قتل أكثر من 13 انقلابياً، وأصيب عشرات آخرون في معارك جبهة نهم، شرق العاصمة صنعاء، حيث حررت قوات الجيش الوطني، أمس الجمعة، مواقع، وسيطرت على أخرى كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بعد معارك عنيفة.
وتزامن تقدم الجيش مع استمرار المعارك العنيفة التي تدور منذ أيام في جبهات تعز والجوف وصرواح بمحافظة مأرب، وسط إسناد جوي للجيش الوطني من مقاتلات تحالف دعم الشرعية، وتكبيد الانقلابيين الخسائر البشرية والمادية الكبيرة.
وقال العقيد عبد الله ناجي الشندقي، الناطق الرسمي للمنطقة العسكرية السابعة، إن قوات الجيش «حررت جبل الحلاتين وجبل العضيمة وقاع الحطب، بينما لا تزال المعركة مستمرة إلى هذه اللحظة في ظل تقدم كبير لقوات الجيش الوطني وتراجع وفرار لميليشيات الانقلاب»، وذلك طبقاً لبيان نشره على صفحته الخاصة بالتواصل الاجتماعي «فيسبوك». وأضاف: «كان لطيران التحالف العربي دور كبير في إسناد المقاتلين، حيث تم قصف وتدمير ستة أطقم وثمانية عيارات»، مؤكداً «مقتل أكثر من 13 من ميليشيات الانقلاب وسقوط عشرات الجرحى». من جانبه، قدم رئيس هيئة الأركان العامة تقريراً عن مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية ورؤساء هيئات الأركان العامة في دول التحالف الداعمة الشرعية الذي انعقد في الرياض، وتأكيدهم على دعم اليمن وشرعيته ووحدته وسلامة أراضيه ورفض التدخلات الإيرانية التخريبية. إلى ذلك، تتواصل الاشتباكات بين الجيش الوطني في وادي قويحش غرب الغيل في محافظة الجوف، بالتزامن مع استهداف تحالف دعم الشرعية مواقع الانقلابيين في منطقة الساقية، وسقوط قتلى وجرحى من الميليشيات.
كما تتواصل المعارك في جبهة صرواح بمحافظة مأرب، بالتزامن مع قصف مدفعية الجيش الوطني، مساء الخميس، مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على عدد من مواقع وتجمعات للميليشيات الانقلابية في مديرية صرواح، ودمر عدداً من الأطقم العسكرية ومخزناً للأسلحة.
من جانبها، استهدفت مقاتلات تحالف دعم الشرعية عدداً من المواقع والآليات العسكرية وتجمعات للميليشيات الانقلابية في جبهتي حرض وميدي بمحافظة حجة المحاذية للسعودية.
وبحسب بيان عسكري مقتضب للمنطقة العسكرية الخامسة «شن طيران التحالف العربي خلال الساعات الماضية عدة غارات جوية على مواقع وتجمعات وآليات ومخازن أسلحة تابعة للميليشيات الانقلابية بجبهتي حرض وميدي، واستهدفت عدداً من العربات العسكرية التي تحمل على متنها ذخائر وعناصر للميليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى دبابة بي 72 وعدداً من الخنادق والتحصينات التي تتمركز بها الميليشيا بمديرية ميدي، علاوة على استهداف عربة عسكرية تحمل على متنها عناصر للميليشيات الانقلابية ومخزن سلاح (جنوب) في حرض».
وكثفت مقاتلات تحالف دعم الشرعية في الآونة الأخيرة من غاراتها الجوية على تجمعات ومواقع وتعزيزات ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بجبهتي حرض وميدي، وكبدتها الخسائر البشرية والمادية الكبيرة.
كما استهدفت المقاتلات تجمعات ومواقع للانقلابين في موقع الهرم ووادي الدقيق وعكدة صوفة في عسيلان بمحافظة شبوة، ما أسفر عن تدمير عربة قتالية ومدفعية هاوزر وسقوط عدد من القتلى والجرحى من الانقلابيين.
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.