يصف ديفيد كورت، أحد أبرز الشخصيات في قطاع الناشئين بنادي آرسنال الإنجليزي خلال السنوات الأخيرة، عالم كرة القدم بين النخبة من الشباب في العاصمة البريطانية لندن بأنه مثل القرية الصغيرة، إذ يعرف الجميع بعضهم البعض ويتقابل اللاعبون الشباب والمديرون الفنيون والعائلات والكشافة في مباريات كرة القدم للمدارس والمناطق المحلية وأكاديميات الناشئين. ولذا، عندما أعلن نادي تشيلسي عن التخلي عن خدمات لاعبه الشاب إيدي نكيتياه وهو في سن الرابعة عشرة من عمره، انتشر الخبر كالنار في الهشيم.
استدعى بوب أربر، رئيس أكاديمية الناشئين بنادي آرسنال في ذلك الوقت، لاعب خط وسط الفريق الشاب جو ويلوك ليستفسر منه عن حقيقة رحيل نكيتياه عن تشيلسي. وقال ويلوك: «لقد تخلى النادي عن خدماته. يقال إنه مريض! لكن في كل مرة يلعب أمامنا كان يسجل في مرمانا». أرسل آرسنال دعوة إلى نكيتياه للمشاركة في مباراة ودية ودفع به في مباراة أمام وستهام يونايتد. تألق نكيتياه في هذه المباراة وأحرز هدفاً، ونظر أفراد الطاقم الفني الذي كان يشاهد المباراة إلى بعضهم البعض وهزوا رؤوسهم قائلين إن ويلوك لم يكن يبالغ عندما كان يتحدث عن قدرات وإمكانيات نكيتياه.
يقول ليام برادي، الذي كان يشغل منصب رئيس تطوير قطاع الناشئين بنادي آرسنال آنذاك: «ثمة قاعدة في الدوري الإنجليزي الممتاز – وهي قاعدة جيدة – تقول إنه عندما تتعاقد مع لاعب شاب على سبيل الإعارة يتعين عليك ألا تحكم عليه قبل ستة أسابيع، وهي فترة كافية لكل من اللاعب الشاب والنادي للحكم على الأمور بشكل جيد. وقد نجح في جذب أنظار الجميع. لا يكون الأمر سهلاً عندما تخبر لاعباً شاباً بأنه سيرحل عن النادي الذي يلعب له، لكن كان لديه الشجاعة الكافية للاستمرار واستغلال فرصة جديدة. لقد تعاقدنا معه ولم يتوقف عن التهديف منذ ذلك الحين».
وقد شهد الأسبوع الماضي لحظة رائعة عندما رأينا ويلوك ونكيتياه ضمن ثمانية ناشئين من نادي آرسنال يحتفلون في أرضية الملعب بعد نهاية مباراة الفريق أمام نوريتش سيتي في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة التي شارك فيها نكيتياه كبديل وفريقه متأخر بهدف دون رد ليقلب نتيجة المباراة ويحرز هدفين متتاليين ويقود فريقه للفوز والصعود للدور التالي.
وقبل المباراة أمام نوريتش سيتي بيوم واحد، ذهبت هذه المجموعة الشابة التي تمثل مستقبل نادي آرسنال، والتي تضم نكيتياه وويلوك وريس نيلسون وجوش داسيلفا، إلى ملعب تدريب نادي توتنهام هوتسبير لمشاهدة فريق الشباب تحت 23 عاماً بنادي آرسنال وهو يلعب. وكان من الطبيعي أن يلعب هؤلاء الشباب في هذا الفريق وفي تلك الأجواء، لكن الأمر تغير تماماً بالنسبة لنكيتياه بعد 36 ساعة فقط، حيث شارك بقميص الفريق الأول للمدفعجية في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام نوريتش سيتي، وأحرز هدف التعادل بعد ثوانٍ معدودة من اشتراكه بديلاً، قبل أن يحرز هدف الفوز بطريقة رائعة أمام عدد غفير من الجمهور وصل إلى 60 ألف متفرج. وسرعان ما تم تداول اسم نكيتياه على موقع «تويتر» بشكل مكثف وتلقى اللاعب رسالة تهنئة من أسطورة المدفعجية تيري هنري، وتلقى إشادة وتهنئة من المدرب آرسين فينغر.
قد يؤثر هذا بكل تأكيد على تركيز اللاعب الذي لا يزال صغيراً في السن، لكن كورت يأمل أن يتمكن نكيتياه من التعامل مع الأمر بهدوء، في ظل الدعم الكبير الذي يتلقاه اللاعب الشاب من عائلته التي تحبه وتقدم له كل الدعم حتى يتمكن من التغلب على إغراءات هذه الشهرة الكبيرة. وقال كورت: «لا أعتقد أنني شاهدت ذلك يحدث مع لاعب شاب في أول مباراة له مع الفريق الأول وأن يحظى بكل هذا الحب والدعم من الجمهور». وأضاف: «لكنه لم يفعل شيئاً بعد. إنه بحاجة إلى أشخاص من حوله يعتنون به. إنه فتى عظيم وتذهب عائلته وراءه في كل مكان من أجل مشاهدته وهو يلعب، ونتمنى أن يحافظ على هدوئه واتزانه».
وقبل عدة أشهر، رأى والد نكيتياه كورت في إحدى مباريات فريق آرسنال للشباب وقال إن هذه فرصة مناسبة تماماً لكي يعبر عن شكره العميق لنادي آرسنال الذي منح نجله فرصة أخرى، بعدما تخلى عنه نادي تشيلسي. وكان هناك شعور عام في نادي تشيلسي بأن نكيتياه ضئيل من الناحية البدنية، وهناك شكوك حول قدرته على التطور وبناء بنيته الجسدية بصورة مناسبة، علاوة على أن تشيلسي كان يضم مهاجماً جيداً في تلك المرحلة العمرية وهو تامي أبراهام. وقد نما أبراهام، وهو موهبة ممتازة بالفعل، من الناحية البدنية، وأصبح أطول بسبع بوصات من نكيتياه، الذي يصل طوله إلى 1.75 متر.
وقال برادي: «يمكنك القول بكل تأكيد إنه لاعب مهاري للغاية، لكن من الناحية البدنية كان أقل ممن هم في مرحلته السنية. لكن الشيء الذي كان واضحاً للغاية هو أنه لا يتوقف تقريبا عن إحراز الأهداف». ورغم أنه لم يصبح عملاقا الآن، فإنه يمتلك القوة البدنية اللازمة للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان من الواضح أن فينغر قد أعجب تماماً بقدرته على القفز أعلى من اثنين من مدافعي نوريتش سيتي الأقوياء، وحصل على الكرة، ولعبها بكل دقة ليقود آرسنال للفوز والتأهل للدور الثاني لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. يُعرف نكيتيا بقدرته الفائقة على إنهاء الهجمات (سجل 48 هدفا في 63 مباراة خلال الفترة التي لعبها في صفوف الناشئين بنادي آرسنال بين تحت 18 عاماً و23 عاماً، بالإضافة إلى سبعة أهداف في أربع مباريات دولية بقميص المنتخب الإنجليزي تحت 18 عاماً و19 عاماً). ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على إنهاء الهجمات فقط، حيث يقول كورت: «إنه ماكينة أهداف، ويكمن الشيء الجميل في أنه يمكنه إحراز الأهداف بكلتا قدميه وبرأسه، كما يتحرك بشكل رائع. إنه يقوم بأشياء مختلفة أخرى أثناء المباراة غير إحراز الأهداف».
وكان كورت سعيداً للغاية بما قدمه نكيتياه في مباراة آرسنال أمام نوريتش سيتي وأرسل له رسالة في صباح اليوم التالي تقول: «لقد جعلتنا نشعر بالفخر. والآن، عليك أن تواصل الاستماع والتعلم». وسرعان ما رد نكيتيا برسالة تقول: «شكراً على ثقتكم في قدراتي».
إيدي نكيتياه... «ماكينة الأهداف» التي تركها تشيلسي تذهب لآرسنال
تألق وأنقذ «المدفعجية» أمام نوريتش في كأس رابطة الأندية المحترفة
إيدي نكيتياه... «ماكينة الأهداف» التي تركها تشيلسي تذهب لآرسنال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة