بغداد وأنقرة تؤكدان تسلم القوات العراقية معبر الخابور... وأربيل تنفي

العبادي: نعتزم دفع رواتب البيشمركة وموظفي إقليم كردستان قريباً

جنود عراقيون وأتراك في معبر الخابور (إبراهيم الخليل) أمس (أ.ب)
جنود عراقيون وأتراك في معبر الخابور (إبراهيم الخليل) أمس (أ.ب)
TT

بغداد وأنقرة تؤكدان تسلم القوات العراقية معبر الخابور... وأربيل تنفي

جنود عراقيون وأتراك في معبر الخابور (إبراهيم الخليل) أمس (أ.ب)
جنود عراقيون وأتراك في معبر الخابور (إبراهيم الخليل) أمس (أ.ب)

نفت إدارة معبر إبراهيم الخليل الدولي بين إقليم كردستان العراق وتركيا وجود أي قطعات عسكرية عراقية في الجانب العراقي من المعبر. وأكدت أن الأوضاع في المعبر طبيعية، ولم تحدث أي تغييرات في إدارته، بينما تنتظر حكومة الإقليم رد بغداد لبدء المفاوضات بين الجانبين حول المشكلات العالقة بينهما برعاية دولية.
وقال مدير الأمن في معبر إبراهيم الخليل، عبد الوهاب محمد، لـ«الشرق الأوسط»: «المعبر ما زال يخضع لإدارة حكومة إقليم كردستان، لا يوجد أي موظف من الحكومة العراقية في المعبر، ولم تحدث أي تغييرات، وشؤون المعبر تسير بشكل طبيعي مثل الأيام السابقة»، مشيرا إلى أن العلم العراقي مرفوع منذ البداية على المعبر بجانب علم إقليم كردستان، ولم تطرأ أي تغييرات على الوضع في المعبر.
وأشار محمد إلى أن رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول ركن عثمان الغانمي ومسؤول استخبارات الجيش العراقي زارا المعبر صباح أمس، لغرض التوجه إلى تركيا، بهدف تفقد الجنود العراقيين الموجودين في الجانب التركي من الحدود، مؤكدا أن مرور الوفد العسكري العراقي عبر معبر إبراهيم الخليل إلى تركيا كان بالتنسيق مع قوات البيشمركة.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أعلن أمس في حديث لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان التركي أن الحكومة العراقية تسلمت صباح أمس معبر الخابور الحدودي، مضيفا: «سنفتح بوابة حدودية أخرى عبر تلعفر على المدى القصير بالاتفاق مع بغداد». وقال: «تم هذا الصباح (أمس) فرض السيطرة الكاملة على معبر إبراهيم الخليل من قبل قوات حكومة العراق المركزية»، لافتا إلى أن نقل السيطرة على المعبر هو إجراء تم التوافق عليه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته لأنقرة الأسبوع الماضي، كما أعاد التذكير بعناد رئاسة إقليم كردستان ورفضها الانصياع للنصائح التركية بالالتزام بالدستور العراقي.
بدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني في بغداد أن العراقيين أنشأوا مواقع بين نقاط التفتيش التركية وتلك التابعة لكردستان العراق عند المعبر الحدودي بين معبر الخابور الحدودي بين بلدة سيلوبي التركية وبلدة زاخو العراقية. وبذلك سيتعين على السيارات التي تريد عبور الحدود اجتياز ثلاث نقاط تفتيش، تركية وعراقية وكردية.
لكن مسؤولين في حكومة إقليم كردستان أكدوا أنهم لم يتخلوا عن السيطرة على المعبر. وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق والمستشار الحالي لحكومة إقليم كردستان، إن المناقشات مستمرة للسماح «بإشراف» عراقي على الحدود. وأكد أن الأكراد مستعدون للقبول «بإشراف العراقيين على المطارات والمواقع الحدودية للتأكد من التزام الجميع»، لكن أي وجود من هذا النوع يجب أن يتحقق عبر المفاوضات لا القوة.
وأمر رئيس الوزراء العراقي قواته باستعادة السيطرة على كل الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد خارج حدود منطقتهم شبه المستقلة، وجرت السيطرة على معظم هذه الأراضي في غضون أيام هذا الشهر. وتطالب بغداد أيضا بالسيطرة على كل المعابر الحدودية مع تركيا وإيران. وحصل العبادي على تأييد طهران وأنقرة لخطواته ضد الأكراد.
وفي مؤتمر صحافي أمس، أعلن العبادي «أن القوات الاتحادية انتشرت في جميع المناطق المتنازع عليها، وسنتمكن قريبا من دفع رواتب البيشمركة وموظفي الإقليم كافة».
وتواصل قطعات الجيش العراقي منذ نحو أربعين يوما مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش التركي في الجانب التركي من الحدود مع إقليم كردستان، وتأتي هذه المناورات في إطار التعاون العسكري بين بغداد وأنقرة، ردا على استفتاء الاستقلال الذي نظمه إقليم كردستان في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي في محافظات الإقليم الأربع والمناطق المتنازعة عليها.
في غضون ذلك دعا رئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم، خلال اجتماعه مع نائبيه في بغداد أمس، إلى العمل على حل المشكلات بين أربيل وبغداد. وأضاف بيان لرئاسة الجمهورية: «جرى خلال الاجتماع التشديد على بذل قصارى الجهود لحل جميع المشكلات الراهنة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بما يعمق الوحدة الوطنية ويعزز مكاسب النظام الديمقراطي الاتحادي، فضلا عن ضمان الحقوق والحريات الدستورية لجميع المواطنين».
وبعد توصل قوات البيشمركة والجيش العراقي إلى تفاهم مشترك حول العديد من النقاط الخلافية بينهما خلال الأيام الماضية، ينتظر الإقليم رد الحكومة العراقية لبدء حوار جدي بين الجانبين لحل المشكلات العالقة بينهما. وأوضح النائب الكردي في مجلس النواب العراقي عرفات كريم، لـ«الشرق الأوسط»، أن إقليم كردستان عبر عن قبوله بالحوار مع بغداد، وقد رحبت الأمم المتحدة وفرنسا ومجلس الأمن الدولي والعديد من الدول بمبادرة حكومة الإقليم للجلوس حول الطاولة وبدء المفاوضات مع بغداد، لكن لا نعلم حتى الآن متى سيتوجه وفد الإقليم إلى بغداد، لافتا إلى أن بغداد لم تستجب حتى الآن لمبادرة كردستان، معتبرا أن المفاوضات التي جرت بين قوات البيشمركة والجيش العراقي في الموصل ممهدة لبدء المفاوضات السياسية بين الجانبين.
بدوره، دعا النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان الإقليم، دلير مصطفى، إلى عدم التعامل مع حكومة الإقليم بصفته جهة خاسرة في الحرب، مضيفا: «ينبغي أن تُجرى المفاوضات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية بإشراف دولي من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي، كي تكون هذه الجهات مطلعة على سير هذه الحوارات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.