تقدم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري باستقالته اليوم (السبت)، بعد أقل من عام على تشكيل حكومة ائتلافية تبعت انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون.
حكومة الحريري أنجزت ملفات كبيرة وضخمة في فترة قياسية، لكنها تعرضت لخضات سياسية كان أبرزها أزمة النازحين السوريين، وتنسيق بعض الأطراف مع النظام السوري، إلى جانب مشاركة ميليشيا «حزب الله» في القتال بسوريا، وتدخله في الأزمات العربية وتصعيد لهجته ضد الأشقاء العرب.
عرّضت الخلافات السياسية الحكومة أكثر من مرة للاهتزاز على خلفية انقسامات عديدة، ولكن كان هناك قرار بتحييد الملفات الخلافية عن الحكومة، حفاظاً على بقائها ولكي لا تزيد الوضع الاقتصادي سوءاً في لبنان.
قدم الحريري استقالته مشبهاً ما وصلنا إليه اليوم بالمرحلة التي سبقت استشهاد والده، وعبّر عن مخاوف من التعرض للاغتيال قائلا: «لمست ما يحاك سراً لاستهداف حياتي»، وفي خطابه الذي ألقاه معلناً استقالته أشار الحريري إلى أن «لإيران رغبة جامحة في تدمير العالم العربي»، متوعدا بأن «أيدي إيران في المنطقة ستقطع».
وكان من أبرز ما ذكره الحريري في خطابه رفضه التام لاستخدام سلاح ضد اللبنانيين والسوريين، مشيراً إلى ما تسبب به تدخل «حزب الله» في حروب العالم العربي قائلاً: «(حزب الله)، يوجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين وإخواننا السوريين واليمنيين»، وما تسبب به ذلك من مشكلات مع محيطنا العربي، خاصة أنه «فرض أمرا واقعا في لبنان بقوة السلاح».
وتشكلت حكومة الرئيس سعد الحريري في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وسط أجواء من التهدئة والتفاؤل كان قد فرضها في البلاد انتخاب عون رئيساً. الخطوتان شكلتا تتويجاً لتوافقات سياسية وافقت عليها أطراف سياسية رئيسية كثيرة في لبنان. وكان تأكيد في حينها على أن البيان الوزاري للحكومة سيكون خطاب القسم الرئاسي. كما تمّ التأكيد على أن لا أعراف بعد اليوم، ولا تكريس لسوابق ولا سيما بإعطاء وزارات معينة لطوائف معينة.
الحريري شكل الحكومة بعد أقل من شهرين من تكليفه، ما اعتبر وقتها فترة جيدة تبعث إلى التفاؤل، حيث استلزم تشكيل حكومات سابقة فترات طويلة، غاب عن حكومته حزب الكتائب اللبنانية، بعد أن اعتبر أن الحصة التي أعطيت له مجحفة بحقه.
تحكم الفراغ الرئاسي بلبنان مدة 3 سنوات، فكانت تأثيراته السياسية والأمنية والاقتصادية، سيئة، إن صح التعبير، وبدأت الأمور تتغير إلى الأفضل مع تشكيل الحكومة التي ترأسها الحريري لنحو سنة، فسجل النمو الاقتصادي تقدماً ملحوظاً، وأقر قانون انتخاب جديد، كما أقرت سلسلة الرتب والرواتب.
ومن ضمن ما أنجزته حكومة الرئيس الحريري أيضا كان موازنة الدولة التي بقيت 12 سنة دولة بلا موازنة، وغيرها من الملفات كالنفط، وقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص، إضافة إلى أزمة النازحين السوريين التي ألقت بعاتقها على لبنان وحملته أكثر مما يستطيع.
هدف الرئيس الحريري منذ الأساس، وكما قال في إحدى المناسبات، كان حماية الدولة وحماية اللبنانيين.
ولكن يبدو أن الأمر استحال مع تعرض الحكومة، التي تعمل جاهدة على إنجاز إصلاحات كانت متوقفة لعشرات السنين، لهجمات سياسية لبنانية من أكثر من طرف، ومحاولة وضعها في خانة «تنفيذ أجندات خاصة»، إضافة إلى التدخلات الإيرانية المباشرة في لبنان، وكذلك عبر «حزب الله» الذي أصبح يشكل تهديدا لأمن لبنان، وينذر بخروج الأمور عن السيطرة، ما قد يذهب بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه، والتي كان آخرها تصريحات مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي الذي أتى إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة»، وقال إن الانتصار اللبناني السوري العراقي ضدَ الإرهابيين يشكّل انتصار محور المقاومة.
كل هذه الظروف والعوامل أدت إلى استقالة الحريري، وحولت الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال.
لماذا استقال الحريري؟
لماذا استقال الحريري؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة