«الصحة العالمية» تتراجع عن تعيين موغابي سفيراً للنوايا الحسنة

بعدما أثار القرار حالة من الغضب والصدمة

رئيس زيمبابوي روبرت موغابي (أ.ف.ب)
رئيس زيمبابوي روبرت موغابي (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية» تتراجع عن تعيين موغابي سفيراً للنوايا الحسنة

رئيس زيمبابوي روبرت موغابي (أ.ف.ب)
رئيس زيمبابوي روبرت موغابي (أ.ف.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية اليوم (الأحد) في بيان إنها سحبت تعيين رئيس زيمبابوي روبرت موغابي سفيرا للنوايا الحسنة وذلك بعد أن عبر مانحون غربيون وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان عن الغضب والصدمة من ذلك القرار.
وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية في بيان إنه استمع لمن عبروا عن مخاوفهم.
وأضاف في بيان نشره عبر حسابه على «تويتر»: «على مدى الأيام القليلة الماضية فكرت في قرار تعييني سيادة الرئيس روبرت موغابي سفيرا للنوايا الحسنة للأمراض غير المعدية في أفريقيا. ونتيجة لذلك قررت إلغاء التعيين».
وكان تيدروس قد أعلن يوم الأربعاء عن اختيار موغابي للمنصب الشرفي إلى حد كبير وذلك خلال اجتماع عالي المستوى للأمراض المزمنة انعقد في أوروجواي يوم الأربعاء وحضره موغابي.
وأشاد تيدروس في كلمته وقتها بزيمبابوي «كبلد يضع التغطية الصحية العالمية والنهوض بقطاع الصحة في قلب سياساته لتوفير الرعاية الصحية للجميع».
لكن تيدروس الذي عاد إلى جنيف قال في تغريدة على «تويتر» مساء أمس السبت إنه «يعيد النظر في ذلك في ضوء قيم منظمة الصحة العالمية».
وقال عدة موظفين حاليين وسابقين في المنظمة إنهم شعروا بالاستياء مما وصفوه «بسوء الحكم والتقدير» من تيدروس الذي انتخب كأول مدير عام أفريقي للمنظمة في مايو (أيار).
وقالوا إن موغابي ترأس الاتحاد الأفريقي وقت تصديقه على ترشيح تيدروس، وهو وزير صحة وخارجية سابق في إثيوبيا، مفضلا إياه عن مرشحين أفارقة آخرين للمنصب دون أي حوار أو منافسة تذكر.
ويتهم الغرب موغابي بتدمير اقتصاد زيمبابوي وبانتهاك حقوق الإنسان خلال قيادته البلاد على مدى 37 عاما كرئيس أو رئيس للوزراء.
ووصفت الحكومة البريطانية اختيار موغابي بأنه «مفاجئ ومخيب للآمال» وقد يلقي بظلاله على عمل المنظمة على الساحة العالمية. وهو رأي شاركتها فيه الولايات المتحدة.
وقال مسؤول في قطاع الصحة طلب عدم ذكر اسمه «عليه (تيدروس) أن يتذكر من أين يأتي تمويله». والولايات المتحدة هي أكبر مانح منفرد لمنظمة الصحة العالمية.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.