السلطة تتسلم معابر القطاع «بلا حماس»

{رفح} يفتح منتصف الشهر... وأبو مرزوق غاضب من «غياب الإنصاف»

عناصر أمنية تابعة للسلطة في معبر رفح بعد تسلمه من حركة «حماس» أمس (رويترز)
عناصر أمنية تابعة للسلطة في معبر رفح بعد تسلمه من حركة «حماس» أمس (رويترز)
TT

السلطة تتسلم معابر القطاع «بلا حماس»

عناصر أمنية تابعة للسلطة في معبر رفح بعد تسلمه من حركة «حماس» أمس (رويترز)
عناصر أمنية تابعة للسلطة في معبر رفح بعد تسلمه من حركة «حماس» أمس (رويترز)

أنهت السلطة الفلسطينية أي وجود لحركة حماس على معابر قطاع غزة، وتسلمتها بالكامل، بما في ذلك معبر رفح البري مع مصر، في أول وأهم خطوة عملية وملموسة على الأرض، بعد اتفاق المصالحة الموقَّع في القاهرة، الشهر الماضي، بين حركتي فتح وحماس.
ووصل مسؤولو السلطة، على رأسهم مدير هيئة المعابر، نظمي مهنا، إلى غزة وتسلموا المعابر بحضور وفد أمني مصري، رأسه اللواء همام أبو زيد.
وقال وزير الأشغال العامة مفيد الحساينة، من أمام معبر رفح بعد عزف النشيدين الوطنيين الفلسطيني والمصري، ورفع صور للرئيسين محمود عباس وعبد الفتاح السيسي: «إن تسلُّم المعابر يعتبر خطوة حقيقة على طريق المصالحة، وطي صفحة الانقسام، الذي استمر نحو 10 سنوات».
وأعلن الحساينة أن الحكومة الفلسطينية قررت وقف الجبايات الضريبة التي فُرِضَت سابقاً على المواطنين في قطاع غزة، في إشارة إلى الجبايات «غير القانونية».
وزفت السلطة للغزيين بشارة أن معبر رفح سيكون مفتوحاً أمام حركة المسافرين، في 15 من الشهر الحالي، استناداً إلى ما جرى الاتفاق عليه مع الجانب المصري وفق اتفاق 2005، بحضور البعثة الأمنية الأوروبية، وذلك بعد الانتهاء من جميع الترتيبات اللوجيستية والفنية الأخرى التي تكفل العمل في هذا المعبر، بحسب ما أعلن مسؤول المصالحة في حركة فتح، عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية للحركة.
وفوراً أعلنت السلطة، تعيين مدير جديد لمعبر رفح، وهو رشيد البوجي، ونشرت قوات أمن شرطية وأخرى تابعة للأمن الوطني بالزي الرسمي للسلطة.
وقال الناطق باسم هيئة المعابر والحدود في غزة هشام عدوان: «من الآن فصاعداً، حكومة التوافق هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن معابر القطاع». وأضاف: «لن يكون هناك وجود لأي موظف سابق».
وشوهد جميع موظفي حماس يحملون معداتهم وأغراضهم ويغادرون معبر رفح والمعابر الأخرى بشكل نهائي، في مشهد أثار غضب الحركة كما يبدو.
وانتقد موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي للحركة، طريقة تسلم السلطة للمعابر. وقال في تغريدة على «تويتر»: «الطريقة التي تم تسلم معبر رفح بها غير لائقة ولم نتفق عليها، وأي اتفاق يخلو من العدالة والإنصاف ولا يحترم ما تم التوقيع عليه لن يكتب له النجاح».
ويُعتَقَد أن أبو مرزوق كان يشير إلى استبعاد جميع موظفي أمن حماس وعناصرها أثناء عملية التسلم والتسليم لمعبر رفح.
وانتقد مسؤولون حمساويون آخرون طريقة تسلم وتسليم معابر أخرى في غزة.
وتسلمت السلطة المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل كذلك في قطاع غزة، ومنها معبر بيت حانون - إيرز، وكرم أبو سالم.
وقال ناطق باسم تنسيق أعمال الحكومة في المناطق التي يديرها الجيش الإسرائيلي، إن اجتماعاً سيُعقَد مع ممثلين عن السلطة الفلسطينية لتحديد بروتوكولات العمل المشترك، وشروط الأمن الإسرائيلي التي تشمل «الغياب الكامل لأي أعضاء أو ممثلين من حماس» عند المعابر أو بالقرب منها.
وتمهد الخطوة لتسلم الحكومة الفلسطينية جميع مسؤولياتها في قطاع غزة لأول مرة منذ 10 سنوات.
وملف المعابر كان واحداً من الملفات الصعبة التي أفشلت اتفاقات سابقة.
وبقي أمام الحكومة أن تتسلم الأمن بشكل فعلي في القطاع، بعد تسلم المعابر والوزارات، لتصبح متحكمة بشكل فعلي في القطاع.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، في بيان، إن تولي إدارة المعابر سيساعد السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس عباس، على تسلم غزة وأداء واجبها في النهوض بظروف حياة أهلنا. ويفترض أن يصل الحمد الله إلى غزة الأسبوع المقبل لمتابعة عمل الحكومة. وسيعقد بعد ذلك، اجتماعاً للفصائل في القاهرة، لمناقشة تشكيل حكومة وحدة وطنية، ستكون مهمتها الإشراف على إجراء انتخابات عامة في غضون 3 أشهر بحسب اتفاق القاهرة.
ومن جهته، رحّب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بعودة المعابر في قطاع غزة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية.
وقال ملادينوف، في بيان: «أرحِّب بالعودة الكاملة لمعابر غزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وهذا تطور مهم في تنفيذ الاتفاق الفلسطيني - الفلسطيني الموقع في القاهرة، وينبغي الحفاظ على الزخم الإيجابي وتمكين الحكومة الفلسطينية بشكل كامل للعمل في غزة». وأضاف: «من شأن عودة المعابر أن تسهّل من رفع الإغلاقات، مع معالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية المشروعة، وزيادة الدعم الدولي لإعادة إعمار غزة ونموها واستقرارها وازدهارها».
وتابع: «أغتنم هذه الفرصة لأذكّر جميع الفصائل في غزة، بأهمية الحفاظ على الأمن وإنهاء الأنشطة المسلحة التي تقوض السلام والأمن لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، على حد سواء».
وأكد المنسق الخاص أن الأمم المتحدة ستواصل العمل مع القيادة الفلسطينية ومصر والمنطقة، لدعم هذه العملية، التي تعتبر حاسمة من أجل التوصل عبر المفاوضات، إلى حل الدولتين وسلام مستدام.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.