جنرالات من الغرب يسعون لمنع حرب ثالثة بين إسرائيل و«حزب الله»

جنود إسرائيليون يغطون آذانهم بعد إطلاق قذائف على الجنوب اللبناني في حرب 2006 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يغطون آذانهم بعد إطلاق قذائف على الجنوب اللبناني في حرب 2006 (أ.ب)
TT

جنرالات من الغرب يسعون لمنع حرب ثالثة بين إسرائيل و«حزب الله»

جنود إسرائيليون يغطون آذانهم بعد إطلاق قذائف على الجنوب اللبناني في حرب 2006 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يغطون آذانهم بعد إطلاق قذائف على الجنوب اللبناني في حرب 2006 (أ.ب)

كشف النقاب في تل أبيب، أمس الاثنين، عن دراسات يجريها كبار الجنرالات في الغرب بالتعاون مع نظرائهم الإسرائيليين، لتقييم قوة «حزب الله» وطرح أفكار لمنع نشوب حرب ثالثة بين إسرائيل و«حزب الله».
وتنتمي هذه المجموعة من الجنرالات والخبراء العسكريين والاستراتيجيين إلى مجموعة (HLMG) «High Level Military Group»، وبينهم كبار ضباط الاحتياط في جيوش الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا وإيطاليا، بالإضافة إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين في إسرائيل. ويُعد هؤلاء تقريرا بعنوان: «الجيش الإرهابي لـ(حـزب الله): كيف نمنع وقوع حرب لبنان ثالثة».
ووصفت المجموعة كيفية تطور التنظيم اللبناني، وعرفته كـ«تنظيم له قدرات عسكرية تشبه قدرات دولة، ويشكل القوة المسلحة الأكبر في العالم، التي لا تتبع لدولة». كما أفاد التقرير بأن «قوة (حزب الله) الشيعي تبلغ 25 ألف مقاتل، جرى إخضاع خمسة آلاف منهم لتدريبات عسكرية متقدمة ومكثفة في إيران». كما يفيد التقرير بأن غالبية قوة الحزب مرتكزة إلى ترسانة ضخمة من الصواريخ والمقذوفات.
وكتب معدو التقرير أن الجيش الإسرائيلي يقدر بأن غالبية الترسانة المدفعية لـ«حزب الله» تبلغ آمادا تصل إلى 21 كيلومترا، وتشمل صواريخ الكاتيوشا بشكل خاص. وإلى جانب ذلك، فإن التنظيم يمتلك آلاف الصواريخ الإيرانية من طراز فجر 5 وصواريخ سورية من طراز B - 302 التي تصل إلى آماد تتراوح ما بين 60 - 80 كيلومترا، إلى جانب مئات الصواريخ الإيرانية من طراز «فاتح 110» و«زلزال 2»، عدا عن صواريخ سورية من طراز M - 600 يبلغ مداها نحو 250 كيلومترا. ولا يحدد التقرير، بشكل قاطع، إن كان «حزب الله» يملك صواريخ من طراز سكاد C أو سكاد D، التي تغطي كامل إسرائيل.
وكان التقرير قد اقتبس عن جهات في الجيش الإسرائيلي، أنها تفترض أن «حزب الله» يمتلك صواريخ محددة الأهداف بواسطة مسبار الـGPS، وهي تقنية تتيح للحزب إصابة أهداف في دائرة تبلغ أمتارا معدودة. ويقول: «الدقة هنا هي مصيرية، وذلك لأنها ستتيح لـ(حزب الله) ضرب أهداف استراتيجية كمحطات الطاقة، الموانئ البحرية، المطارات، والبنى التحتية المهمة الأخرى». لهذا الغرض، حسبما يدّعي التقرير، يقوم «حزب الله» بتفعيل جهود استخبارية واسعة النطاق، بما يشمل وحدات تقوم بتركيب بنك معلومات كبير، يشمل البنى التحتية الحيوية والحساسة في إسرائيل، ويجري جمع المعلومات بواسطة عملاء، ومراقبة من الجو».
ويقول التقرير، حسب المصادر الإسرائيلية: «مقاتلو (حزب الله) مسلحون ببنادق من طراز كلاشنيكوف، وصواريخ من طراز RPG 29 المتطورة، وصواريخ مضادة للدروع من طراز كورنيت دقيقة الإصابة، تبلغ آمادها خمسة كيلومترات. وهم يختصون بعدة أمور من ضمنها تشغيل المواد المتفجرة الخفية والتفخيخ، وقد تم التعبير عن التكتيكات العسكرية الدقيقة في نشاط هؤلاء عبر النشاط القتالي الدائر في سوريا. كما أن الخبرة العملياتية لمقاتلي الحزب في سوريا قد صعدت من قدرة التنظيم بشكل ملحوظ جدا. وهكذا، على سبيل المثال، بات مقاتلو الحزب متخصصين في استخدام دبابات روسية من طرازات T - 72 وT - 80 إلى جانب المدرعات من طراز BPM - 3 التابعة للجيش السوري وM - 113 التابعة للجيش اللبناني».
ويشير التقرير أيضا إلى الطائرات المسيرة، وهي الترسانة الآخذة في النمو في حوزة التنظيم، فيقول إن «(حزب الله)، يقوم بتشغيل مئات الطائرات المسيرة لأغراض الرقابة، ومن ضمن هذه الطائرات هناك العشرات من القطع الجوية المحملة بمواد متفجرة تتراوح أوزانها ما بين 40 إلى 50 كيلوغراما. وبدءا من العام 2005 دخلت ثماني طائرات مسيرة تابعة لـ(حزب الله)، من إنتاج إيراني، إلى المجال الجوي الإسرائيلي، كما اجتاز العشرات من ناشطي التنظيم تأهيلا تدريبيا بلغت مدته عامين في إقلاع الطائرات المسيرة في مدينة أصفهان الإيرانية».
كما ورد في التقرير أن «حزب الله» نجح منذ حرب لبنان الثانية في تهريب منظومات دفاعية جوية من إيران طراز SA - 18- SA - 17- SA - 22. وقد ورد في التقرير أن «حزب الله» لا يملك زوارق حربية، إلا أنه يملك قدرات بحرية كبيرة، بإمكانها أن تشكل تهديدا على سلاح البحرية الإسرائيلية، وتشمل تلك القدرات صواريخ بحرية تتراوح آمادها ما بين 35 إلى 300 كيلومتر. وإلى جانب ذلك يقدر معدو التقرير أن «حزب الله» يمتلك عشرات، إن لم يكن مئات، الصواريخ الباليستية.
ويؤكد التقرير أن هذه الترسانة التي يملكها الحزب ستشكل تحديا كبيرا لسلاح البحرية الذي تناط به مهمة الدفاع عن المسارات التجارية الإسرائيلية، التي يتركز 98 في المائة منها عن طريق البحر، إلى جانب الدفاع عن حقل الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
ويلخص التقرير أن «حزب الله» يمتلك قدرات اعتراض الاتصالات اللاسلكية الخاصة بالجيش الإسرائيلي، ويشتبه بامتلاكه مفاتيح كودية للإرسال المشفر الإسرائيلي. وكان «حزب الله» قد كشف، خلال السنوات الأخيرة، محاولات مراقبة استخبارية إسرائيلية في لبنان، شملت أليافا بصرية وكاميرات مخفية بين الصخور. كما أن التنظيم قام بإيقاف أكثر من مائة من المشتبه بهم بارتكاب أعمال تجسس لصالح إسرائيل.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن تنظيم «حزب الله» حول القرى الشيعية في جنوب لبنان إلى ملاكات عسكرية، وبأن 10 في المائة من سكان كل قرية مشكّلة من مقاتلي الحزب. كما أن بعض المنازل يحتوي على منظومات قتالية، ومعدات عسكرية، وتشكيلة واسعة من الأنفاق التي تتيح لرجال التنظيم المناورة تحت الأرض، والوصول إلى مرابض الأسلحة الثقيلة، وتنفيذ كمائن وعمليات خطف والانسحاب إلى المناطق المدنية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.