«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

ظهر دورها قبل 3 سنوات وشهدت 8 عمليات كبرى أوقعت عشرات القتلى

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر
TT

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

«الصحراء الغربية»... مسرح جديد للإرهاب في مصر

شكل «حادث الواحات» الإرهابي الذي شهدته صحراء مصر الغربية قبل أيام، وخلف 16 قتيلا في صفوف الشرطة، فصلاً جديداً في سلسلة الهجمات التي ضربت البلاد مؤخراً عبر جبهتها الغربية. ووفقا لمراقبين على صلة بالجهات الأمنية تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، باتت هذه المنطقة «مسرحاً جديداً للإرهاب في مصر» يضاف إلى البؤرة التقليدية في شمال شبه جزيرة سيناء حيث يخوض الجيش المصري منذ بعض الوقت حرباً شرسة ضد جماعات مسلحة موالية لتنظيم داعش الإرهابي.

في غضون السنوات الثلاث الماضية فقط شهدت صحراء مصر الغربية، التي تمثل ثلثي مساحة مصر وغير المأهولة سكانياً، ما لا يقل عن 8 عمليات إرهابية كبرى، راح ضحيتها أكثر من 60 جنديا وضابطا مصريا وعشرات المواطنين، ما دفع البعض لاعتبارها خطرا حقيقيا يجب الالتفات إليه.
وتشير طوبوغرافيا الموقع إلى مساحة شاسعة من الصحراء طرقها وعرة، شكلت بيئة ملائمة لتنفيذ الجماعات الإرهابية عملياتها. ثم إن طول الحدود مع ليبيا، التي تشهد بدورها فوضى أمنية، سهل من دخول المسلحين إلى مصر، رغم النجاحات اليومية التي يحققها الجيش في هذا الشأن.
اللواء طارق مهدي، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه: «بالطبع لا توجد معسكرات إرهابية أو تجمّعات دائمة هناك، لكن الطبيعة الجغرافية لتلك البقعة الكبيرة، تشكل بين الحين والآخر منطلقا مناسبا لترتيب عمليات إرهابية متنوعة على معظم المحافظات المصرية».
وأضاف اللواء مهدي: «خطورة الصحراء الغربية تأتي بالأساس لكونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت للمسلحين من الجماعات الإرهابية كـ(داعش) وغيرها المنتشرة بشكل مكثف هناك، بالعبور إلى مصر وتهريب مختلف أنواع الأسلحة».
وحقاً، يسعى الجيش المصري جاهدا للسيطرة على حدوده مع ليبيا، إلا أن ما يزيد الأمر صعوبة أن السيطرة تأتي من جانب واحد فقط، نظراً لعدم وجود جيش ليبي موحّد ومؤهل يمكنه فرض سيطرته على البلاد، وخلال الأشهر الماضية، شهدت الصحراء الغربية مواجهات متعدّدة بين قوات الأمن المصري ومسلحين، تنوّعت ما بين إحباط عمليات تهريب للأسلحة ومواجهات مباشرة قتل فيها العشرات.

سلسلة من الهجمات
لقد لفتت الصحراء الغربية الأنظار إليها بوصفها بؤرة جديدة للعمليات الإرهابية، مع ظهور خلية إرهابية أُطلق عليها اسم «جنوب الجيزة»، تابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء، كان يقودها هشام علي عشماوي، الضابط المفصول من الجيش، وذلك حين نفذت هذه الخلية أضخم عملياتها في 19 يوليو (تموز) 2014، باستهداف «كمين الفرافرة» بالكيلو 100 في مدينة الفرافرة، بمحافظة الوادي الجديد. وأسفر الهجوم حينها عن مقتل 21 من ضباط القوات المسلحة وجنودها.
جهات التحقيق وصفت حينذاك الهجوم بأنه «على مستوى ينبئ بتخطيط وتدريب عسكري جيد للمهاجمين، حيث تم اختيار أماكن الإطلاق والمناطق المستهدفة بعناية وبصفة خاصة استهداف برج المراقبة، ثم مخزن الأسلحة، وتم استغلال وجود الكمين في منطقة منخفضة نسبيا في مواجهة تبات مرتفعة».
وعقب مبايعة تنظيم «أنصار بيت المقدس» «داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 وتغيير اسمه إلى «ولاية سيناء» انشق عشماوي عن التنظيم وفرّ إلى ليبيا، معلنا تأسيس تنظيم «المرابطين»، الموالي لتنظيم «القاعدة»، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من العمليات في هذه المنطقة. في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه أعلن تنظيم «ولاية سيناء» مسؤوليته عن قتل وليم هندرسون، خبير البترول الأميركي بشركة أباتشي، بعد اختطافه من قلب الصحراء الغربية خلال عملية سرقة سيارات، في أغسطس (آب) من العام نفسه.
وفي أغسطس 2015، تحطمت طائرة تابعة للقوات الجوية المصرية أثناء مطاردة مسلحين في منطقة سترة جنوب شرقي واحة سيوة (أقصى غرب مصر)، نتيجة عطل فني مفاجئ أثناء العملية. ويومذاك قتل في الحادث أربعة من عناصر القوات الجوية وأصيب اثنان آخران. وأعلن الجيش حينها أن «القوات تمكنت من تدمير أربع عربات للمسلحين».
وفي الشهر نفسه، أعلن تنظيم «ولاية سيناء» ذبح رهينة كرواتي الجنسية يدعى توميسلاف سلوبك، كان مسلحون قد اختطفوه من مدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، أثناء توجهه إلى عمله بأحد المواقع البترولية في منطقة الواحات.
غير أن الحدث الأبرز عالمياً في تلك البقعة، شهده شهر سبتمبر (أيلول) 2015، حين قتلت القوات المسلحة المصرية، عن طريق الخطأ، 12 شخصًا معظمهم من السيّاح المكسيكيين، كانوا في قافلة سياحية بقلب الصحراء الغربية. إذ اشتبهت القوات في كونهم عناصر إرهابية. وفسرّت السلطات ما جرى بأن «السيّاح كانوا يستقلون أربع سيارات دفع رباعي، وجدوا بداخلها في منطقة محظورة، أثناء قيام قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة بملاحقة بعض العناصر الإرهابية في منطقة الواحات بالصحراء الغربية».
وفي الشهر التالي، في أكتوبر أثناء عملية عسكرية استمرت لمدة 48 ساعة باستخدام الأسلحة الثقيلة في الظهير الصحراوي لمحافظة آسيوط، داخل الصحراء الغربية، أعلنت الداخلية المصرية مقتل 20 من العناصر المسلحة والقبض على 22 آخرين.

أحداث العام الحالي
وبينما هدأت الأمور بشكل لافت خلال عام 2016 في الصحراء الغربية، حين كان حادث مقتل ضابطين وأربعة مجندين في هجوم لعصابات تهريب مسلحة بمركز الفرافرة، الحادث الأبرز، جاء عام 2017، ليشكل النجاحات الكبرى للجماعات الإرهابية في هجماتها.
لقد بدأ عام 2017 بهجوم مسلح استهدف كمين النقب الواقع على طريق الوادي الجديد - أسيوط السياحي، وقتل فيه ثمانية من عناصر الشرطة وأصيب اثنان. وفي نهاية مايو (أيار) 2017، وقع الهجوم الأكثر دموية، حين استهدف مسلحون ينتمون لتنظيم داعش حافلة تقل مواطنين مسيحيين في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل، أثناء مرور الحافلة بإحدى الطرق الفرعية الصحراوية، قرب الطريق الصحراوي الغربي الواقع بدائرة مركز شرطة العدوة. وأسفر ذلك الهجوم عن مقتل 28 مواطنا مسيحيا.
وعلى إثر ذلك، نفذ الجيش المصري ضربات جوية ضد ما قال إنه «تجمّعات من العناصر الإرهابية بالأراضي الليبية تأكد من اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ لحادث المنيا الإرهابي». وتركزت الضربات الجوية المصرية على مدينتي درنة والجفرة، حيث كانت قوات المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في الشرق، تقوم بحملة عسكرية في ذلك الوقت.
«هجوم المنيا»، أسندته تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا إلى تنظيم جديد أطلق عليه «جنود الخلافة»، يقوده متهم هارب يدعى عزت محمد، قالت التحقيقات إنه خطط ونفذ العملية، وإن التنظيم تلقى تدريبات على العملية في الصحراء الغربية، وكان يقيم معسكراً داخل نطاق قريب من المنطقة.
كذلك كشفت التحقيقات عن أن عزت محمد تواصل مع صاحبه المقرّب إليه المتهم الهارب عمرو سعد، لإنشاء خلية تابعة للتنظيم الجديد تعمل على تنفيذ عمليات في قلب المحافظات المصرية، وأن عمرو سعد تولى تجنيد عشرات الشباب من محافظة المنيا على وجه التحديد، من بينهم الانتحاريان ممدوح أمين ومحمود حسن مبارك اللذان نفذا تفجير كنيستين بمحافظتي الإسكندرية والغربية فيما بعد.
واتساقاً مع سلسلة الهجمات، لقي أربعة من أفراد القوات المسلحة حتفهم في منطقة الواحات الغربية، في 31 مايو الماضي أيضا، وذكرت القوات المسلحة في حينه أن «قوات برية كانت تمشّط المنطقة حينما انفجر أحد الأحزمة الناسفة الخاصة بالعناصر الإرهابية».

«هجوم الواحات»
أما عن تفاصيل «هجوم الواحات» الأخير، الذي وقع في 20 أكتوبر الحالي، فيوضح العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، أن «جهاز الأمن الوطني وصل إليه معلومات عن وجود خلية إرهابية خطيرة في منطقة الواحات البحرية (جنوب الجيزة)، كانت تعدّ وتجهز لارتكاب مجموعة من العمليات داخل المحافظات، واتخذت هذه المنطقة منطلقا لعملياتها لكونها قريبة من القاهرة والجيزة والمحافظات المركزية بالصعيد».
وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط» شارحاً: «كانت هناك خشية أن تنفذ هذه الخلية عملياتها الإرهابية في وقت قريب، فتقرّر التعجل في التوجه إلى هذا المكان لإجهاض العمليات». وأكد أن «العملية كانت مداهمة وإنقاذ في الوقت نفسه». وذكرت وزارة الداخلية أن 11 ضابطا وأربعة مجندين وفرد شرطة قتلوا في الهجوم، وأصيب 13 من الضباط والجنود، كما فقد أحد الضباط، في حين أعلنت الشرطة أنها قتلت 15 من المسلحين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم.

طبيعة وعرة
تتمثل الصحراء الغربية في المنطقة الواقعة ما بين الوادي (وادي النيل) والدلتا من الجهة الشرقية، وحدود مصر مع ليبيا من الجهة الغربية، ويحدها من الجهة الشمالية البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى حدود مصر مع السودان جنوباً.
ويبلغ طول هذه الصحراء من الجنوب إلى الشمال نحو ألف كيلومتر، ومن الغرب إلى الشرق ستمائة كيلومتر، وتبلغ مساحتها الكلية قرابة 681 ألف كيلومتر مربع، ويمكن وصفها بأنها صحراء هضاب ومنخفضات.
ووفق العقيد حاتم صابر، الخبير الأمني والاستراتيجي في مجال الإرهاب الدولي بالقوات المسلحة، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، فإن «حادث الواحات يشير إلى نقل العناصر الإرهابية مسرح العمليات من شمال سيناء إلى صحراء الواحات بعد انقطاع الدعم والإمداد للتنظيمات الإرهابية في سيناء، التي يقف خلفها بعض الدول الإقليمية على رأسها قطر». وتابع العقيد صابر أن «نجاحات الجيش المصري في سيناء، وحصاره للجماعات المسلحة في رقعة نسبتها لا تتخطى 1.5 في المائة من أراضي المحافظة، عوامل جعلت هذه التنظيمات تبحث عن مناطق جديدة لاستغلاها وتنفيذ عمليات إرهابية ترهق السلطات الأمنية وتستنفد قواها».
وعن طبيعة تلك الصحارى ودورها في المواجهات الأمنية، أشار العقيد صابر إلى أن «المعلومات الأولية في حادث الواحات الأخير، تشير إلى أن العناصر الإرهابية كانت متمركزة في مناطق مرتفعة، ونجحت في رصد القوات مبكراً فبادرت بإطلاق وابل من الرصاص على القوات بشكل مكثف، ما أسفر عن إلحاق أضرار وخسائر بالغة بجميع أفراد المأمورية الأمنية».
من جهة ثانية، يؤكد اللواء طارق المهدي، عضو المجلس العسكري السابق - وهو أيضاً محافظ سابق للوادي الجديد التابعة للصحراء الغربية -، أن «معظم العناصر الإرهابية التي تنفذ عمليات ضد أكمنة شرطية أو عسكرية في الصحراء الغربية آتية من الخارج، وهي تستغل المساحة الشاسعة للصحراء وعدم وجود اتصالات للاشتباك مع القوات أو تنفيذ عملية إرهابية، كما حدث في واقعة الهجوم على حافلة المسيحيين، عندما هاجم المسلحون الحافلة في نقطة صحراوية تنقطع عندها الاتصالات ولا تسير فيها دوريات أمنية ونجحوا في ارتكاب فعلتهم الشنعاء».
وتابع: «بالطبع لا توجد معسكرات إرهابية أو تجمّعات دائمة هناك، ومن السهولة أن تكشفها الطائرات المصرية التي تقوم بدوريات أمنية على الحدود، إلا أن الطبيعة الجغرافية لتلك البقعة الكبيرة، تشكل بين الحين والآخر منطلقا مناسبا لترتيب عمليات إرهابية متنوعة على معظم المحافظات المصرية».

الحدود مدخل للإرهابيين
يبلغ طول الحدود بين مصر وليبيا نحو 1100 كيلومتر، ويقع العبء الأكبر في تأمينها على الجانب المصري بسبب ضعف إمكانيات الجيش الليبي في الشرق، وانشغاله بمحاولة فرض الأمن والاستقرار وهزيمة الجماعات الإرهابية داخل عموم ليبيا.
وكما يوضح اللواء سمير فرج، رئيس الشؤون المعنوية السابق بالقوات المسلحة المصرية، فإن «ليبيا تمثل خطرا مباشرا للأمن القومي المصري»، ويستطرد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً كبيراً من العناصر الإرهابية الآتية من عدة دول في العالم، وتقاتل حاليا في ليبيا، يحاول الدخول إلى الأراضي المصرية عبر المناطق الحدودية الهشة».
وباستثناء السلوم وسيوة، لا توجد مدن أو أي تجمّعات سكانية على طول الحدود المصرية الليبية. وتعدّ منطقة بحر الرمال - بمحاذاة الحدود مع ليبيا - التي يبلغ طولها نحو 150 كيلومترا وعرضها نحو 75 كيلومترا، أصعب ممر للعبور إلى داخل مصر.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية أعلنت مصر عن إحباطها عدداً من عمليات إحباط تهريب أسلحة وسيارات دفع رباعي عبر الحدود مع ليبيا. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب حادثة حافلة أقباط المنيا، في مايو الماضي، إن «مصر تمكنت خلال العامين الماضيين من تدمير ألف سيارة دفع رباعي حين حاولت التسلل من ليبيا».
الإعلان عن إحباط تهريب أسلحة وتدمير سيارات دفع رباعي آتية من ليبيا، ازداد بشكل ملحوظ خلال العام الحالي، إذ أعلنت القوات المسلحة خلال مايو الماضي عن تدمير القوات الجوية المصرية 15 سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة على الحدود المصرية داخل ليبيا في عملية عسكرية استمرت قرابة الـ48 ساعة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن إحباط محاولة مشابهة لتهريب أسلحة عبر الحدود مع ليبيا، بعد تدمير القوات الجوية 12 سيارة دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر.
ويوم 23 أكتوبر الحالي أعلن الجيش إحباط القوات الجوية محاولة جديدة لاختراق الحدود الغربية، وتدمير 8 سيارات دفع رباعي محملة بكميات من الأسلحة والذخائر والمواد الشديدة الانفجار، والقضاء على العناصر الإرهابية الموجودة بداخلها. وذكر أن ذلك يأتي «مع استمرار تنفيذ القوات الجوية وعناصر حرس الحدود مهامهما بكل عزيمة وإصرار لتأمين حدود الدولة ومنع أي محاولة للتسلل أو اختراق الحدود على الاتجاهات الاستراتيجية كافة»، بالتزامن مع أعمال التمشيط والمداهمة للدروب والمناطق الجبلية لتتبع العناصر الإرهابية المنفذة للهجوم الإرهابي بمنطقة الواحات، واستمرارا للجهود المبذولة لتأمين حدود الدولة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية.

تفاؤل بقرب الحسم
أخيراً، العقيد صابر يرى أنه رغم ضخامة العملية الإرهابية الأخيرة، فإنها «ستكون سبباً في القضاء بشكل كامل على العناصر الإرهابية في المنطقة بشكل عاجل». وهو يعتقد أن القوات المسلحة والفرق الأمنية «أحكمت قبضتها على المنطقة الجبلية بشكل كامل وبسطت سيطرتها على الأرض، وجارية حالياً عمليات ملاحقة المتهمين في الدروب الجبلية من أجل القضاء عليهم»، مؤكدا أنه «من السهل على القوات اصطياد تلك العناصر نظراً لوجودهم في ظهير صحراوي مكشوف بدلاً من أن يكونوا مختبئين في مناطق سكنية يصعب التعامل العسكري فيها». وحقاً، افتتحت مصر في يوليو الماضي «قاعدة محمد نجيب» العسكرية بمدينة الحمام، في محافظة مطروح بشمال غربي مصر، وهي القاعدة التي توصف بأنها الأكبر عسكريا في مصر وشمال أفريقيا، فيما بدا كمحاولة للتعامل مع الخطر القادم من الغرب.

أبرز الهجمات الإرهابية في مصر خلال عام 2017
شهد عام 2017 سلسلة هجمات استهدفت في معظمها قوات الأمن في شمال سيناء، إضافة إلى تجمّعات مسيحية متفرقة. ورغم سقوط عدد من الشهداء فإن قوات الأمن نجحت في تكبيد الجماعات المسلحة خسائر فادحة أيضاً.
> 9 أبريل (نيسان): تفجيران انتحاريان متزامنان يضربان كنيستي مار جرجس في طنطا والكاتدرائية المرقسية في الإسكندرية، أسفرا عن مقتل 46 شخصا وإصابة 126 آخرين، تبناهما تنظيم داعش.
> 19 أبريل: مقتل شرطي وإصابة أربعة في هجوم بالقرب من دير سانت كاترين بجنوب سيناء.
> 14 مايو: مقتل عسكريين مصريين، بينهم مقدم، في هجومين منفصلين بشمال سيناء.
> 26 مايو: هجوم مسلح على الطريق الصحراوي الغربي، استهدف عشرات الأقباط كانوا يستقلون 3 حافلات في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل في محافظة المنيا، وأسفر الهجوم عن مقتل 28 شخصاً وإصابة 24 آخرين.
> 18 يونيو: مقتل ضابط شرطة وإصابة 4 في انفجار عبوة ناسفة بالعاصمة المصرية القاهرة.
> 8 يوليو: مقتل 23 وإصابة 32 من الجيش المصري في هجمات بسيارات مفخخة في شمال سيناء.
> 9 أغسطس: مقتل 4 رجال شرطة مصريين في هجوم مسلح بشمال سيناء.
> 11 سبتمبر: مقتل 18 شرطيا في هجوم على قافلة أمنية بمدينة العريش كبرى مدن شمال سيناء.
> 13 أكتوبر: مقتل ستة مجندين وإصابة أربعة في هجوم بمدينة العريش.
> 15 أكتوبر: مقتل ستة جنود في هجوم على حاجزين للجيش في شمال سيناء.
> 20 أكتوبر: 16 قتيلا من الشرطة في مواجهات بين الأمن ومسلحين في الواحات بالصحراء الغربية.


مقالات ذات صلة

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.