إردوغان يطلع بوتين على الانتشار التركي في إدلب

السفارة الأميركية في أنقرة: أوجلان شخصية غير جديرة بالاحترام

TT

إردوغان يطلع بوتين على الانتشار التركي في إدلب

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين آخر تطورات الملف السوري والجولة المقبلة لمباحثات آستانة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وتطورات الانتشار التركي في منطقة خفض التوتر في إدلب.
وقالت مصادر في رئاسة الجمهورية التركية أمس إن إردوغان وبوتين اتفقا خلال اتصال هاتفي بينهما، مساء أول من أمس، على مواصلة التعاون الوثيق والتنسيق بين البلدين في القضايا الإقليمية. وأضافت المصادر أن الرئيسين التركي والروسي بحثا استمرار التنسيق في مباحثات آستانة وإقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، وأكدا ضرورة زيادة التنسيق لحل الأزمة السورية. وأشارت المصادر إلى أن إردوغان عرض وجهة نظره حول الاجتماع المقبل لمحادثات آستانة المزمع عقده نهاية شهر أكتوبر الحالي.
في سياق متصل، أكد وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي أن إطلاق بلاده عملية في محافظة إدلب السورية، يأتي في إطار مواجهة المخاطر الإرهابية المحدقة بتركيا، لافتاً إلى أن العملية جاءت في إطار الاتفاق المنبثق عن مباحثات آستانة. وأضاف وزير الدفاع التركي أن تهديدات «وحدات حماية الشعب» الكردية لتركيا مستمرة، «ولن يهدأ لنا بال حتى نزيل هذا التهديد».
وتتزامن تصريحات الوزير التركي مع تقارير عن خطة عسكرية تركية للسيطرة على منبج وعفرين وإبعاد مسلحي «وحدات حماية الشعب» إلى شرق الفرات بعد أن جرى تطويق عفرين عبر عملية نشر نقاط المراقبة التركية في منطقة خفض التوتر في إدلب على بعد نحو 3 أو 4 كيلومترات من مناطق سيطرة الوحدات الكردية في عفرين.
وانتقد جانيكلي، بشدة، في تصريحات أمس، دعم الولايات المتحدة للميليشيات الكردية في سوريا بأحدث أنواع الأسلحة والعتاد، لافتاً إلى أن واشنطن قدمت أكثر من 3 آلاف و500 شاحنة محملة بالأسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية.
وعبر جانيكلي عن استغرابه لمواصلة واشنطن تسليح الميليشيات الكردية على الرغم من تطهير قسم كبير من الأراضي السورية والعراقية من تنظيم داعش الإرهابي، الذي كانت واشنطن تتذرع به لتقديم السلاح لوحدات حماية الشعب الكردية.
من جانبه، أكد رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار، أنه تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة أي تهديد يطول أمنها، على خلفية التطورات التي تشهدها كل من سوريا والعراق. وأضاف: «نواصل فعالياتنا لمواجهة أي تهديدات تنجم عن التوتر الأمني هناك».
وأشار أكار في تصريحات مساء أول من أمس، إلى استمرار عمليات القوات المسلحة التركية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، من أجل مراقبة وقف إطلاق النار وإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
إلى ذلك، واصلت أنقرة انتقاداتها الموقف الأميركي من قيام عناصر من تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامه، برفع صور زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في ميدان رئيسي في الرقة بعد تحريرها من «داعش». وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، إن «الإرهابيين» أعلنوا وجودهم في مدينة الرقة السورية برفع صور زعيم حزب العمال الكردستاني، خلافاً لمزاعم الولايات المتحدة حول عدم وجود «إرهابيين» بالمدينة، على حد قوله.
وأضاف أن «الإرهابيين» في سوريا الذين رعتهم الولايات المتحدة كذّبوها، «فهم (الأميركان) يقولون لا يوجد إرهابيون هنا (في الرقة)، إلا أن حزب العمال الكردستاني يصرخ ويقول: نحن هنا لا تقولوا إننا لسنا هنا»، من خلال رفعه صور زعيمه هناك. وأشار إلى وجود خطة لتشكيل «حزام إرهابي» شمال سوريا يصل إلى البحر المتوسط، يشكل تهديداً كبيراً على أمن تركيا.
وقال إن «هناك خطوات لازمة يجب علينا اتخاذها، ولذلك أوضحت تركيا موقفها وهي محقة به حتى النهاية من أجل إيقاف موجة الهجرة إليها من سوريا، ومنع تشكيل حزام إرهابي هناك».
في السياق ذاته، قالت السفارة الأميركية في أنقرة في تعليق على رفع صور أوجلان في الرقة السورية، إنه «شخصية غير جديرة بالاحترام». وأشارت في بيان، أمس، إلى أن الموقف الأميركي واضح بشأن اعتبار تحرير الرقة مكسباً لجميع السوريين. وأضافت: «ينبغي تجنب الأعمال التي قد تزيد من التوتر أو التي يمكن اعتبارها عدوانية».
وأكدت أن «الإدارة الأميركية تعمل مع أنقرة عن كثب في مواجهة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المنطقة»، مشيرة إلى أن «حزب العمال الكردستاني مدرج على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وأوجلان مسجون في تركيا بسبب الأنشطة الإرهابية المرتبطة بالمنظمة، وهو شخصية غير جديرة بالاحترام».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.