بروفايل: جيروم باول «عقل» السياسات المالية الأميركية الجديد

يرى كثير من الاقتصاديين أن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جيروم باول ليكون رئيسا للاحتياطي الفيدرالي الأميركي، محاولة أخرى من ترمب لتعديل هيكل السياسات في معظم المؤسسات بواشنطن. ويعتبر منصب رئيس الاتحاد الفيدرالي أعلى منصب في الاقتصاد الأميركي، ويتم من خلاله إدارة دفة السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة. وتتلخص مهام عمل رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ثلاث مهام: وضع السياسات النقدية ومراقبة القواعد التنظيمية للبنوك وتمثيل الاحتياطي الفيدرالي أمام باقي المؤسسات المحلية والدولية.
وكان من المعتاد بين معظم رؤساء أميركا السابقين الإبقاء على رئيس الاحتياطي الفيدرالي لفترتين متتاليتين، خصوصا إذا كان الاقتصاد الوطني يسير بشكل منتظم، ويحقق تقدما ملموسا في بعض القطاعات المهمة، وعلى رأسها الاستثمار والإبقاء على معدلات بطالة مقبولة، وهو ما يشهده الاقتصاد الأميركي قي الفترة الحالية تحت إدارة جانيت يلين، الرئيسة المنتهية ولايتها للاحتياطي الفيدرالي.
وتعتبر جانيت يلين أول امرأة تشغل منصب رئيس الاحتياطي، وهي تنتمي للحزب الديمقراطي، وتم اختيارها من قبل الرئيس السابق باراك أوباما، وتنتهي فترتها رسميا في فبراير (شباط) المقبل.
وترجع أهم أسباب اختيار ترمب لباول في رغبة الرئيس الإبقاء على مستويات سعر الفائدة الحالية وعدم رفعها بمعدل سريع، نظرا للآثار السلبية لمثل هذا القرار على النشاط الاقتصادي. ولعل هذا هو أهم الأسباب التي جعلت ترمب ينحي جانبا كلا من جون تايلور وكيفين وورش اللذين كانا أقرب المرشحين لخلافة يلين، حيث إن كلاهما انتقد بشدة سياسة الاحتياطي الفيدرالي في الإبقاء على سعر فائدة متدن، ولديهما رغبة أكثر في رفع سعر الفائدة في حال اختيار أحدهما ليكون على رأس الفيدرالي. ومن المتوقع أن يبقي باول على معظم سياسات يلين.
كما أن تعيين باول في هذا المنصب يعتبر اختيارا تقليديا ومتوقعا من ترمب، كما أنه الاختيار الآمن في الفترة الحالية، حيث إن ترمب لا يريد تحمل مخاطر قرار رفع سعر الفائدة في الوقت الحالي، خصوصا بعد التقدم الذي أظهره الاقتصاد في العديد من القطاعات، والرواج الذي شهدته سوق العمل الأميري بعد انتخابه. فضلا عن أن باول ينتمي إلى الحزب الجمهوري؛ وهو الحزب نفسه الذي ينتمي إليه الرئيس الأميركي.
ومن المعروف عن باول أنه شخص يفضّل العمل خلف الستار، وهو ما جعل أوباما يختاره ضمن مجلس الاحتياطي عام 2012، ثم إعادة اختياره مرة أخرى عام 2014، ومنذ اختياره عضوا بالمجلس، لعب باول دورا مهما في الدفاع عن قرار الاحتياطي برئاسة يلين بتخفيض سعر الفائدة إلى صفر في المائة وشراء أصول بمليارات الدولارات. وكان له دور بارز في تهدئة الجمهوريين الرافضين لتلك القرارات.
ويرى العديد من الاقتصاديين أن الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى رجل بخلفية وخبرة واسعتين في آلية عمل السوق الأميركية، وهذا ما يتوفر في جيروم باول. ورغم أن باول ليست له خلفية اقتصادية أكاديمية، حيث إنه لم يدرس الاقتصاد، بل درس القانون وتخصص فيه، فإنه منذ اختياره عضوا بالمجلس، سعى بشكل حثيث لتعلم جميع التفاصيل الفنية في إدارة الاحتياطي الفيدرالي، وتعلم الكثير في الاقتصاد الكلي.
كما أن جيروم باول رجل أعمال ويمتلك ثروة تقدر بنحو 55 مليون دولار، ويعتبر باول أغنى شخص يشغل منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 1948، وخدم في إدارة الرئيس جورج بوش الأب، وعمل مصرفيا في قطاع الاستثمارات وتنفيذيا سابقا في مجموعة كارليل.
ومن المعروف عن باول أنه شخص دؤوب يحب العمل، ومن المتوقع أن يحظى بموافقة الكونغرس الأميركي بسهولة، وقد حصل على موافقة 67 عضوا مقابل 24 عضوا عام 2014 عندما تم اختياره للمرة الثانية في مجلس الفيدرالي.