جبل نمرود في جنوب تركيا يحتفظ بأسرار مملكة كوماجين التاريخية

أعلى معبد مفتوح يتيح أفضل رؤية لشروق الشمس وغروبها

جانب من جبل نمرود
جانب من جبل نمرود
TT

جبل نمرود في جنوب تركيا يحتفظ بأسرار مملكة كوماجين التاريخية

جانب من جبل نمرود
جانب من جبل نمرود

اجتذب جبل نمرود الذي يعد أعلى متحف مفتوح في العالم، وتحتفظ قمته بأنقاض مملكة كوماجين التي يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد، آلاف السياح في موسم السياحة الذي ينحصر في الفترة بين أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول).
يبلغ ارتفاع جبل نمرود ألفي متر ويقع في محافظة آديمان جنوب تركيا، ويعد جزءا من حلقة جبل الثور، على ضفة نهر الفرات ويقع على قمته معبد، بني في عام 62 قبل الميلاد، ويحيط به تمثالان كبيران لأسدين، وتمثالان لصقرين، والكثير من التماثيل اليونانية، والأرمينية.
في عام 1987 أدرج جبل نمرود إلى قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. زاره 52 ألف شخص. يعد الجبل أفضل موقع في العالم لمشاهدة شروق الشمس وغروبها، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.
قال مصطفى أكينجي مدير الثقافة والسياحة في آديمان، إنّ 52 ألف شخص زاروا الجبل خلال 9 أشهر، بينهم ألفا سائح أجنبي.
وردت قصة النمرود، في القرآن الكريم ولم يرد اسم النمرود، في النص القرآني، لكن ربط مفسرون مثل الطبري، بين الملك نمرود البابلي، والملك الذي تحداه النبي إبراهيم عليه السلام، في سورتي الأنبياء والبقرة، فيما شكك بعض المؤرخين والمفسرين، في علاقة نمرود التاريخية مع الملك الطاغي الذي ذكر في القرآن، واعتبر نمرود أحد الأساطير العملاقة ويرمز لقوى الشر، حيث سمي الكثير من المدن التراثية في العراق باسمه.
ويتكون البناء الضخم في جبل نمرود، من مجموعة من الألواح الصخرية، تكون ما يشبه الهرم، والجزآن الشرقي والغربي منه عبارة عن مدرجات توصل إلى معبد مفتوح، وعلى هذه المدرجات توجد تماثيل هائلة لأسود وصقور، و5 تماثيل ضخمة للآلهة التي كانوا يعبدونها، منهم 4 رجال وامرأة، وهي أكثر الأشياء الجذابة المحفوظة في هذا المكان.
المعبد الملكي، الذي أُسّس على الجبل من قبل الملك أنطيوخوس الأول، يجسد بوضوح ثقافة التوفيق بين الأديان التي كانت شائعة في تلك الفترة في الممالك الهلنستية، عبر دمج تماثيل الآلهة الإغريقية والفارسية بلباس موحد، وهو إشارة إلى المساواة بين العقائد، لدمج الشعبين الفارسي والإغريقي، إلّا أنّ الجبل غامض من جهة معانيه الدينية، وأسباب تأسيسه، والديانة التي كانت متبعة في المملكة.
يرى باحثون أنّ النصب أُسّس في الأصل بمساحتين كبيرتين، الأولى في الجهة الشرقية، واستخدمت من أجل الاحتفال بعيد ميلاد الملك أنطيوخوس الأول، والأخرى في الجهة الغربية، استخدمت للاحتفال بذكرى التأسيس، في عام 62 قبل الميلاد، وهو اليوم الذي يعتقد أنّ الملك أنطيوخوس، أصبح عضوا في الجماعة الدينية السرية، لمملكة كوماجين.
تعني مملكة كوماجين «مجتمع الأحياء»، ووُجدت كمملكة مستقلة عن ميثيريدس كالنكوس الأول، في بداية القرن الأول قبل الميلاد. ظهرت أهمية المملكة أثناء حكم انطيوخوس إبيفانيس، ابن ميثيريدس كالنكوس (62 - 32 قبل الميلاد). في عام 62 قبل الميلاد، بُني المعبد على قمة الجبل، وكان يحرسه تمثالان كبيران لأسدين، وتمثالان لصقرين، والكثير من «الآلهة» اليونانية والأرمينية والفارسية. وكان كل إله مكتوبا عليه اسمه، وعندما اكتشف المعبد، كانت رؤوس التماثيل منفصلة عن التماثيل، وملقاة على الأرض، ويشير ذلك إلى أنّها تضررت بشكل متعمد.
كما وجد في الموقع تماثيل أخرى، يصل طول كل منها إلى 49 مترا، وقطرها 152 مترا، منحوتة بالنظام اليوناني، لكن الملابس كانت تبدو فارسية.
في الشرفة الغربية هناك تمثال كبير لأسد يظهر بالقرب منه، عرض لترتيب النجوم والكواكب (عطارد والمريخ والمشتري)، ويعتقد المؤرخون أنّه ربما اكتشف هؤلاء القوم هذه الكواكب، عندما بدأوا العيش على قمة الجبل.
كان الجزء الشرقي محفوظاً بشكل جيد، فقد كان يتألف من طبقات من الصخور، وممر جدرانه من الصخور، يربط بين الجزأين الشرقي والغربي، ويمر بقاعدة الجبل، ويُعتقد أنّ هذا الموقع كان يُستخدم لعمل الطقوس الدينية، خلال الظواهر الفلكية.
أمّا عن أفضل الأوقات لزيارة الجبل فهي الفترة من 15 مايو (أيار)، إلى 15 أكتوبر، وتعد مشاهدة شروق الشمس وغروبها من أهم النشاطات المفضلة على الجبل. وحسب بعض الروايات التي استندت إلى المعطيات الأثرية لمعبد جبل النمرود، ربما يكون الملك أنطيوخوس الأول واحدا من كهنة المجوس الذين لديهم معرفة فلكية خارج حدود الأرض ومن الممكن أن يكون موقع المعبد مكان اتصال بين المؤمنين المجوس، والمشتغلين بعلم التنجيم والفلك والفضاء الخارجي، وعندما ضمت المملكة من قبل الرومان في القرن الأول الميلادي، تفرقت الحاشية الدينية لمعبد جبل النمرود في المنطقة، بعد هدمه من قبل الرومان، في ذلك الزمان، واختفت هذه الحاشية بما تحمله من أسرار دينية تخص المملكة، وبقيت الأسرار الغامضة التي تحيط بالجماعة الدينية السرية، وبمملكة كوماجين، والديانة المتبعة فيها لغزا.
ويؤكد أغلب الباحثين على أنّ الغموض والمعلومات القليلة التي جُمعت من الموقع، تدل وبكل تأكيد على معرفة قوية واستثنائية بعلم الفلك والتنجيم، وعلى أفكار دينية عالمية متقدمة في ثقافتها الجامعة.


مقالات ذات صلة

الأمتعة اليدوية لن تمثل مشكلة بعد اليوم

يوميات الشرق حمل الأمتعة اليدوية يوفر الوقت والمال (غيتي)

الأمتعة اليدوية لن تمثل مشكلة بعد اليوم

قد يوفر حمل الأمتعة اليدوية على متن الرحلة الوقت والمال، لكنه إجراء لا يخلو من التوتر. إذا كنت آخر من يستقل الطائرة، فقد تكون خزائن الأمتعة العلوية ممتلئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يصف سياح تلال لشبونة بأنها «شديدة الانحدار» (غيتي)

«السياح يصرخون من الألم»... مدن أوروبية لا يمكنك المشي فيها

إذا كنت تخطط لقضاء عطلة قريباً في إحدى الدول الأوروبية، فإنك ستحتاج إلى التأكد من شراء حذاء رياضي مريح بالإضافة إلى أحذية الرقص الخاصة بك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اللافتة التي وضعها مطار دنيدن (سي إن إن)

مطار نيوزيلندي يثير الجدل... ويضع حداً زمنياً لـ«عناق الوداع»

أثار مطار دنيدن في نيوزيلندا الجدل حول العالم بعدما فرض «حداً أقصى» لـ«عناق الوداع»؛ حيث وضع لافتة جديدة تفرض حداً أقصى يبلغ 3 دقائق على العناق بمنطقة الإنزال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يتضمن جناح «الدرعية» تجارب تفاعلية فريدة للزوار (الشرق الأوسط)

التراث السعودي في قلب العاصمة الصينية بكين

جناح «الدرعية» تضمن تجارب تفاعلية فريدة للزوار، من خلال تقديم القهوة السعودية والتمر، كما يمكن للزوار تجربة ارتداء «بشت البرقاء» والمشاركة في أنشطة فنية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
سفر وسياحة زوار بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية في سوق "ديانا" بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

جولة على أجمل وأشهر أسواق القاهرة الشعبية

توفر أسواق القاهرة الشعبية فرصة لزائرها أن يستكشف جانباً آخراً في رحلته إلى العاصمة المصرية... فزيارة الأسواق المحلية فرصة للتسوق بين بضاعتها التقليدية وتجربة فريدة لاستكشاف ثقافة وتراث وتاريخ القاهرة النابضة بالحياة والتعرف على ملمح من الأجواء المحلية والعادات والتقاليد عن قرب

محمد عجم (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.