث مزود بأقطاب يقوم بردم هذه الهوة الفاصلة، ويساعد على تمرير تيار ضعيف. ولدى التدويم بسرعة 3000 لفة في الدقيقة الواحدة، يولد الجهاز 1.5 واط من الكهرباء. وهذا ما يعطيه كفاءة طاقة تبلغ 24 في المائة، أي ثلاثة أضعاف الكهرباء الانضغاطية Piezoelectricity، التي كانت تشكل سابقا المصدر الأفضل لجمع الطاقة الكهربائية الميكانيكية، وهي بكفاءة التوربينات الحثية المغناطيسية. وهي بمقدورها العمل على الريح الهادئة، أو المياه المنهمرة من الحنفيات، أو الحركات الارتجاجية العشوائية، بما فيها الحركة التدويرية التي يقوم بها الشخص، وفقا إلى وانغ. «فطالما هنالك حركة ميكانيكية، هنالك طاقة يمكن توليدها».
وقد استخدم في النموذج هذا، النحاس للجزء الدوار، والذهب للأقطاب أثناء التجارب المخبرية، لكن يمكن بكل سهولة إحلال المواد المركبة صناعيا ذات التكلفة المنخفضة مكانها، كما يقول. ويعمل الفريق حاليا على أساليب لرفع طاقة «ترايبو - إلكترستي» بغية حصاد الطاقة من المحيطات.



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً