«مسمار البطن»..عربة فول بـ«الجيزة» تنافس المطاعم على إفطار الموظفين

يصحبه «المخلل»... ويقدم بالزيت الحار والطحينة

الزبائن في طابور بانتظار نصيبهم من أطباق الفول الشهية - عربة الفول التي تنافس أهم المطاعم ويقبل عليها السياسيون ({الشرق الأوسط})
الزبائن في طابور بانتظار نصيبهم من أطباق الفول الشهية - عربة الفول التي تنافس أهم المطاعم ويقبل عليها السياسيون ({الشرق الأوسط})
TT

«مسمار البطن»..عربة فول بـ«الجيزة» تنافس المطاعم على إفطار الموظفين

الزبائن في طابور بانتظار نصيبهم من أطباق الفول الشهية - عربة الفول التي تنافس أهم المطاعم ويقبل عليها السياسيون ({الشرق الأوسط})
الزبائن في طابور بانتظار نصيبهم من أطباق الفول الشهية - عربة الفول التي تنافس أهم المطاعم ويقبل عليها السياسيون ({الشرق الأوسط})

«مسمار البطن» الذي يتزاحم عليه المصريون كل صباح، «سادة وبالبيض وبالزيت الحار»، يضاهي أهم مطاعم المدينة ويتربع على عرش الوجبات الصباحية، والمتوفر في كل مناطق الجمهورية، عشقه رؤساء مصر بداية من الرئيس محمد نجيب وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخاصة في شهر رمضان... طبق الأغنياء والفقراء، وساندويتشات المناطق العشوائية، والمناطق الراقية... إنه الفول الذي يستمد منه المصريون طاقتهم الكبيرة في العمل والمنازل، والشوارع... لا ينافسه في الانتشار والإقبال بين الأطعمة سوى الطعمية المصنوعة من الفول أيضا.
في زاوية متسعة من ميدان مصطفى محمود الشهير، بحي المهندسين بالجيزة، يقف نادر جمعة، 33 سنة، وسط العشرات من زبائنه الدائمين أمام عربة الفول التي يمتلكها، متحدثا إليهم بلهجة مصرية وبنبرة واثقة، مملوءة بعبارات الترحيب والاحتفاء. ونادر واحد من مئات العمال الذين يبيعون ساندوتشات وأطباق الفول على العربات بالقاهرة الكبرى، حيث تنتشر تلك العربات في معظم ميادين العاصمة المصرية، وتستحوذ على نصيب الأسد من بيع وجبات إفطار المصريين.
بدأ نادر صاحب القوام الرياضي، والعضلات المفتولة، قصته مع صناعة الفول منذ ما يزيد على 15 عاما، عندما عمل صبيا مع أحد صناع الفول، بجوار ديوان وزارة الزراعة المصرية بالدقي، قبل أن يعتمد على نفسه، ويشتري عربة فول ويقف في ميدان الباشا، بمنطقة المنيل بالقاهرة، لكن انتفاضة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، غيرت وجهته من القاهرة إلى الجيزة. يقول نادر لـ«الشرق الأوسط»: «جئت إلى هنا بحثا عن الأفضل، منطقة المهندسين معروفة بكثرة المكاتب التجارية والشركات والموظفين، واستطيع أن أقول إنني حققت ما كنت أتمناه خلال السنوات القليلة الماضية».
الفول وجبة المصريين الرئيسية في الصباح، يمكن تناوله بطرق متنوعة على مدار اليوم، في الوجبات الثلاث، ومعدلات استهلاكه في مصر مرتفعة جدا، حيث يستهلك المصريون نحو 500 ألف طن فول سنويا، بمبلغ يقدر بـ4.6 مليار جنيه، وفقا لآخر إحصائيات وزارة الزراعة، التي أكدت أن مصر تستورد سنويا 290 ألف طن فول من الخارج، بإجمالي 125 مليون دولار سنويا، بينما يتم الحصول على النسبة المتبقية من السوق المحلية.
يقدم العاملون على العربة لزبائنهم أطباق الفول السادة، وأطباق الفول بالبيض، مع أطباق السلطة، و«المخلل»، وهو لا يختلف عما يقدمه منافسوه الآخرون من أصحاب عربات الفول، لكنه يقول إن لسانه الحلو مع الزبائن ونظافة الأطباق، والساندويتشات المقدمة تميزه عن غيره، متخذا من عبارة «العين تأكل قبل الفم» طريقا له، لجذب الزبائن لاستمرارية شراء الفول منه كل صباح.
يبدأ يوم نادر والذين معه، يوميا من الساعة الخامسة فجرا، لكنه يقوم بتسوية الفول قبل هذا الموعد بساعات كثيرة، فبعد عودته إلى بيته بأحد أحياء الجيزة بعد الثانية ظهرا، يقوم بإشعال النار على قدور الفول، حتى الحادية عشرة مساء، ثم يهدئ من شدتها حتى الخامسة فجرا، ولا يقوم بإطفاء النار عن قدور الفول تماما، لكي لا يتسبب ذلك في اسوداد حبات الفول، لكن السلَطة يتم تجهيزها صباحا مع البيض.
دوام عمال عربة الفول يبدأ مع شروق الشمس، وحتى الثانية ظهرا، ويتخذون من يوم الجمعة إجازة أسبوعية لهم، ويقلدون موظفي الحكومة والقطاع الخاص في الحصول على الإجازات الرسمية السنوية، مثل إجازة رأس السنة الهجرية، لأن عملهم مرتبط بشكل رئيسي بهؤلاء الموظفين.
أطباق الفول بالزيت الحار المستخلص من بذور الكتان، لها مذاق خاص على عربة الشاب الأربعيني، الذي يعمل تحت رئاسته 5 شبان آخرين، حيث يختلف طعم الفول بالزيت الحار، عن الفول بالزيت النباتي العادي، والزيت الحار يعشقه الكثير من زبائن العربة، ويطلبونه يوميا، لأن طعمه فريد ولاذع، و«يفتح النفس»، لتناول المزيد من الطعام صباحا، مع أطباق السلطة المكونة من الطماطم والبصل، والفلفل، والبقدونس، والشبت.
عربات الفول التي تنتشر في معظم أنحاء المحروسة، تتراوح أسعارها ما بين 4 آلاف جنيه (الدولار الأميركي 17.7 جنيه مصري) وحتى 9 آلاف جنيه حسب الحجم، والخامات المستخدمة في عملية تصنيعها التي تستغرق نحو 15 يوما تقريبا، لكن عربات الاستانلس الجديدة بدأت تخطف الأضواء من العربات الخشبية القديمة.
سر طعم طبق الفول الرائع الذي يفضل المصريون تناوله على العربات صباحا، يفسره أحد المواطنين الذين اعتادوا تناول الإفطار على العربة، بأن وتيرة العمل بها تكون أسرع من المطاعم التقليدية، بالإضافة إلى تجهيز الأطباق مباشرة أمام الزبون، عكس المطاعم التقليدية، التي تصنع الطعام بمطابخ لا نراها بأنفسنا.
لا يتم تسوية الباذنجان صباحا لكن تتم تسويته ليلا، حتى يبرد في الصباح ليكون جاهزا لإضافة «التومية»، وهي عبارة عن توليفة مكونة من الثوم المقلي والبصل والفلفل على الباذنجان المخلل والمقلي. وتقدم للزبائن على شكل مقبلات طعام، وإضافة بعض التوابل والزيوت والطحينة إلى الفول، بعد تسويته بشكل جيد أهم ما يقوم به عمال عربة الفول يوميا، للوصول إلى المذاق المنشود، يفوق ذلك الذي يقوم بطهيه الناس العاديون في بيوتهم.
بجوار السور القديم الذي يبعد عن العربة التي يعمل بها 5 أفراد آخرين مع نادر، يلتف عشرات الزبائن حول منضدة مربعة الشكل لتناول أطباق الفول الشهية، ويستطيعون الحصول على المزيد من أرغفة الخبز، دون دفع مبالغ إضافية، يقول نادر: «عربتي مثل البوفيه المفتوح، لو تناول الزبون الواحد 10 أرغفة في المرة الواحدة، أو حصل على أكثر من طبق سلطة أو مخلل، لا نأخذ منه أي نقود إضافية، لكن أقول لهم بالهناء والشفاء، وهو ما يشجعهم على الحضور إلى هنا مرة أخرى»، وهو ما تأكدت منه «الشرق الأوسط»، فيما كانت تراقب أداء صاحب العربة الذي اعتاد على تبادل عبارات الترحيب والضيافة مع جمهوره أثناء دفع الحساب.
لم يحصل «نادر» على أي شهادة تعليمية، ولا يستطيع القراءة أو الكتابة، لكنه يوقن بأن الله عوضه عن التعليم بحسن معاملة الناس، وتبادل الكلمات الطيبة معهم، ولفت إلى أنه تعلم هذه الطريقة من معلمه أحمد ماهر، الذي يمتن له بتعليمه كل فنون صناعة الفول، والحديث إلى الناس بطريقة جذابة، بعد أن شق طريقه معه عندما كان صبيا في عالم بيع ساندويتشات وأطباق الفول بالدقي.
فئات كثيرة ووظائف متباينة يفضل أصحابها تناول الإفطار على عربة فول نادر، إذ يرتدي الكثير منهم أزياء رسمية، وشعبية، أو أزياء العمل الموحدة بالشركات والمؤسسات القريبة من العربة، يقول نادر: «الحمد لله كل الناس بتيجي هنا، ضباط ومهندسون وأطباء ومثقفون، وعمال وحرفيون، لأنهم بيحبوا الأكل على عربيتي، وطورت من نفسي وبقيت أبعت ساندويتشات ديليفري للزباين». لكن حب نادر لصنع طبق الفول، لا يعكره سوى القلق من حملات شرطة المرافق التي تطلب منه الابتعاد عن المنطقة على حد وصفه.
وأخيرا، يفكر صاحب العربة جديا في توسعة نشاطه بإضافة مزيد من الأطعمة على العربة مثل البطاطس المقلية، والطعمية، مثل بقية عربات الفول الأخرى بالقاهرة والجيزة، لكن تنفيذ هذه الفكرة يتوقف على مساحة المكان الذي يعمل به، مع شراء مستلزمات صناعة الطعمية، وشراء عربة جديدة تستوعب تقديم كل هذه الأصناف.
ورغم أن مصر كانت تكتفي ذاتيا من الفول عام 1992، إلا أنها لجأت إلى الاستيراد بعد زيادة عدد السكان سنويا بشكل كبير، ويحتوى الفول على البوتاسيوم، والفوسفور، والكبريت، بالإضافة إلى الكربوهيدرات والسليلوز، كما أنه غني جداً بالبروتين.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».