«القوات» و«المردة» لتجاوز «زلة لسان» زوجة جعجع... و«رفض نبش الماضي»

TT

«القوات» و«المردة» لتجاوز «زلة لسان» زوجة جعجع... و«رفض نبش الماضي»

كانت زلّة لسان النائب في «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع كافية لتعيد نبش قبور الحرب اللبنانية على مصراعيها، وتظهر مدى الانقسام الذي لا يزال قائماً بين مناصري الحزبين المسيحيين الخصمين، «المردة» برئاسة النائب سليمان فرنجية و«القوات اللبنانية» الذي يرأسه سمير جعجع، رغم الجهود التي يبذلها مسؤولو الطرفين منذ سنوات للتقارب وتنظيم الخلاف السياسي.
من هنا يبقى السؤال اليوم إلى أي حد قد «يفرمل» كلام جعجع هذه الجهود، وهي التي استجابت لطلب «المردة» بالاعتذار موضحة كلامها ومعلنة حرصها «على العلاقات الطيبة التي يتم بناؤها حجراً فوق حجر بين (المردة) و(القوات) التي تكللت بالنجاح حتى الآن»، الأمر الذي أكده أيضاً «رئيس القوات» معوّلاً على وعي قيادات الطرفين.
وقال «رئيس القوات» إنه «في أواخر السبعينات وللأسف مررنا في (الشمال المسيحي) بساعة تخلي، (في إشارة إلى مجزرة إهدن) أدت إلى جُرح ما كان أحد منا يريده، كما استشهاد مجموعة من رفاقنا، ومنذ ذلك الحين حتى اليوم يُحاول بعض المفضلين من الجانبين تسكيره إلى أن توصلنا في آخر ثمانية أشهر، وبفضل القيادة الحالية لـ(تيار المردة)، وبفضل المسؤولين في (القوات اللبنانية) توصلنا إلى مداواته»، مؤكداً: «الجرح لن يُفتح من جديد لأن الوعي عند قيادة (المردة) وقيادات (زغرتا) والوعي عندنا هو الذي منع أي أحد أن يستفيد مما حصل».
وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من مسؤولي «المردة» باستثناء طلب الاعتذار، يؤكد النائب في «القوات» أنطوان زهرا، «أن الجهود المستمرة منذ العام 2006 بين الطرفين، التي نتجت عنها نتائج إيجابية ستستكمل، ولن تتأثر بكل محاولات من أراد الاصطياد في المياه العكرة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقة بين (المردة) و(القوات) لن تعود إلى نقطة الصفر، ولدى الطرفين الوعي الكافي لعدم الذهاب في الاتجاه السلبي أو نبش الماضي، كما يعرف الجميع أن هناك من استغل كلام جعجع لإشاعة الأجواء السلبية، وكي يقطف في السياسة لا سيما قبل الانتخابات النيابية لكن توضيحها كما كلام (رئيس القوات) قطع الطريق أمام هؤلاء». ونفى زهرا علمه بأي اتصال جرى بين قيادات الحزبين بعد سوء التفاهم الذي حصل، قائلاً كذلك «أعتقد أن كلام النائب جعجع ورئيس (القوات) يكفي عن كل ما يمكن قوله في هذا الإطار»، من دون أن ينفي إمكانية عقد لقاء بين رئيسي «الحزبين»، أجاب «لا شيء يمنع حصوله إنما كل شيء في وقته». وعن التحالف الانتخابي بين الطرفين، أوضح: «التواصل والمباحثات مستمرة والأجواء مريحة، لكن لا شيء مؤكد لغاية الآن كما لا خصومة دائمة ولا تحالف دائم».
ويوافق النائب عن «تيار المردة» سليم كرم، زهرا، واصفاً كلام جعجع بـ«هفوة وزلّة لسان»، وداعياً إلى «عدم تحميلها أكثر من ذلك، حرصاً على التقارب الذي قلص الهوة بين الحزبين»، معتبراً في حديث لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن «النائب جعجع اعترفت بخطئها واعتذارها كاف».
وعن المدى الذي بلغه الانفتاح بين «القوات» و«المردة»، وإمكانية عقد تحالف انتخابي بين الطرفين، لفت إلى أن «في السياسة لا عداوة دائمة بل مصالح دائمة، ونحن نعمل انطلاقاً من مصلحتنا»، مشيراً إلى أن «دائرة الشمال الأولى ستشهد معركة سياسية طاحنة نظراً لانعكاس نتائجها على الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مضيفاً: «يجب أن تقوم التحالفات الاستراتيجية على الانسجام في حده الأدنى، اليوم بدأنا نسترجع الانقسام بين 14 و8 آذار من جديد، الأمر الذي سيكون له وقع كبير على اللوائح الانتخابية المشكّلة، من هنا أستبعد أن تتحالف (المردة) مع أطراف بعيدة عن هويتها السياسية كالقوات»، مشيراً إلى أن «التقارب مع (القوات) حصل على أساس أن المصيبة تجمع، ولكن ليس بالضرورة أن ينعكس ذلك انتخابياً».
مع العلم أنه وفي وقت وضع البعض كلام النائب جعجع في خانة «الانتخابي»، لا سيما أنه جاء ضمن الزيارة الانتخابية التي تقوم بها مع زوجها «رئيس القوات» إلى أستراليا، كانت لقاءات عدة قد عقدت بين مسؤولين في الحزبين اللذين تجمعهما مصالح انتخابية في دائرة «بشري - زغرتا - البترون - الكورة» (وفق القانون الجديد)، التي ينظر إليها على أنها معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، بشكل أساسي بين كل من فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الذي كان قد خسر الانتخابات النيابية السابقة في دائرة البترون، وهو ما قد يصعّب مهمته هذه المرة إذا حسم القرار بتحالف «المردة» و«القوات».
وكانت جعجع ظهرت في مقطع فيديو خلال لقائها وفداً من عائلة آل طوق من بشري، في أستراليا قالت فيه: «حين تعرفت إلى الحكيم (زوجها سمير جعجع) ودخل إلى منزلنا قال لي والدي: هيدا الشب ما فيه منو لأنه زغرتاوي أصيل ونزل دعوسلي على الزغرتاوية (أهل زغرتا)»، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الفعاليات السياسية في المنطقة الشمالية، واستهجن «المردة» ما صدر على لسان النائب جعجع «من كلام مهين ومن حقد دفين لا يطالنا نحن فحسب بل ينال من كرامة كل أبناء زغرتا الزاوية»، وطالب «القوات» بالاعتذار.
والمعروف أن هناك خصومة تاريخية بين بلدة زغرتا التي تشكل معقل «تيار المردة» وبلدة بشري، في حين أن الخصومة السياسية بين فرنجية وجعجع تنطلق من الحرب الأهلية، وتحديداً اتهام «المردة» جعجع بالمشاركة في مجزرة إهدن عام 1978 التي أودت بحياة والد فرنجية ووالدته وشقيقته، وهي التي كانت محور السجال الذي اندلع على خلفية كلام جعجع، والتي عادت وأكّدت أنها استعادت كلام والدها من باب الدعابة، ولم يكن المقصود منه جرح مشاعر أهالي زغرتا أو التعرض لهم.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.