السودان «ممتن» لدعم الرياض القوي في رفع العقوبات الأميركية

وزارة الخارجية أكدت وجود تقدم في مفاوضات الانضمام إلى «التجارة العالمية»

عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية
عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية
TT

السودان «ممتن» لدعم الرياض القوي في رفع العقوبات الأميركية

عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية
عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية

شكر وكيل وزارة الخارجية السوداني، عبد الغني النعيم، السعودية على دورها في القرار الأميركي لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، مؤكداً أن السودان «ممتن لهذا الدعم».
وأكد النعيم أنه بمجرد رفع العقوبات، اتصل الرئيس السوداني عمر حسن البشير مباشرة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وشكرهما على دعمهما القوي للسودان وجهودهما لرفع العقوبات عنه، وشدد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن السودان «ممتن ومقدّر لهذا الدعم».
وأدلى وكيل وزارة الخارجية السوداني بهذه التصريحات خلال زيارة له إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث ترأس النعيم وفد بلاده في الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي السوداني - البريطاني. وأشاد بالنتائج «المشجعة والإيجابية» لهذه الدورة، مؤكداً أن الجانبين اتفقا على التعاون في المجالين التجاري والاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية للسودان، وتشجيع الشركات البريطانية على الانخراط في شراكاتٍ مع القطاع الخاص بالبلاد.
واعتبر النعيم هذه الجولة ذات أهمية خاصة، لانعقادها بعد 10 أيام من إعلان رفع العقوبات الأميركية عن السودان و4 أيام فقط من بدء تطبيق رفع القيود عن أكثر من مائتي شركة ومؤسسة ومصرف سوداني. وأوضح النعيم أنه وجد في لقائه مع نيل ويغان، مدير الإدارة الأفريقية بالخارجية البريطانية، ومسؤولين بريطانيين آخرين، تجاوبا كبيرا في استعداد لندن لمساعدة السودان في مرحلة ما بعد رفع العقوبات، عبر بناء القدرات والخبرات ودعم الإصلاح الاقتصادي والمساعدة في جذب الاستثمارات الأجنبية. وتابع النعيم أن الجانبين البريطاني والسوداني اتفقا بهذا الصدد على إرسال خبراء بريطانيين لبناء وتعزيز القدرات من جهة، وإيفاد كوادر سودانية إلى بريطانيا من جهة أخرى، فضلا عن تشجيع القطاع الخاص.
وانطلق الحوار الاستراتيجي في عام 2015، وينعقد مرتين في السنة في الخرطوم ولندن تباعا. ويهدف الحوار، وفق النعيم، إلى بحث العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك التي تشمل التنمية والتجارة والاستثمار وحقوق الإنسان وبحث السلام في جنوب السودان ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وعن الجهود السودانية لرفع العقوبات، لفت النعيم إلى خطة «المسارات الخمسة» التي شملت: مكافحة الإرهاب والسلم والأمن الإقليميين، ووقف العدائيات في مناطق النزاع، وإحلال السلام في جنوب السودان، وأخيراً إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالنزاع. وأوضح النعيم أنه تم تطبيق هذه الخطة عبر فريقين «الأول وزاري برئاسة وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، والثاني فني برئاسة وكيل وزارة الخارجية»، على حد قوله.
وتابع أن جميع الجهات السودانية ذات صلة شاركت في تطبيق الخطة، وعقدت اجتماعات دورية بين وزير الخارجية والمبعوث الأميركي الخاص دونالد بوث. وقيّمت هذه الاجتماعات التقدم في تطبيق المسارات الخمسة عبر مؤشرات قياس.
وعن مرحلة ما بعد رفع العقوبات، تحدّث النعيم عن عمل فريق سوداني مفاوض على انضمام الخرطوم إلى منظمة التجارة العالمية، مؤكداً أنه تم «قطع مراحل كثيرة في المفاوضات الفنية»، مستدركاً أن عملية التفاوض قد تأخذ وقتاً طويلاً مع الشركاء الدوليين. وقال النعيم إن بلاده تعمل على إقناع الشركاء الدوليين لانضمام السودان إلى التجارة والاقتصاد العالميين، لافتا إلى الدور الذي يلعبه الخرطوم في الحفاظ على الاستقرار والسلام الإقليميين، عبر استقبال أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ معظمهم من الجنوب والدول المجاورة، ومشاركته في دعم الشرعية في اليمن وتعاونه الأمني مع تشاد لوقف الهجرة غير الشرعية والمتاجرة بالبشر عبر الحدود.
وفي إطار التحديات التي يواجهها السودان ما بعد العقوبات، شدد النعيم على أهمية الدور العربي والدولي في تدعيم الاقتصاد السوداني وتخفيض مستويات البطالة والتضخم واستقرار العملة، متوقعا «طفرة تنموية» في السودان بعد رفع أكبر عائق أمام نموه الاقتصادي. ولفت النعيم إلى خطة اعتمدتها وزارة الخارجية تقوم على تفعيل دور السفارات السودانية عبر العالم للتعريف بالبيئة الاستثمارية للسودان، وشجع رجال الأعمال العرب والدوليين لزيارة السودان «في أقرب فرصة لمعاينة الفرص المتاحة والمساهمة في نهضة الاقتصاد السوداني».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.