خامنئي: الحضور الإقليمي عمق استراتيجي للنظام

المرشد الإيراني يطالب بالتعامل الأمني مع قضية الاقتصاد

المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط قادة القوات المسلحة الإيرانية في كلية الإمام علي التابعة للجيش وسط طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط قادة القوات المسلحة الإيرانية في كلية الإمام علي التابعة للجيش وسط طهران (موقع خامنئي)
TT

خامنئي: الحضور الإقليمي عمق استراتيجي للنظام

المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط قادة القوات المسلحة الإيرانية في كلية الإمام علي التابعة للجيش وسط طهران (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط قادة القوات المسلحة الإيرانية في كلية الإمام علي التابعة للجيش وسط طهران (موقع خامنئي)

جدد المرشد الإيراني علي خامنئي، موقفه الرافض لـ«التفاوض والمساومة» حول البرنامج الصاروخي وحضور إيران الإقليمي، وذلك قبل ساعات من نقاش مجلس النواب حول مشروع يفرض شروطا صارمة على تنفيذ الاتفاق النووي.
واعتبر خامنئي خلال خطاب في حفل تخرج دفعة جديدة من ضباط الجيش، أمس، حضور إيران في عدد من دول المنطقة «مصدر غضب وإزعاج للأعداء».
وقال خامنئي في هذا الصدد: «في المنطقة وخارج المنطقة يعارضون تنامي قوة إيران بين الشعوب؛ لأن القوة العمق الاستراتيجي للنظام الإسلامي»، وأضاف: «مثلما قلنا مرات عدة، نعلن مرة أخرى، الإمكانات الدفاعية غير قابلة للتفاوض، ونواصل طريق تنمية القوة»، بحسب ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
ورغم معارضة الدول الأوروبية خطوة ترمب بتأكيدها الالتزام بالاتفاق النووي، فإنها وعدت الأسبوع الماضي بتوجيه دعوة إلى طهران للتفاوض حول دورها الإقليمي وتطوير الصواريخ الباليستية.
في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي رفض ترمب التصديق على امتثال إيران للاتفاق النووي، ويتعين على الكونغرس الأميركي «رفع عيوب الاتفاق» في فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين.
وتقول إدارة ترمب: إن «طهران لم تحترم روح الاتفاق النووي»، في حين ترفض طهران ربط حضورها الإقليمي وبرنامج الصواريخ بالاتفاق النووي.
تأتي تصريحات خامنئي بعد أيام قليلة من مطالبة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال زيارته إلى الرياض، القوات الإيرانية مغادرة العراق مع قرب نهاية تنظيم داعش.
وارتفعت حدة انتقادات الإدارة الأميركية على مدى الشهر الماضي حول دور إيران، وذلك بعدما وقّع ترمب بداية أغسطس (آب) الماضي قانون العقوبات الجديد ضد كوريا الشمالية وإيران وروسيا.
وطالب خامنئي القوات العسكرية الإيرانية بتشديد الأوضاع الأمنية في إيران، مؤكدا أنها شرط تقدم إيران في مجالات الاقتصاد والصناعة والعلوم.
وسار خامنئي على منوال خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني الاثنين الماضي، الذي أعلن رفض إيران التنازل عن تطوير برامج الصواريخ ودورها الإقليمي.
وكان روحاني بموازاة توجيه رسائل خارجية إلى الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وجّه رسائل داخلية إلى خصوم الاتفاق النووي، واعتبر حكومته «تتجه في المسار الصحيح»، مطالبا بنبذ الخلافات الداخلية وعدم إضعاف دور حكومته من قبل الأجهزة الأخرى.
وتفاخر روحاني بدور إيران في منطقة الشرق الأوسط، وقال: «أين انتصر الاستكبار؟ لماذا أصبح في هذه الحالة ويجول في دول المنطقة ويذهب هنا وهناك؟ اليوم عظمة إيران أكثر من أي وقت مضى». وأضاف: «أين من الممكن اتخاذ قرار حاسم في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا والخليج دون أخذ الموقف الإيراني في الاعتبار؟».
وفي رد ضمني على ما ذكره روحاني حول الخلافات الداخلية، عاد خامنئي مرة أخرى إلى انتقاد الوضع الاقتصادي في البلاد، مشددا على أن «أهم قضية في البلد معيشة الناس والاقتصاد». وقال خامنئي: «يجب أن يتحول بناء الاقتصاد إلى بنيان أمني»، مضيفا أن «اقتصاد البلد غير آمن بسبب ارتباطه بالموارد النفطية»، ووصف الاقتصاد القائم على مبيعات النفط بأنه «مشكلة تاريخية» في إيران.
وأوضح خامنئي، أن تأكيده على أمن الاقتصاد في مكان أمني (كلية الجيش) يأتي «لتوضيح أهمية الأمن في كل المجالات».
ومن شأن تصريحات خامنئي حول أهمية الاقتصاد والأمن أن تعطي دفعة لنشاط الحرس الثوري والأجهزة العسكرية في الاقتصاد الإيراني.
وانتقد روحاني خلال العام الماضي في مناسبات عدة تدخل الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني. في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أمس، أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو سيزور طهران في سياق زيارات مسؤولي الوكالة إلى إيران.
وصرح قاسمي أن أمانو سيبحث مع المسؤولين الإيرانيين تعاون الوكالة في المجالات المختلفة على رأسها القضايا المرتبطة بالاتفاق النووي والإشراف على البرنامج النووي الإيراني والتعاون النووي.
واعتبر قاسمي توقيت زيارة أمانو إلى طهران «دعما قويا للاتفاق النووي» من الوكالة الدولية في وقت توجه واشنطن تهما إلى بلاده بخرق الاتفاق النووي، بحسب ما نقل عنه موقع الخارجية الإيرانية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».