المغرب: «التقدم والاشتراكية» يتجه للاستمرار في حكومة العثماني

بن عبد الله: تقرير مجلس الحسابات غير مقدس

TT

المغرب: «التقدم والاشتراكية» يتجه للاستمرار في حكومة العثماني

يتجه حزب «التقدم والاشتراكية» المغربي إلى الاستمرار في المشاركة في الحكومة، وذلك بعد أن دعا أمينه العام نبيل بن عبد الله أعضاء اللجنة المركزية للحزب (برلمان الحزب) أمس إلى دعم هذا الموقف، الذي اتخذه أعضاء المكتب السياسي خلال اجتماعهم الخميس الماضي.
وكان الحزب قد تعرض لهزة سياسية كبيرة بعد أن أعفى الملك محمد السادس اثنين من وزرائه، هما أمينه العام نبيل بن عبد الله الذي كان يشغل منصب وزير الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، والحسين الوردي وزير الصحة، فضلاً عن الانتقادات التي وجهت إلى أمين الصبيحي وزير الثقافة في الحكومة السابقة المنتمي للحزب ذاته، وذلك على خلفية تعثر مشروع «الحسيمة... منارة المتوسط».
وكشف بن عبد الله، الذي كان يتحدث أمس خلال الاجتماع الاستثنائي للجنة المركزية للحزب بسلا، الذي عقد من أجل حسم قرار الاستمرار أو مغادرة الحكومة، وفقاً لما ينص عليه القانون الأساسي للحزب، أن المكتب السياسي بنا قرار مواصلة العمل ضمن الفريق الحكومي بعد «اتصال رسمي بحزبنا يعبر عن رغبة سامية في أن يواصل الحزب مشاركته في الحكومة الحالية من خلال تولي الحقائب نفسها، التي كان يتولاها الحزب»، وذلك في إشارة إلى أن الحزب لم يتلق اتصالاً من سعد الدين العثماني رئيس الحكومة فحسب، بل أيضاً من الجهات العليا.
ودعا بن عبد الله أعضاء اللجنة المركزية إلى «التفاعل الإيجابي» مع قرار استمرار الحزب في الحكومة الحالية، الذي اتخذه المكتب السياسي، والذي «كان موقفاً صعباً، إلا أنه يكاد يكون بالإجماع» كما دعاهم إلى «التشبت بالمسؤولية في الحفاظ على الحزب ووحدته وحضوره في المجتمع، وأن نتفاعل إيجاباً مع ما وجه إلينا». وأقر بن عبد الله أن حزبه «يوجد في وضع صعب وأمام اختبار حقيقي».
أما فيما يخص قرارات الإعفاء التي تعرض لها الحزب، فقد قال بن عبد الله إن المكتب السياسي تداول في الموضوع «بما يلزم من احترام لجلالة الملك وقراراته السامية، تجسيداً لروح المسؤولية التي ميزت مسار الحزب، سواء عندما كان في المعارضة أو أثناء مشاركته في تدبير الشأن الحكومي».
ودافع بن عبد الله عن أداء وزراء الحزب، وقال إن الحزب «عبر بإجماع أعضائه على الأداء المشرف لأعضاء الحزب المعنيين، وسعيهم إلى خدمة الصالح العام بكل تفانٍ ونكران ذات، بعيداً عن أي نزعة سياسية أو حزبية ضيقة»، مشدداً على موقف الحزب المبني على «التعاون مع المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها المؤسسة الملكية في سعيها التحديثي والتنموي لبلادنا، ولم ننحرف أبداً عن هذا التوجه».
ووجه بن عبد الله انتقادات لتقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي رصد اختلالات مشروع الحسيمة، وقال إن التقرير «يظل مثل جميع التقارير قابلاً للنقاش، باعتباره نصاً غير مقدس»، مشيراً إلى أن المكتب السياسي قرر العودة إلى التقرير بتفصيل عندما تسمح الظروف بذلك للوقوف على مختلف مضامينه، والتعامل معه بالتأني المطلوب والهدوء اللازم.
كما أوضح المسؤول السياسي المغربي أن «مشكل الحكامة مطروح بحدة وإلحاح في المغرب على غرار عدد من القضايا، التي نواجه فيها نقائص وسلبيات واختلالات، وهو مشكل يهم مستويات عديدة، إذ تكاد تكون كل البرامج المشابهة لبرنامج «الحسيمة... منارة المتوسط»، تعاني من الاختلالات نفسها أو أكثر، وزاد متسائلاً: «ما العمل في ظل هذه الأوضاع؟».
وخاطب بن عبد الله أعضاء اللجنة المركزية في ختام مداخلته قائلاً إنه «ورغم بعض الجوانب التي لا نستحقها، وبترفع كبير وروح مسؤولية عالية، أناديكم باسم المكتب السياسي للحزب أن تقفوا كرجل واحد وامرأة واحدة، وأن تؤكدوا على موقف التفاعل الإيجابي والإقرار باستمرار الحزب في الحكومة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.