الفلبين: الحياة تعود بحذر إلى مراوي المحررة من {داعش}

الأسر العائدة إلى المدينة تتلقى دروساً في رصد القنابل

عائدون وصلوا إلى مراوي أمس (أ.ف.ب)
عائدون وصلوا إلى مراوي أمس (أ.ف.ب)
TT

الفلبين: الحياة تعود بحذر إلى مراوي المحررة من {داعش}

عائدون وصلوا إلى مراوي أمس (أ.ف.ب)
عائدون وصلوا إلى مراوي أمس (أ.ف.ب)

بدأ سكان مدينة مراوي، في جنوب الفلبين، حيث خاض أنصار تنظيم داعش معارك دامية على مدى 5 شهور، بالعودة أمس، إلا أنهم قوبلوا بأصوات إطلاق النار، إذ مشط الجنود الأحياء المدمرة بحثاً عما تبقى من المسلحين. وأعطى معلمون فلبينيون، أمس، درساً للأسر العائدة إلى مدينة مراوي المدمرة، بشأن كيفية رصد القنابل التي لم تنفجر في منازلهم، ونبهوهم لضرورة إبقاء المنازل خالية من القنابل.
وتحولت المدينة إلى حطام بسبب القتال الذي استمر 5 شهور لاستردادها من متشددين موالين لـ«داعش»، وأعلنت الحكومة نهاية العمليات العسكرية أول من أمس، في أكبر أزمة أمنية تواجهها الفلبين منذ أعوام، مما يسمح ببدء جهود إعادة البناء والتأهيل. ولقن المعلمون الأطفال وآباءهم كيفية رصد قذائف الهاون والقنابل والصواريخ «والعبوات البدائية الناسفة» التي لم تنفجر في قراهم.
واستخدمت قوات الأمن القصف المدفعي والضربات الجوية لطرد المسلحين الذين صمدوا أمام هجوم استمر لمدة 154 يوماً، عن طريق تخزين كميات ضخمة من الأسلحة، بما في ذلك القنابل. وشملت تحذيرات المعلمين رسومات لأطفال فضوليين يطرقون قنابل ويحاولون إشعال النار بها. وأعلن مسؤولون في وزارة الدفاع، أول من أمس، أن المعارك التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1100 شخص، وخلفت دماراً واسعاً في النصف الشرقي من مراوي، انتهت بعد اشتباك أخير وقع في مسجد، حيث قتل عشرات المسلحين.
واحتل المسلحون مراوي، عاصمة المتشددين الفلبين التي يشكل الكاثوليك غالبية سكانها، في 23 مايو (أيار)، في ما اعتبره الرئيس رودريغو دوتيرتي ومحللون أمنيون محاولة لتأسيس قاعدة لتنظيم داعش في جنوب شرقي آسيا. وقالت جمالية لومونتونغ (40 عاماً)، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، وهي تسير مع بعض أقاربها إلى حيهم، حيث وقعت معظم العمليات القتالية: «نحن خائفون، ولكننا نريد الاطمئنان على منازلنا»، وأضافت أن منزلها نجا رغم تعرضه إلى النهب، متابعة: «اختفى كل ما يمكن حمله من تلفزيونات وحواسيب محمولة». ولم يكن هناك إلا بضعة عشرات من المدنيين صباح أمس على أطراف شرق مراوي المدمر، حيث لا تزال تُسمع أصوات إطلاق نار وانفجارات بين الحين والآخر
لكن نائب قائد قوات مراوي، الكولونيل روميو براونر، أكد أن الأصوات لا تعني تجدد القتال.
وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن مردها تمشيط الجنود للمباني، بحثاً عن مسلحين قد يكونون مختبئين، فيما تفجر القوات الحكومية القنابل التي زرعها المتطرفون. وقال براونر: «قد يكون هناك بعض المسلحين الذين بقوا في المكان، ولذا فإن إطلاق النار جزء من عمليات التمشيط، إذ إنه في حال وجدت حفر وأنفاق (في المباني)، فإن الجنود يطلقون النار بشكل تجريبي في الحفرة، قبل أن يفتشوها باستخدام الأضواء الكاشفة». أما في النصف الغربي من المدينة الذي لم يشهد قتالاً، فبدأ مئات السكان بالعودة.
وقال رجل الأعمال غونارانكو ماباندي (46 عاماً)، لوكالة الصحافة الفرنسية، فيما وقف قرب نقطة تفتيش تابعة للجيش: «أشعر بخليط من السعادة والحزن. أنا سعيد لأنه بات بإمكاننا العودة، ولكني حزين لما حل بمدينتي».
وأعيد فتح المتاجر الصغيرة التي تبيع حاجات منزلية وأطعمة، لكن السلطات أعلنت أنه لا يزال على الجيش إعطاء السكان الضوء الأخضر للعودة، خوفاً على سلامتهم.
وحتى إذا عادوا، فإن أجزاء واسعة من المدينة غير قابلة للعيش، حيث يتوقع أن يحتاج برنامج إعادة تأهيل تبلغ كلفته عدة مليارات أعواماً لاستكماله، بحسب مسؤولين حكوميين محليين وعمال إغاثة.
وحذر دوتيرتي خلال الأيام الأخيرة من أنه حتى مع هزيمة المسلحين في مراوي، قد يكون هناك من يتخفى في مدن مجاورة أو في مناطق أخرى في جنوب الفيليبين، حيث قد يتم التخطيط لشن هجمات جديدة.
وقال رئيس عمليات الصليب الأحمر الفلبيني في مراوي، إيريك الاكرون، إن كثيراً من السكان قد لا يعودون أبداً إلى المدينة بسبب المخاوف الأمنية، أو لأنهم لن يتمكنوا من العيش في الأحياء المدمرة.
وفي هذا السياق، قال: «هناك كثير من العوامل: البعض خائف من أن فترة السلام قصيرة قبل تجدد القتال»، وأضاف أن «البعض يبحث عن مصدر رزق وعمل تجاري جديد؛ قد يرغبون بالعثور على مكان يمكنهم من الاستمرار في أعمالهم».
وأعلن دوتيرتي الأحكام العرفية في أنحاء الثلث الجنوبي من الفلبين، حيث يعيش 20 مليون شخص ومعظم أفراد الأقلية المسلمة في البلاد، مباشرة بعد اندلاع النزاع في مراوي. ورأى الرئيس حينها أن الحكم العسكري ضروري للسيطرة على انتشار العنف والتطرف المستوحى من، أو الذي يقوده، تنظيم «داعش». ولم يتم بعد رفع الأحكام العرفية، رغم انتهاء القتال.
من جهتها، قالت زبيدة صديق، وهي ربة منزل تحضر التدريب: «هذا يساعدنا كآباء على الفهم، وتعليم أطفالنا ألا يلمسوا القنابل، أو يقتربوا منها». وقالت السلطات إن 920 متشدداً، و165 من قوات الأمن والشرطة، وما لا يقل عن 45 مدنياً، قتلوا في النزاع الذي تسبب أيضاً في تشريد أكثر من 300 ألف شخص. وقال لومينوج مانوجا، مدير مدرسة في مراوي تشرف على التدريب، إنه من المهم تعليم الناس المخاطر. وأعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي تحرير مدينة مراوي في الأسبوع الماضي، رغم عدم انتهاء القتال فعلياً. وقال يوم الأحد إن من المهم التحلي بالحذر لأنه لا توجد دولة نجحت في التخلص من مخالب شر «داعش».


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا، وجّه إردوغان تحذيراً صارماً لمقاتلي الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج الشراكة قائمة على تعزيز التعاون وتوسيع التنسيق حيال الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

«تلغرام» و«اعتدال» يزيلان 100 مليون محتوى متطرّف

تمكن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة النشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة 100 مليون محتوى متطرف

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

أكد المحققون الفيدراليون أن العسكري الذي قضى انتحارا في شاحنة صغيرة من طراز «سايبرتراك» خارج فندق ترمب بمدينة لاس فيغاس الأميركية، كان يعاني اضطرابا

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس (الولايات المتحدة))
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.


«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.