الحلم الأميركي يتحول إلى كابوس في فيلم جورج كلوني الجديد

الرواية والمسرح شاركا السينما في نقده

مات دامون وجوليان مور في «سبربيكون» - ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت»،
مات دامون وجوليان مور في «سبربيكون» - ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت»،
TT

الحلم الأميركي يتحول إلى كابوس في فيلم جورج كلوني الجديد

مات دامون وجوليان مور في «سبربيكون» - ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت»،
مات دامون وجوليان مور في «سبربيكون» - ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت»،

يختار الممثل والمخرج جورج كلوني أن يفتتح فيلمه الجديد «سَبربيكون» Suberbicon بتعريفنا على بلدة جميلة وادعة (بذلك الاسم) تتمتع بألوان زاهية ومنازل مرتبة على جانبي شوارع نظيفة وتحت شمس ساطعة. بلدة متاحة لذوي الدخل المتوسط (الذي هو أعلى من الدخل المتوسط لمجتمعات أخرى) سارع الناس لشراء المنازل وإقامة المتاجر بسبب رخص كلفتها والوعد الذي تحمله برخاء واستقرار بعيداً عن زحمة المدن الكثيفة ومشاكلها.
العام هو 1959، السنة التي التقطت فيها صور تذكارية في حفل عشاء حضره الزعيمان دوايت أيزنهاور ونيكيتا خروتشيف (وزوجتاهما). وهي السنة التي تم ضم ألاسكا وهاواي كولايات أميركية.
السينما احتفت بفيلمي «النفخة الـ400» لفرنسوا تروفو و«هيروشيما حبي» لألان رينيه. وهي أيضاً السنة التي تقدّمت فيها السينما اليابانية ذاتها بخطوات واثقة تمثلت بأربعة أفلام، اثنان منهما ليوسوجيرو أوزو وهما «صباح الخير» و«عشب طافٍ» واثنان آخران لمواطنه كون إيتشيكاوا هما «حريق في السهل» و«شغف غريب».
لا يتعاطى «سَبربيكون» بالطبع مع ما كان يحدث خارج أميركا، بل لا يتعاطى مع ما كان يحدث في أميركا ذاتها. إنه عن وضع مغلق على نفسه يريد أن يعيش الحياة بسعادة ويعتقد أنه يفعل ذلك جيداً. لا قلق. الكثير من الكياسة والابتسامات. الرجل يعمل. الزوجة تخدم في البيت. الأولاد يلعبون ويذهبون إلى المدرسة. صورة نظيفة تماماً.

مفادات

... وهي أيضاً صورة بيضاء تماماً. هذا إلى أن يخدشها وصول عائلة أفرو - أميركية جاءت لتقطن في بيت واحد يقع في البلدة ذاتها وسط جيران سعداء إلى ذلك الحين. هناك زلزال وقع حين اكتشف الجيران أن البيت القريب في الشارع ذاته يؤول الآن لزوجين وابنهما والثلاثة ذوو بشرة سوداء. شعروا بأنّ هناك خللا كبيرا في الحياة وقع. أن الصورة الباهية التي رسموها لتلك البلدة ثقبت والصفحة البيضاء حطت عليها لطخة سوداء. بالتالي لا يمكن تحقيق الحلم الأميركي الموعود بوجود عنصر غير متفق عليه يعيش جنباً إلى جنب الغالبية.
في نهاية الفيلم تذكر سيدة لمراسل تلفزيوني جاء يحقق في جرائم قتل ارتكبها رجل أبيض بحق أسرته البيضاء أن مثل هذه الجريمة لم تكن لتقع لولا وجود عائلة سوداء. بذلك يقفل المخرج كلوني الفيلم على صياغة صورة على حلم أميركي تحوّل إلى كابوس أو ربما لم يكن سوى حلم غير محقق أساساً.
لكن العلاقة بين الجريمة التي ارتكبها غاردنر لودج أولاً بقتله زوجته ثم بقتله موظف التأمين ولاحقاً شقيقة زوجته قبل أن يهم بقتل ابنه، وبين العائلة السوداء التي انتقلت لتبني حياتها كما يحق لها أن تفعل ليست موجودة. فلا أدنى علاقة بين هوس غاردنر (بن أفلك) والعائلة السوداء التي أحاط بها البيض لترويعها وحملها على مغادرة البلدة. ما قالته تلك الشخصية الثانوية في نهاية الفيلم لا يعدو سوى انعكاس للغل الذي شعرت به، كسواها، جراء الشعور بأن عليها قبول مشاركة عنصر آخر للحلم الأميركي الذي اعتقدت أنها تعيشه.
من بين مفادات أخرى، يبرز موضوع الحلم الأميركي الكبير فوقها جميعاً. الفيلم كله عنه ومن جانبين: الزوج الأبيض الذي حلم بالمزيد من المال يرثه عن زوجته التي استأجر من يقتلها لحسابه، والعائلة السوداء التي حطت في البلدة ذاتها. هذا الجانب الثاني هو أكثر من قضية عنصرية أخرى من تلك التي تأتي عليها الأفلام كثيراً هذه الأيام. هو عن رغبة الالتحاق بالحلم الكبير الذي، يومئ الفيلم، ليس موجوداً وربما ليس ممكناً في الواقع.

الرقص حلماً

بهذا يشارك الفيلم عدداً كبيراً من الأفلام التي تناولت موضوع الحلم الأميركي. مات دامون كان في واحد منها عنوانه «أرض موعودة» (غس ڤان سانت، 2012)، حيث يصل الموظف للقيام بدوره مستكشفاً إمكانية استثمار المصادر الطبيعية للبلدة الصغيرة لاستغلالها كموارد نفطية. في الوقت الذي يعتقد أن يبني مستقبلاً صناعياً، يكتشف أنّه يقضي على حياة ازدهرت ببساطتها وتآلف معها على هذا النحو سكانها.
‫هذا لا يبدو موضوعاً وثيق الاتصال بالحلم الأميركي وتداعياته إلى أن ندرك أنّ الفيلم إنّما يقصد القول إنّ الشركات الكبرى تطحن في سعيها لتحقيق حلمها الخاص كل الأحلام الصغيرة التي لا يوجد من يحميها. وهذا ما نراه ماثلاً في «وول ستريت» (أوليڤر ستون، 1987) و«ذئب وول ستريت» (مارتن سكورسيزي، 2013) و«شبكة اجتماعية» (ديفيد فينشر، 2010). ‬
في الحقيقة نجد «سَبربيكون» لكلوني شبيه بفيلم سبقه بنحو 20 سنة اسمه «بلزنتڤيل» لغاري روس (لاحقاً «لعبة الجوع») حيث يخترق مراهقون جدار الزمن منتقلين إلى الخمسينات. لا يود هؤلاء البقاء في الأمس المتخلف لكن وجودهم هو مثل وجود العائلة الأفرو - أميركية في فيلم جورج كلوني من حيث أنه يهدم الاعتقاد السائد من أن بلدة بلزنتڤيل مبنية على دعائم قوية تفرز إنجازات الحلم الكبير.
وقبل كل ذلك قام أورسن وَلز بتقديم «المواطن كين» سنة 1941، لكن هذا الفيلم الرائع يقدم حياة رجل بالغ الثراء يحقق حلمه الأثير بالثراء والسلطة. لكن وكما في الكثير من الأفلام الشبيهة التي تدور حول هذا الصنف من الرجال (بينها النسخ السينمائية المختلفة لرواية «غاتسبي العظيم») يكتشف كين هشاشة ما بناه.
لا يتوقف الحال عند أفلام تعايش رجالاً حققوا الحلم ثم تراجعوا عنه كما حال ليوناردو ديكابريو في «ذئب وول ستريت»، بل هناك تلك الأفلام التي تعاملت مع الطبقة التحتية التي عاشت وانتهت حالمة من دون أن تحقق شيئا. في هذا الصدد يأتي فيلم سيدني بولاك «يطلقون النار على الجياد، ألا يفعلون؟» (1969) نموذجاً فريداً إلى اليوم: مباراة في الرقص على حلبة واسعة يؤمها كل الحالمين بجائزتها ستمنح للثنائي الذي سيواصل الرقص لساعات وساعات من دون توقف إلى حين توقف باقي الراقصين والراقصات. جين فوندا ومايكل سارازين يحتاجان تلك الثروة. لا يعرفان بعضهما البعض مسبقاً، لكن الحلم بالرغد يجمع ما في تلك الحلبة المحاطة بالمتفرجين.
الموضوع في واقعه شاسع، لأن الولايات المتحدة بُنيت على أساس قدرة الفرد (أو عدم قدرته) بناء مستقبله بمفرده. يعود الوضع إلى سنوات الغرب الأميركي عندما سمحت الحكومة للمواطنين التسابق صوب أراضي ما وراء نهر المسيسيبي لبناء مستقبلهم. كل من يصل إلى حيز من الأرض قبل سواه، ستمنح له. السباق يبدأ بطلقة نار لتنطلق المركبات والخيول في غزو فعلي لذلك الحلم المترائي. البعض يسبق سواه والبعض يكتفي بأول قطعة أرض وصل إليها بينما يمضي البعض الآخر لما هو أفضل. والبعض الثالث يتهاوى على الطريق ويخفق في استحواذ شبر واحد من تلك الأرض.
وهو موضوع شاسع أيضاً لأن الكثير من المؤلفات والمسرحيات والأفلام بنيت عليه («موت بائع متجول» وما قبله وبعده) لكن وسيلتا دخوله كانت غالباً عبر ممرين: أولئك الذين يحاولون دخوله وأولئك الذين دخلوه. وفي الغالب وجدت هوليوود أن الحديث عن الحلم ككابوس هو أكثر صدقاً من الحديث عنه كواقع.
سنجد أن بعض كبار المخرجين الأميركيين، مثل جون فورد، روبرت موليغن، ستانلي كوبريك، روبرت ألتمن، تشارلي تشابلن، ألان ج. باكولا وهال أشبي، تداولوا الحلم وكشفوه فإذا به حلم العالم أجمع بثراء يولد ثراء ولو أنه قد لا يولد هناء.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.