مسؤولون ليبيون: الأميركيون اعتقلوا سورياً في قضية هجوم بنغازي

TT

مسؤولون ليبيون: الأميركيون اعتقلوا سورياً في قضية هجوم بنغازي

في حين كشف البيت الأبيض تفاصيل جديدة عن عملية القبض على متشدد مزعوم يدعى مصطفى الإمام في مدينة مصراتة (شرق طرابلس) بتهمة التورط في هجوم على مجمع دبلوماسي أميركي في بنغازي عام 2012، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين عسكريين ليبيين تأكيدهم أن الموقوف سوري الجنسية وأنه كان على صلة بشخص آخر يُشتبه بأنه زعيم الخلية المتورطة في الهجوم الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنز و3 أميركيين آخرين. ونشرت مواقع ليبية معلومات عن الإمام ذكرت أنه فلسطيني.
وكان مسؤولون أميركيون قالوا، أول من أمس، إن القوات الأميركية الخاصة ألقت القبض على مصطفى الإمام قبل أيام ونقلته إلى الولايات المتحدة، ولم يوردوا مزيداً من التفاصيل. لكن مسؤولين عسكريين متمركزين في شرق ليبيا، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، قالوا في تصريحات لـ«رويترز» إن الإمام يتراوح عمره بين 35 و40 عاماً. وأضافوا أنه كان يقيم بمنطقة الليثي في بنغازي حيث كان يتردد على مسجد الأوزاعي الذي كان يرتاده أحمد أبو ختالة. ويشتبه في أن أبو ختالة زعيم الشبكة وقد احتجزته القوات الأميركية عام 2014، وبدأ القضاء الأميركي محاكمته الشهر الماضي، لكنه دفع ببراءته من الاتهامات الموجهة إليه.
وقالت وزارة العدل الأميركية إن مصطفى الإمام متهم «بقتل شخص أثناء هجوم على منشأة اتحادية»، وبتقديم «دعم مادي لإرهابيين أفضى للموت».
وسيمثل أمام قاض اتحادي في واشنطن عندما يصل إلى الولايات المتحدة.
ولفتت «رويترز» إلى أن منطقة الليثي كانت معقلاً للمتشددين، وأنها شهدت بعضاً من أعنف اقتتال في معركة للسيطرة على بنغازي بدأت عام 2014.
وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العسكري للجيش الوطني في شرق ليبيا، انتصار الحملة التي نفذتها قواته على المتشددين ومعارضين آخرين.
وأفادت «رويترز» بأن وكالة أنباء من شرق ليبيا مؤيدة للجيش الوطني الليبي نشرت صورة قالت إنها صورة الإمام وهو يقف أمام ثكنة عسكرية تابعة لجماعة مسلحة في بنغازي قبل أن تسيطر عليها قوات حفتر. وقالت إن القوات الأميركية ألقت القبض عليه بمدينة مصراتة في غرب البلاد.
وقال عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان في حكومة الوفاق الليبية، إن الإمام لا يحمل الجنسية الليبية، لكنه رفض الإفصاح في المقابل عن جنسيته.
وكان الرئيس دونالد ترمب قال في بيان إن «القوات الأميركية اعتقلت الإمام في ليبيا بناء على أوامري... وسيواجه العدالة في الولايات المتحدة لدوره المفترض في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2012 في بنغازي». كما سارع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى الترحيب باعتقال الإمام، وقال في بيان: «أنا ممتن جداً للقوات الأميركية وأجهزة إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات على جهودها لسَوْق مرتكبي هجمة 2012 الإرهابية أمام العدالة»، موضحاً أنه تحدث مع بعض أقارب قتلى اعتداء بنغازي «للتأكيد على دعم الحكومة الأميركية الراسخ لهم».
وقبل 3 سنوات اعتقلت القوات الأميركية في عملية مشابهة داخل ليبيا مواطناً ليبياً، هو أحمد أبو ختالة الذي اقتيد إلى الولايات المتحدة حيث يحاكم حالياً بتهمة تدبير الهجوم. وقتل في ذلك الهجوم السفير كريستوفر ستيفنز و3 موظفين أميركيين آخرين، ما أثار عاصفة سياسية زادت من حدتها المعارضة الجمهورية لوزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون. وأجري كثير من التحقيقات من جانب الكونغرس، ومراجعة أمنية من وزارة الخارجية، للتحقيق في مسألة التعاطي مع الهجوم وكيف وصف في وسائل الإعلام، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، التي أضافت أن كلينتون لم تتهم بأي مخالفة أو إهمال «لكن المسألة أثرّت على حملتها الرئاسية عام 2016، وربما تكون قد أسهمت في فوز ترمب».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم