الجزائر تمنع كتباً ومؤلفات إيرانية من المشاركة في معرضها للكتاب

الجزائر تمنع كتباً ومؤلفات إيرانية من المشاركة في معرضها للكتاب
TT

الجزائر تمنع كتباً ومؤلفات إيرانية من المشاركة في معرضها للكتاب

الجزائر تمنع كتباً ومؤلفات إيرانية من المشاركة في معرضها للكتاب

منعت السلطات المعنية بقطاع الثقافة في الجزائر العشرات من الكتب المروجة للفكر الطائفي من المشاركة في «الطبعة 22 للصالون الدولي للكتاب»، الذي ينطلق اليوم بالضاحية الشرقية للعاصمة ويستمر حتى الخامس من الشهر المقبل.
وقال محافظ «الصالون» حميدو مسعودي لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤلّفات التي تم حظرها «تحرض على الطائفية والعنف، وتتعارض مع المذهب المالكي الذي يتبعه غالبية الشعب الجزائري». ورفض التطرق لعناوين الكتب المرفوضة «حتى لا يتم الترويج لها مجاناً»، فيما تفيد مصادر مطّلعة على القضية بأن الكتب المعنية بالإقصاء من إنتاج دور نشر إيرانية. وأوضح حميدو أن «لجنة القراءة» بوزارة الشؤون والدينية «كانت بالمرصاد للكتب المعنية، وتمت مصادرتها في الميناء، وأبلغت دور النشر المعنية بتلك الكتب بأنها لن تشارك في التظاهرة الثقافية».
وأفاد المسؤول بأن نحو 100 كتاب، تحفظت عليه وزارة الثقافة بذريعة أنها «تثير مشكلات أمنية وطائفية، وهذا شيء معمول به حتى في البلدان التي سبقتنا في مجال حرية التأليف والتعبير والصحافة والمعتقد»، مشيراً إلى إقصاء دور نشر من المشاركة في الموعد الثقافي «لأنها تمجد الإرهاب وتحرض على الفتنة والتفرقة وتخدش الحياء وتدعو إلى العنف». ورفض مسعودي الخوض في التفاصيل. يشار إلى أن الصالون افتتحه أمس رسمياً، رئيس الوزراء أحمد أويحيى وسيفتح أبوابه اليوم لزواره الذين يرتقب أن يتجاوز عددهم المليونين، بحسب مسعودي الذي تابع: «بلدان عريقة في مجال التأليف وحرية التعبير والصحافة، تمنع هي أيضاً بيع الكتب التي من شأنها المساس بالأمن والاستقرار بها». وزار «الصالون» العام الماضي 1.5 مليون.

وتتعامل الحكومة بحساسية بالغة مع النشاط الثقافي في البلاد، خصوصاً ما تعلَق بالمؤلفات الدينية والسياسية. وتم منع نحو 10 كتاب من إلقاء محاضرات في «الصالون»، بحجة أن بعضهم «يمجِّد الاستعمار الفرنسي في كتاباته»، والبعض الآخر هاجم بشدة المؤسسة العسكرية، والرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدعوته إلى التنحي عن الحكم. ومن أشهر هؤلاء المثقفين، محمد حربي ودحو جغبال المقيمين بفرنسا.
ويعرف «صالون الكتاب» كل سنة إقبالاً كبيراً من مختلف الفئات، من الطفل الصغير إلى المثقف والروائي والوزير والدبلوماسي. ورغم المساحة الكبيرة التي تخصص عادة لـ«الكتاب العلمي»، فإن اللافت هو كثافة المؤلفات الدينية والمهتمة بالتراث التي تحقق مبيعات قياسية، بحسب القائمين على المعرض، من مسؤولي وزارة الثقافة.
وقد أعلنت السلطات الجزائرية العام الماضي أنها منعت عرض 400 كتاب في «الصالون الدولي للكتاب»، قبل انطلاقه «بسبب تعارض مضامينها مع الأخلاق والقانون ومبادئ المجتمع والدولة»، بحسب ما جاء من تبريرات على ألسنة مسؤولين حكوميين. وهي كتب روَجت للتطرف ومؤلفات تبشيرية تبدي السلطات حيالها حساسية كبيرة.
وتتحفظ السلطات في كل مرة، عن الكشف عن أسماء مؤسسات النشر التي طالها الحظر، بدعوى أن ذلك سيمنحها فرصة رفع دعاوى قضائية ضدها، بحجة الإساءة لسمعتها. وترى السلطات أن الكتاب الديني كان سببا مباشرا في تغذية العنف الذي فجرته جماعات محسوبة على التيار الديني المتطرف مطلع تسعينات القرن الماضي، الذي ما زالت البلاد تعيش تداعياته حتى اليوم. وتشهد المكتبات المسجدية والفضاءات التي تنتشر فيها الكتب، مراقبة شديدة من طرف «لجان مراقبة» للحؤول دون انتشار مواد تدعو للجهاد في أوساط الشباب. وسبق لمصالح الأمن أن صادرت كتباً وأقراصاً مضغوطة تتضمن إجراءات فنية للتدريب على استعمال السلاح والمتفجرات والأحزمة الناسفة.


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».