جولة على أجمل وأشهر أسواق القاهرة الشعبية

تجربة فريدة للتعرف على الثقافة والتراث في الأحياء القديمة

زوار بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية في سوق "ديانا" بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
زوار بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية في سوق "ديانا" بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

جولة على أجمل وأشهر أسواق القاهرة الشعبية

زوار بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية في سوق "ديانا" بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
زوار بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية في سوق "ديانا" بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

توفر أسواق القاهرة الشعبية، فرصة لزائرها أن يستكشف جانباً آخر في رحلته إلى العاصمة المصرية؛ فزيارة الأسواق المحلية تعد فرصة للتسوق بين بضاعتها التقليدية، وتجربة فريدة لاستكشاف ثقافة وتراث وتاريخ القاهرة النابضة بالحياة، والتعرف على ملمح من الأجواء المحلية والعادات والتقاليد عن قرب.

وما بين أسواق السلع المُصّنعة يدوياً على أيدي الحرفيين والصناع المهرة، وتلك المخصصة لبيع السلع المستعملة والمقتنيات القديمة، يمكنك العثور على ما يمكنك أن تهادي به أحبابك وتخلِّد به ذكرى رحلتك، سواء من التحف والأزياء والإكسسوارات والمنسوجات وغيرها.

في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الأسواق جزءاً من الجولات السياحية لكثير من السياح من جنسيات مختلفة، لأنها توفر العديد من المنتجات النادرة وبأسعار تناسب الجميع، ولكونها مكاناً يجمع بين التسوق والمتعة والمعرفة والتفاعل الاجتماعي. «الشرق الأوسط» تستعرض بعض هذه الأسواق، التي يمكنك إضافتها إلى برنامج زيارتك إلى القاهرة.

قطع ديكورية من الخوص في سوق الفسطاط للفنون والحرف اليدوية بالقاهرة (الهيئة العامة للتنمية السياحية)

خان الخليلي

هو السوق الأشهر على الإطلاق لكل السياح من مختلف الجنسيات، وهو أحد أقدم وأشهر أسواق القاهرة، في قلب ما تعرف بـ«القاهرة الإسلامية»، وهو عبارة عن أزقَّة ضيقة تصطف على جانبيها بازارات بيع التحف والأنتيكات والمجوهرات والمنسوجات المصرية المصنوعة يدوياً، إلى جانب الشيشة والأواني الزجاجية والأطباق النحاسية، والفضيات والإكسسوارات، والبرديات، والإكسسوارات ذات الطابع الفرعوني، لذا إن كنت تبحث عن تجربة تسوُّق فريدة لشراء الهدايا التذكارية الصغيرة، فلا بد لك من زيارة خان الخليلي.

"خان الخليلي" السوق الأشهر على الإطلاق في القاهرة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

يعود تاريخ خان الخليلي إلى عام 1382، حاملاً رائحة العصر المملوكي، بما يجعل زيارتك له انتقالاً إلى الماضي البعيد، خصوصاً عندما تأخذك قدماك من زقاق إلى آخر، وفي كل خطوة تستكشف تراثاً غنياً، وتأسرك جماليات عمرانه، التي يزيد منها الألوان والإضاءات المنبعثة من وحدات الإضاءة ومن المتاجر.

قطع ديكورية من الخوص في سوق الفسطاط للفنون والحرف اليدوية بالقاهرة (الهيئة العامة للتنمية السياحية)

ولا يعد الخان مجرد سوق سياحية، فهو من أجمل الأماكن للتجول حتى إن لم تشترِ الهدايا، ففيه يمكنك أن تلتقط صوراً رائعة، كما سيكون محبباً لك الاسترخاء في العديد من المقاهي وأشهرها «مقهى الفيشاوي» التاريخي الشهير، الذي لا يغلق أبوابه على مدار الـ24 ساعة.

يمكن الوصول إلى خان الخليلي بسهولة من خلال المواصلات العامة، التي تعمل على مدار اليوم.

سوق الفسطاط

تعد سوق الفسطاط للفنون والحرف اليدوية أكبر تجمع لحرف التراث المصري والحرف اليدوية تحت سقف واحد، فالسوق المقامة على مساحة 3 آلاف متر في منطقة مصر القديمة (حي مجمع الأديان)، تضم 40 محلاً تجارياً تجمع الفنانين والمصممين والحرفيين لعرض إبداعاتهم، التي تتسم بالذوق والتناسق. ويمكن من خلال زيارة السوق شراء منتجات الخوص والخزف والفخار، والمنسوجات اليدوية والجلدية، والقطع الديكورية ووحدات الإضاءة، والأعمال النحاسية والفضية، والكليم والسجاد.

أحد صّانع الخیامية يعكف على قطع القماش لحیاكتھا وتطريزها (الهيئة العامة للاستعلامات)

لا تتوقف تجربة الفسطاط على التسوق، بل تتسع لخلق مناخ ثقافي لتشجيع تعلم الحرف اليدوية، بهدف عدم اندثارها واكتساب المهارات الحرفية، وهو ما تمكن مشاهدته عن قرب عند زيارة السوق.

تعمل السوق من الساعة 11 صباحاً حتى 7 مساءً. ويسهل الوصول إلى موقعها كونه ملاصقاً لمحطة الأوتوبيس العام الرئيسية بمصر القديمة، وكذلك يسهل الوصول إليها عبر محطة مترو «مارجرجس».

سوق الخيامية

الخيامية هي حرفة مصرية أصيلة اشتقَّت صناعتها من صناعة قماش الخيام، وتطورت لجعل الخيام أكثر جمالاً وفخامةً، وبمرور الوقت أصبحت من أجمل النقوش في الفن المصري، لتتحول حديثاً تلك الأقمشة المزينة إلى استخدامات أخرى مثل دخولها في المفروشات المتنوعة والقطع الديكورية واللوحات التشكيلية.

تُنسب السوق إلى حي «الخيامية»، وهي كلمة مشتقة من «خيمة»، وفيها تباع أقمشة الخيام الملونة والمفروشات المبهرة المصنوعة يدوياً بجودة عالية، وهي مزار لعشاق الفنون والمشغولات اليدوية على مدار العام سواء من السياح الأجانب أو من المصريين، بينما يكون شهر رمضان موسمها السنوي الأكبر إقبالاً.

تقع السوق العتيقة بالقرب من باب زويلة بالقاهرة الفاطمية، وتحتفظ بطابعها التراثي العتيق، فهي مشيدة على الطراز العربي والإسلامي، حيث تجد الورش متراصَّة، والسوق مسقوفة بألواح خشبية مغطاة بالزخارف، وداخل الورش أو أمامها یجلس صنّاع الخیامية، معتكفين على قطع القماش لحیاكتھا وتطريزها، حيث تحتاج الحرفة إلى مھارة عالیة في حیاكة الأقمشة، ومن ثم يمكن التعرف على مهارتهم، أو التجول بين بضاعتهم، لشراء ما يناسب حاجتك، وفق ذوقك، سواء كان يميل إلى الزخارف العربية القديمة أو الإسلامية أو النباتية أو الهندسية.

يسهل الوصول إلى السوق إذا قصدت منطقة الغورية بوسط القاهرة، ومنها تبدأ جولة سيراً على الأقدام مروراً بشارع المعز وباب زويلة، حتى الوصول إلى السوق.

إقبال من محبي القراءة على سوق "سور الأزبكية" بالقاهرة (الصفحة الرسمية لسور الأزبكية)

سوق ديانا

تعد تلك السوق بمثابة جوهرة خفية في وسط القاهرة، وباتجاهك نحوها فأنت تسافر عبر الزمن إلى عهد آخر، وستجد نفسك محاطاً بجمال وتنوع المنتجات، التي تتعدد بين التحف والأنتيكات والقطع الفنية النادرة، والعملات المعدنية القديمة، والأوراق النقدية القديمة، والطوابع والكتب النادرة، وأسطوانات التسجيلات القديمة وأشرطة الكاسيت، والأثاث الخشبي المنحوت يدوياً، والتماثيل والمشغولات النحاسية، والمجوهرات والإكسسوارات الفريدة، والمصنوعات اليدوية من النحاس والفضة.

ستكون «سوق ديانا»، الشهيرة أيضاً بـ«سوق السبت» نسبةً إلى اليوم الأسبوعي الوحيد الذي تستقبل جمهورها فيه، وجهةً محبَّبة لك إن كنت من محبي اقتناء الأشياء القديمة، التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة، وحتى إن لم ترغب في الشراء سيكون التجول بين تلك المعروضات في حد ذاته ضرباً من المتعة.

ما يميز سوق ديانا هي جودة المنتجات، وأسعارها المناسبة التي تناسب جميع الميزانيات، مما يجعلها مكاناً مثالياً لشراء الهدايا التذكارية، كما يمكن فيها مصادفة عشاق التحف والأنتيكات والتعرف على ما لديهم من مقتنيات نادرة.

يسهل الوصول إلى السوق لكونها في وسط القاهرة، ويسهل الوصول إليها عبر محطات مترو محطة مترو «جمال عبد الناصر»، و«أحمد عرابي»، و«العتبة».

منسوجات يدوية بأيادي مصرية في سوق خان الخليلي (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

سوق الجُمعة

تعد من أقدم وأشهر الأسواق بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، وتشتهر ببيع كل ما هو نادر ومستعمَل، وستجد فيها كل ما يخطر ببالك وأكثر، أما ما يميزها فهو بيع الحيوانات الأليفة والطيور والزواحف، حيث يتردد عليها الزوار من مختلف الأعمار بحثاً عن الشراء أو مشاهدة الطيور الجارحة، مثل الصقور والبوم، والزواحف مثل الثعابين والسلاحف والسحالي، كما يمكن العثور في السوق على أنواع مختلفة من العصافير الملونة وأسماك الزينة.

استقت السوق مسماها من اليوم الذي تُعقد فيه، رغم أنها تقام يومَي الجمعة والأحد من كل أسبوع، لكن يوم الجمعة هو الذي يحظى بعدد ضخم من الزوار، الذين يترددون عليها لشراء ما يلزمهم من احتياجات بنصف الثمن.

عند زيارة السوق سوف تغوص في عالم نابض بالألوان والأصوات والروائح، لذا كن مستعداً لقضاء اليوم بأكمله دون ملل، حيث ستستمتع بتجربة تسوّق فريدة من نوعها، وستكتشف كنوزاً لا حصر لها، وتتعرف على ثقافات جديدة.

أسواق العطارة

يستولي عليك مزيج من الروائح المختلفة، تختلط فيها التوابل مع الأعشاب، وأدخنة البخور مع العطور والزيوت، إذا قصدت شارع «العطارين» القريب من شارع المعز لدين الله الفاطمي، في القاهرة التاريخية، حيث تكثر محال بيع العطارة، التي تجد فيها مرادك من الأعشاب والبهارات، والوصفات الطبية الطبيعية التي أساسها الأعشاب المجففة، بعيداً عن المواد الكيميائية.

كما تكثر مستحضرات العناية بجمال السيدات والفتيات؛ فهذه وصفة سحرية لعلاج السمنة وأخرى لعلاج النحافة، وتلك خلطة لتساقط الشعر وأخرى لتقويته وفرده، إلى جانب الزيوت والدهانات والكريمات وأصناف الحناء وماسكات الوجه والعطور، وجميعها تزيد من الإقبال عليها أسعارها الرخيصة التي تعد في متناول الجميع.

عند زيارة السوق ستجد الأعشاب والبهارات المصرية والمستوردة القادمة من الهند وسنغافورة وسريلانكا والمغرب، لكن الأغلبية تُزرع في مصر، مثل الكركديه والنعناع والكزبرة والسمسم، والحلبة والبردقوش، وزهر البابونغ، والكمون، وجميعها أصناف يمكنك حملها معك لاستخدامها عند الحاجة.

سور الأزبكية

بعكس الأسواق السابقة تأتي هذه السوق حاملة ملمح الأدب والثقافة، فالجمهور الزائر لـ«سور الأزبكية»، الواقع بالقرب من ميدان العتبة في القاهرة، سيجد العارضين وأصحاب المكتبات المتخصصين في بيع الكتب القديمة أو النادرة ذات الأسعار الرخيصة، والخرائط والمطبوعات والصحف، في أكبر معرض مفتوح ودائم للكتاب في مصر، مما يجعله وجهة محببة لعشاق الكتب والمهتمين بالثقافة.

إقبال من محبي القراءة على سوق "سور الأزبكية" بالقاهرة (الصفحة الرسمية لسور الأزبكية)

بزيارة السور ستجد إقبالاً لافتاً من محبي القراءة، وجامعي المخطوطات النادرة، وسيحكي لك أصحاب المكتبات عن زبائنهم من الأدباء حديثاً وقديماً، الذين كان أبرزهم أديب نوبل نجيب محفوظ، حيث ستجد رواياته على الأرفف، تجاورها روايات عالمية لكبار كتاب العالم، مثل تشارلز ديكنز وإرنست همنغواي وغابرييل غارسيا ماركيز، وجميها بأسعار رخيصة.

تأسس «سور الأزبكية» عام 1907، ويصنفه البعض بأنه من أهم ثلاثة أسوار ثقافية بارزة في العالم. ويمكن الوصول إليه باستقلال مترو الأنفاق إلى محطة «العتبة»، حيث يوجد السور أعلاها مباشرةً.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى وجهات سياحية سكنها أهم أدباء لبنان

سفر وسياحة بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)

دليلك إلى وجهات سياحية سكنها أهم أدباء لبنان

يزخر لبنان بمواقع سياحية مشهورة ، من بينها منطقة الروشة وقلعة بعلبك سيدة لبنان (حريصا) والبترون وجبيل وغيرها

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة المفاصلة بالسعر خلال السفر مهم جدا خاصة في الاسواق الشعبية (نيويورك تايمز)

كيف تساوم حين لا يكون هناك سعر محدد؟

عندما تشتري شيئاً من السوبرماركت، عادة ما تدفع السعر المكتوب على البطاقة ـ وهذا أمر سهل.

رافين بريفوست (نيويورك)
الاقتصاد وزير السياحة السعودي متحدثاً في «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي» (الشرق الأوسط)

الخطيب: بحلول 2030 ستصبح السياحة بأهمية النفط لاقتصاد السعودية

أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، أن القطاع سيكون مساوياً للنفط في مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق يُشكّل قلب بوينس آيرس (أ.ف.ب)

مصعد داخل مسلّة يفتح أفقاً بانورامياً في سماء بوينس آيرس

أصبحت ممكنة زيارة المسلّة الشهيرة في بوينس آيرس بواسطة مصعد يوفر إطلالة بانورامية على المدينة من هذا المَعْلم الذي يُشكِّل مكاناً للتجمّعات...

«الشرق الأوسط» (بوينوس آيرس)
سفر وسياحة بركة سباحة جميلة في دار طنطورة (الشرق الأوسط)

قائمة «كوندي ناست ترافيلر» لأفضل الفنادق والمطاعم والسفن السياحية في الشرق الأوسط لعام 2025

كشفت «كوندي ناست ترافيلر» عن قائمتها السنوية التاسعة والعشرين المرتقبة، التي تحتفي بأفضل الفنادق والمنتجعات والمطاعم والسفن.

«الشرق الأوسط» (لندن )

دليلك إلى وجهات سياحية سكنها أهم أدباء لبنان

بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)
بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)
TT

دليلك إلى وجهات سياحية سكنها أهم أدباء لبنان

بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)
بسكنتا من المصايف الجميلة في لبنان (فيسبوك)

يزخر لبنان بمواقع سياحية مشهورة ، من بينها منطقة الروشة وقلعة بعلبك سيدة لبنان (حريصا) والبترون وجبيل وغيرها، وهذه الوجهات غالباً ما تكون على رأس جدول زيارة أي سائح في لبنان.

ولكن هذه المرة تقوم «الشرق الأوسط» بمشوار في بلدات لبنانية تتميز بطبيعتها الخلابة، وبكونها مسقط رأس أهم الأدباء والفلاسفة. وهي بشرّي وبسكنتا والفريكة. وإلى جانب طابعها الثقافي، فإن هذه البلدات تعدّ وجهات سياحية خلّابة. ويستطيع الزائر خلالها زيارة معالم ومواقع تاريخية، وتمضية أوقات مسليّة.

بشرّي... جنّات على مدّ النظر

تقع بشرّي في قضاء يحمل اسمها، وتبعد عن بيروت نحو ساعتين بالسيارة. وتتمتع بطبيعة جميلة، ولا سيما أنها تحتضن أهم غابات الأرز في لبنان «أرز الرب». التي أدرجتها اليونسكو على خريطة معالمها التراثية العالمية.

تقع غابة «أرز الرب» في بشري بالقرب من وادي قنوبين. وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية مخصصة لإنقاذ الأرز اللبناني. وتتجلى أهميتها التاريخية في أنها الغابة الأساسية التي قطع الفينيقيون أخشابها ليبنوا سفنهم ومعابدهم وليتاجروا بها مع المصريين والآشوريين.

متحف جبران... مساحة تحكي حياته

ولد الفيلسوف والأديب اللبناني جبران خليل جبران في بلدة بشرّي عام 1883. وعندما توفي اشترت شقيقته مريانا دير مار سركيس وكهفه. فشقيقها كان يتمنى القيام بذلك لتمضية فترة تقاعده فيه. وتحوّل الدير إلى متحف له عام 1975.

متحف جبران خليل جبران في بشري (فيسبوك)

وفي عام 1995، تم توسيع المتحف بشكل أكبر، وزوّد بمعدات حديثة تمكّنه من عرض المجموعة الكاملة من مخطوطات جبران ورسومه ولوحاته.

يتضمن المتحف المحفور بالصخر 16 غرفة ذات سقف منخفض ومساحات ضيقة مرقّمة بالعدد الروماني المحفور على خشب الأرز. تتوزع الغرف على 3 طوابق تتعاقب في أدراج لولبية تؤدي في النهاية إلى المغارة التي شاءها مدفنه الأخير. المتحف عبارة عن دير «مار سركيس» الذي يفوق عمره 1500 عام، وتمنى الأديب أن يصبح «صومعة» فكرية ومقراً له بعد عودته من المهجر. لكن حلمه لم يتحقق، وبعد وفاته حمل جثمانه إلى بشري ليدفن في الدير نفسه بناء على وصيته. ويستطيع زائر المتحف التعرّف إلى محطات من حياة جبران، ويطّلع عن قرب على لوحاته وكتاباته، وفيه أيضاً مرسمه، ومكتبه وكرسيه الخاص وسريره.

زيارة بشري تختتم في جلسة من العمر

تزدهر بشري بمطاعمها ومقاهيها المشرفة على طبيعتها الخلابة، وبينها الأقرب إلى غابة الأرز «لو شاتيل» و«مقهى الأرز» و«جنة الأرز». ومن المعالم السياحية التي ينصح بها في منطقة بشري، زيارة دير قنوبين ودير مار سمعان الأثريين، وكذلك المدفن الفينيقي في قمة جبل سركيس.

بسكنتا... ملهمة الشعراء

تعدّ بسكنتا من أهم البلدات الجبلية في قضاء المتن. ويقصدها الزوار في الشتاء لممارسة رياضة التزلج، وفي الصيف للتنعمّ بطبيعتها الملهمة للشعراء.

ويعدّ الأديب ميخائيل نعيمة من أشهر أبنائها. وحين عاد إلى لبنان عام 1932 من هجرته الأميركية، استقرّ في مسقط رأسه بسكنتا، واختار تلة خارجها تسمى «الشخروب» ليبني «عرزالة» عليها. واعتزل فيه قارئاً، وكاتباً ومفكراً ومتأملاً. هناك ألّف عدداً كبيراً من كتبه، فلُقّب بـ«ناسك الشخروب».

تتميز البلدة بمعالمها الطبيعية والجغرافية، إذ يحيط بها جبل صنين ووادي الجماجم وقناة باكيش ونبع صنين، مما أكسبها جمالاً طبيعياً استثنائياً.

غابة الأرز في بلدة بشرّي (فيسبوك)

درب بسكنتا الأدبي

أفضل طريقة لاكتشاف البلدة هي من خلال درب بسكنتا الأدبي. وتتوفّر جولات مشي لمسافات طويلة تتيح فرصة اكتشاف أبرز المواقع الثقافية والطبيعية في القرية. وتبدأ الجولة من حديقة ميخائيل نعيمة التذكارية حيث يقع ضريحه وتمثاله، وتنتهي في منزل الكاتب سليمان كتاني، الذي عاش في بسكنتا بين عامي 1965 و2004.

ويستمتع هواة رياضة المشي بالسير بين بساتين الفاكهة والنباتات البرية والأزهار. كما يمكن من خلال هذا الدرب التعرف إلى منزل نعيمة الصيفي، حيث كتب سيرته الذاتية. بعد ذلك، ينتقل الزائر لمشاهدة نقوش رومانية تعود إلى زمن الإمبراطور هادريان. وفي منتصف الطريق عبر الوادي، توجد مغارة سيف الدولة العباسي الذي حكم في القرن العاشر الميلادي، والذي اشتهر بحماية الشعراء وتشجيع التعليم. ومن مواقع الدرب المميزة غابة الأرز الصغيرة. ويمكن في هذا الدرب الاطلاع على المركز الثقافي لبسكنتا، ويحمل اسم عبد الله غانم، الشاعر والفيلسوف والصحافي المولود في بسكنتا. وقد استوحى معظم قصائده من الريف والحياة التقليدية في المنطقة.

ميخائيل نعيمة (فيسبوك)

الفريكة... ولّادة الفيلسوف

ترتبط بعض البلدات اللبنانية ارتباطاً مباشراً بأسماء أدباء وصلوا العالمية. ومن بينها الفريكة، وتقع في قضاء المتن الشمالي. وصفها ابنها أمين الريحاني بدقة في كتاباته. وتحدّث عن وادي الفريكة وأزهار الدفلي وملتقى الجبال على منكبي وادي الفريكة. ويرد البعض اسمها إلى كلمة فريكة السريانية، وتعني النبع. فيما يؤكد آخرون أن اسمها يرتبط بموسم اللوز الأخضر (الفرك) فيها.

متحف أمين الريحاني

بعد وفاة أمين الريحاني عام 1940، عكف شقيقه ألبرت على جمع تراثه من كتب ومخطوطات، ورسائل وأوراق خاصة ومقتنيات. فقضى 14 عاماً يجمع فيها ليشكل بذلك نواة لمتحف في منزله بالفريكة في لبنان عام 1953.

متحف أمين الريحاني (فيسبوك)

تابع ابنه ألبرت الريحاني مهمته إلى أن وقف على كل أعمال الأديب ومتروكاته، وأفرد الطابق الأرضي من المنزل ليكون متحف أمين الريحاني. ثم في عام 1990 افتتح المتحف الجديد أمام الزوار. ويضم متحف أمين الريحاني 10 أجنحة. ومن بينها «البدايات»، أي تاريخ هجرته إلى أميركا. وقسم «سنوات خالد» وتتضمن مرحلة حياة الريحاني بعد عودته إلى مسقط رأسه. وفي أقسام «اختيار الغرب» و«الحلم العربي» وصولاً إلى الجناحين السادس والسابع. ونطل في هذين الأخيرين على لوحاته الـ66 المرسومة بيده. فيما الجناح التاسع خصّص لزوجته الأميركية برتا. والجناح الأخير من المتحف لم يحمل اسماً، ويحتوي على كتب عن الريحاني. واحتوى كذلك ما كتبته عنه الصحافة العربية والأجنبية من جهة. ومن جهة أخرى، احتوى المؤلفات والأطروحات التي وضعت عنه بلغات مختلفة. وهذه الكتابات تعدّ مجموعة وثائقية تشير خلاصتها إلى أن 43 دولة كتبت عن أمين الريحاني.

وتشتهر الفريكة بمواقعها الدينية وبطبيعتها المشرفة على البحر وعلى جبال صنين، وتبعد عن بيروت نحو 20 كيلومتراً.