قادة «الحشد الشعبي» في مرمى نيران التصريحات الأميركية

أكراد يطالبون الصدر بنشر «سرايا السلام» في كركوك

TT

قادة «الحشد الشعبي» في مرمى نيران التصريحات الأميركية

تتواصل ردود الفعل الغاضبة من شخصيات سياسية وجهات رسمية داخل «الحشد الشعبي» وخارجه على التصريحات التي أدلت بها المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، أول من أمس، ووصفت فيها القيادي في «الحشد» أبو مهدي المهندس بـ«الإرهابي».
ورفض رئيس ائتلاف «دولة القانون» نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، تصريحات المتحدثة الأميركية، معتبراً أن «ما أطلقته المتحدثة من اتهامات بحق الأخ المجاهد أبي مهدي المهندس لا قيمة لها إطلاقاً». وقال بيان صادر عن مكتبه، أمس: «مثل هذه التصريحات تسيء إلى مبادئ حسن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية كونها تعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي».
بدورها، اعتبرت هيئة الحشد الشعبي وصف الولايات المتحدة للمهندس «تهديداً مباشراً له»، محمّلة إياها مسؤولية أي «أذى» قد يلحق به، وطالبت وزارة الخارجية العراقية بالرد على واشنطن «لأن للمهندس صفة رسمية كنائب لرئيس هيئة الحشد»، وبالفعل استجابت الخارجية ورفضت تصريحات الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، وعبر المتحدث الرسمي باسمها أحمد محجوب عن رفض الوزارة واستغرابها من تصريحات ناورت، لافتاً إلى أن «الهيئة جزء لا يتجزأ من القوات العراقية التي تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة»، داعياً الخارجية الأميركية إلى «مراجعة هذه التصريحات المناقضة للواقع».
ويرى قيادي في الحشد الشعبي أن «التصريحات الأميركية الأخيرة تأتي في سياق الحملة الجديدة التي تتبناها إدارة الرئيس دونالد ترمب للضغط على إيران، فتلك الدوائر ترى أن بعض قيادات الحشد تمثل أذرعاً للنفوذ الإيراني في العراق». ويلفت القيادي، الذي يفضل عدم الكشف عن هويته، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصريحات الأميركية تأخذ بنظر الاعتبار نص الحقيقة المتمثلة في ولاء بعض أجنحة الحشد لإيران».
وعن رفض الحكومة العراقية التصريحات الأميركية، يقول القيادي: «الحكومة مضطرة إلى الدفاع عن (الحشد) لأنه مؤسسة رسمية حسب القانون، وهي تعرف ضمناً ولاءات البعض لإيران لكنها تدافع عن الحشد بشكل عام وعن اتجاهات كثيرة داخله تتقاطع مع الاتجاه الإيراني».
ويلاحظ أن «حكومة العبادي تسعى لإدارة عملية توازن معقدة بين علاقاتها الوطيدة بالولايات المتحدة الأميركية وبين جماعات (رسمية) تعرف أنها تميل صوب البوصلة الإيرانية».
وبشأن استعدادات بعض جماعات الحشد لخوض الانتخابات المقبلة، قال القيادي: «نعم هناك رغبة قوية لدى البعض خصوصاً الأجنحة القريبة من إيران، يريدون استثمار السمعة التي تحققت لهم بعد هزيمة (داعش)، لا يرغبون بالتحالف مع أي جهة، والاحتمال الأقوى أنهم سيشتركون في قائمة انتخابية موحدة».
ولاحظ مراقبون أن أغلب الردود الغاضبة ضد التصريحات الأميركية، سواء تلك التي أطلقها وزير الخارجية ريكس تيلرسون وأكد فيها وجود «ميليشيات إيرانية» وطالبها بالعودة إلى بلادها، أو تصريحات المتحدثة باسم الخارجية بشأن أبو مهدي المهندس، صدرت عن أطراف ترتبط بعلاقات «وطيدة» مع إيران. فمثلاً، اعتبر قائد قوات «سرايا الجهاد» حسن الساري، التصريحات «مسيئة وتجاوزاً على سيادة العراق».
بدوره، قال آمر اللواء الـ28 في «الحشد الشعبي» أبو زين العابدين الغزي، في بيان «نستنكر وبشدة الاتهامات الأميركية المسيئة إلى (الحشد الشعبي) وقادته، على الجميع أن يعي تماماً أن (الحشد الشعبي) هو مؤسسة وطنية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية»، معتبراً أن «التصريحات تعد تدخلاً في الشؤون العراقية الداخلية لا نسمح به، وعلى المواطنين العراقيين أن يعوا خطورة هذه التدخلات وأن أميركا هي السبب في عدم استقرار الوضع الداخلي للبلاد».
يشار إلى أن الولايات المتحدة أصدرت مذكرة قبض على جمال جعفر محمد علي الإبراهيمي الملقب (أبو مهدي المهندس) عام 2009، واعتبرت أنه يشكل خطراً أمنياً في العراق. وتتحدث مصادر عن إدراج المهندس على لائحة الإرهاب الأميركية بسبب مشاركته في التخطيط وتنفيذ مهاجمة سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا والكويت عام 1983 عندما كان قيادياً في حزب «الدعوة» قبل هروبه إلى إيران وانضمامه إلى «فيلق بدر» التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. وتشير مصادر كويتية إلى تورط المهندس في محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد عام 1985.
على صعيد آخر ذي صلة، كشف رئيس الهيئة الجهادية لـ«سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أبو رضا الموسوي، عن مطالبة عدد من أعضاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بنشر «سرايا السلام» في المناطق ذات الأغلبية الكردية بمدينة كركوك. ونقلت شبكة «رووداو» عن الموسوي قوله إن «السياسيين الذين ينتمون إلى الاتحاد الوطني الكردستاني طلبوا عن طريق إخواننا في كتلة الأحرار، أن تكون (سرايا السلام) هي من يمسك الأرض ويبسط الأمن في المناطق ذات الغالبية الكردية». وأضاف: «نحن بدورنا نقلنا هذا المطلب إلى السيد مقتدى الصدر، وبدوره أرسل رسالة إلى كل القوات الأمنية في محافظة كركوك على أن (سرايا السلام) مستعدة للتعاون الأمني داخل كركوك في حال موافقة الحكومة على ذلك».
يذكر أنه في 16 من الشهر الحالي هاجمت القوات العراقية و«الحشد الشعبي» وبالاتفاق مع جناح تابع للاتحاد الوطني الكردستاني، كركوك، ما أدى إلى نزوح آلاف المواطنين إلى المدن القريبة الأخرى، وفي اليوم التالي عين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي محافظاً جديداً لكركوك بالوكالة وهو راكان الجبوري (المنتمي إلى المكون العربي السني) وكان يشغل منصب نائب محافظ كركوك.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.